خلال السنوات الماضية كان سلوك المستهلك المحلي يتأثر بحركة الاحوال الجوية، ان بردا فبرد وان حرا فحر، لا رأى له ولا قرار، مثله مثل حركة المد والجزر، ذلك خلال سنوات الطفرة، حينما كانت الرياح تحرك كل شيء، الموضات، والموديلات والصرعات والاعلانات، والكلمات المعسولة, كانت كفيلة بدفع اي مستهلك محلي للشراء، بدون حساب ولاكتاب، ولا مبالاة. لكن هذه الحالة - كما يبدو - توقفت، وصارت اسيرة مجموعة من الكوابح، وتسيطر عليها فرامل التوقف والشرود والرغبة في الترشيد، ترشيد الاستهلاك الذي بات شعارا في كل مكان، مما يؤكد انه حالة اجتماعية، شبه عامة. لكن هذه الحالة - وللحق - ليست نابعة بالضرورة من ازمة مادية، او من تراجع في المستوى المعيشي، وان كان هذا الابرز والاظهر، بدليل ان كثيرا من المستهلكين المحليين لايعانون شيئا من هذا القبيل، الا ان شعار الترشيد قائم لديهم وبقوة، ربما اكثر من الفئات الاقل دخلا، والتي تعاني حقا من ازمة مادية حقيقية. وبلاشك ان هذا الوضع جاء نتيجة وعي استهلاكي جيد جدا، وهو الشيء الطبيعي الذي ينبغي ان يسود، ويمارسه الكل ، فليس من الطبيعي ان تسود ثقافة الاسراف والصرف غير المنطقي وغير المعقول. عدا ان هناك سؤالا جادا يثار هنا وهو : هل نستطيع ان نسير في هذا الدرب، ونستقيم عليه، خاصة في ظل الرسوم الكثيرة ا لتي تفرضها البلديات وشركة الكهرباء والمرور وشركة الاتصالات وسوف يأتي البريد ومصلحة المياه.. فهل نحن في زمن الترشيد الرشيد، ام الترشيد المفروض؟!