من كانت له حيلة كان لابد أن يحتال لمجابهة غول الغلاء الفاحش غير المبرر في عالم الزينة النسائية من خصلات الشعر إلى أخمص القدمين. والذكاء في أفكار تجار تلك السوق الرابحة ابتدأ بمشاغل تصفيف الشعر والاعتناء بتزيين المرأة من الرأس لأظافر أخمص القدم، ومروراً بخياطي الملابس ومصمميها، وكذلك الدعايات التلفزيونية عن الكريمات والأجهزة للتنحيف أو التسمين، والشد أو الصنفرة، والتبييض أو التسمير، والإعلانات الملصقة والموزعة والمدسوسة بين صفحات الإعلام المقروء، وختاماً عمليات التجميل التي راج سوقها دون مراعاة حتى لحلال وحرام ، حتى بات تشابه الصور واضحا، ولا ننسى سوق المواقع الإلكترونية وأقسام العناية بالجمال فيها. والمهم إنه قد شدتني تلك الفكرة التجارية المدروسة بنجاح الذي قرر فيها والد إحدى الفتيات أن يأخذ ابنته في كل مرة ليحلق عفواً أقصد يقص شعر الفتاة وفق آخر الموضات عند الحلاق الرجالي لأسباب كثيرة منها: أن لا مجال للمقارنة بين مبلغ (10ريالات) التي ستخرج من جيبه بعد عملية تسوية شعر رأس الصغيرة، وبين المبلغ الذي سيدفع في مشغل نسائي إذ ما أخذتها والدتها إليه، والذي في أقل تقدير سيكون (50 ريالاً)، أضف أن إمكانيات الحلاقين أفضل، بوضعهم مقاعد على هيئة ألعاب الملاهي خاصة بالأطفال، والتي ستعمل مع هيبة الوالد عند طفلته وستتكفل بإنهاء المهمة بسلام دون صياح وصراخ، وشد وجذب قد يميل منها خط سير المقص، أو تستفز المصفف. وكما أنه لم يعد من امتيازات أكثر هناك بالمشاغل فالإستشوار موجود، والجل والرغوة، والفرد إن لزم الأمر عند الحلاق، والفرق في التكلفة المخدوع بها عواطف النساء، واستغلال سرعة استسلامهن. .. وصاحبنا والد البنت قرر القيام بمشروع استثماري لها بوضع حصالة يجمع فيها فرق التكلفة للصغيرة، كتحدٍ مع والدتها، لاستغلاله حين سيحتاجانه بعد أن يمنعها سنها من دخول محلات الحلاقة الرجالية، وأتذكر أيضاً الكاركتير الرائع لمهندس الصورة الكاركتيرية، وصانع الضحكة من القلب، رسامنا المتألق (عبدالسلام الهليل) فلا تزال الفكرة عالقة في ذهني، وصورة المرأة بشعر كشعاع الشمس في رسومات أطفالنا، وسؤالها لزوجها رأيه بالتسريحة ورده عليها، والأجمل بطاقة السعر المتدلية من شعرها. بنفس الهرج مع كثير من العفوية تستنزف جيوبهن، وبطريق غير مباشر جيوب الرجال أيضاً، ولكي نخفف وقع المصاب على أنفسنا وتأثير تلك الأحداث، فلنتغنى بأن (الجمال) سلعة باهظة الثمن على نفس المرأة والرجل على حد سواء، هو يريدها، وهي تحب أن تصنعها، لذا فالغالي يدفع في الغالي، وما ارتفع قدره زاد ثمنه فلا مشكلة.