دخلت تركيا في حرب اعصاب سياسية مع الولاياتالمتحدة حين اشارت الى انها سترجيء اتخاذ قرار بشأن السماح لقوات امريكية بالانتشار في اراضيها تمهيدا لهجوم محتمل على العراق بانتظار ان تعرف كم ستدفع واشنطن ومتى تقبض الثمن. وقال رئيس الوزراء التركي عبدالله جول للصحفيين امس الاول خلال قمة طارئة للاتحاد الاوروبي بشان العراق ان حكومته لن تطلب من البرلمان التصويت على فتح قواعد عسكرية لقوات امريكية كما سبق ان اعلنت. واوضح جول في مؤتمر صحفي انه سيرجئ نقل الامر للبرلمان قائلا لن نتوجه الى البرلمان التركي. لدينا بعض المخاوف تتعلق بموضوعات اقتصادية وسياسية وعسكرية. يتعين طمأنة الحكومة التركية بشانها اولا. وكانت الولاياتالمتحدة قد ذكرت بوضوح انها تتوقع صدور قرار من البرلمان يوم امس بشأن السماح بنشر قوات في (جبهة شمالية) ثانوية يقول خبراء عسكريون انها ستجعل اي عمل ضد العراق أسرع وأقل تكلفة بالنسبة لواشنطن. وقال دبلوماسي غربي هناك خطة لا تشمل جبهة شمالية.. الامريكيون ربما يكونون يقتربون من النقطة التي يتعين عليهم عندها اتخاذ قرار هناك. انهم يشعرون ان الوقت قصير. وقال جول في وقت سابق انه سيتحدث مع مسؤولين في واشنطن لتسوية الخلافات ونسب اليه متحدث باسم الحكومة اليونانية قوله لرئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس ان مشروع القرار سيعرض على البرلمان (خلال الايام القليلة القادمة). وقال وزير الخارجية ياشار ياقش ان بلاده لن تسمح لقوات امريكية بالانتشار في اراضيها دون الاتفاق على المساعدات المالية. وقال ياقش لوكالة انباء الاناضول الرسمية لن تدرج مسالة ارسال الاقتراح الى البرلمان على جدول الاعمال الا بعد التوصل الى اتفاق. لا يمكنني تحديد موعد لان علينا التوصل الى اتفاق اولا. وعند الحدود العراقية قالت مصادر عسكرية ان مسؤولين عسكريين امريكيين واتراك يعقدون اجتماعات مع جماعات كردية عراقية تسيطر على شمال العراق. وقال شهود عيان انهم رأوا طائرة هليكوبتر تتجه الى قاعدة تابعة للجيش لاجراء محادثات تهدف الى تخفيف حدة التوتر بين تركيا والاكراد العراقيين التي قد تعوق اي عمل امريكي. وأكد جول على ان انقرة سيكون عليها في نهاية المطاف ان تساند اقرب حلفائها في حلف الاطلسي غير انها تسعى للحصول على ضمانات لامنها. واذا اخفقت انقرة في التوصل الى اتفاق مع واشنطن بسرعة فستلغى الجبهة الشمالية ومعها برنامج مساعدات امريكي من شانه تجنيب الاقتصاد التركي الوقوع في ازمة. وصرح جول للصحفيين قبل مغادرة انقرة (هناك نقاط بعينها نوليها اهمية). وأضاف دون التوصل الى اتفاق حول تلك النقاط اعتقد ان من الصعب اقناع البرلمان. وتسعى تركيا للحصول على مساعدات مالية يقول محللون انها قد تتراوح بين اربعة مليارات و15 مليار دولار او تزيد عن ذلك للتخفيف من الاثر الاقتصادي لاي حرب. ونقلت وكالة الاناضول للانباء عن وزير الاقتصاد علي بابكان قوله هناك مسائل في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية نختلف بشانها. نطلب مستندات واضحة تماما وكاملة لازالة اي شك. وكان بابكان وياقش قد عقدا اجتماعا مع الرئيس الامريكي جورج بوش الاسبوع الماضي عرض بوش خلاله برنامج المساعدات المقرر. وذكر مصدر امني في ديار بكر ان طائرتي نقل امريكيتين هبطتا يوم الاحد في القاعدة الجوية الرئيسية في المدينة الواقعة في جنوب شرق تركيا. ويبلغ العدد الاجمالي للجنود الامريكيين الموجودين هناك لتحديث منشات بموجب اتفاق مع تركيا نحو الف جندي. ويبدو ان تركيا لها وجهة نظر مختلفة بشان احتمال قيام قواتها بدور في شمال العراق. ففي الوقت الذي تسعى فيه لتجنب القتال فهي ترغب في استمرارها مستقلة عن اي قيادة لتحالف دولي في مراقبة الاحداث وضمان عدم قيام أي دولة كردية مستقلة في منطقة لا تخضع لسيطرة بغداد منذ عام 1991. وتخشى تركيا قيام دولة كردية هناك خلال الفوضى التي قد تحدثها الحرب مما قد يشعل مجددا النزعة الانفصالية لدى اكراد تركيا والتي أسفرت عن سقوط نحو 30 الف قتيل. كما يقابل الشكوك التركية شكوك من جانب الاكراد الذين يخشون من احتمال استغلال انقرة لاضطرابات قد تنتج عن نشوب حرب في المنطقة لترسيخ سلطتها. وصرح مصدر عسكري لرويترز بان اثنين من كبار المسؤوليين في جماعتين كرديتين تديران شمال العراق هما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني التقوا يوم الاثنين بقادة عسكريين امريكيين واتراك في سيلوبي قرب الحدود العراقية. وقال المصدر انهم يبحثون الموضوعات المختلفة التي قد تطرا خلال عملية في العراق. ستشرح القوات المسلحة فضلا عن ذلك نوع الاجراءات التي تعتزم اتخاذها خلال عملية محتملة. والقوات التركية موجودة في شمال العراق منذ التسعينات لحماية الاقلية التركمانية ولتعقب متمردين اكراد انسحبوا الى المناطق الجبلية هناك.