حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة المياه..القادم أسوأ إذا لم نعاقب «المسرفين»!
المملكة في المرتبة الثالثة عالمياً في استهلاك الفرد

تحتل المملكة المرتبة الثالثة عالمياً في مستوى استهلاك الفرد للمياه -بعد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا-، وهو ما يظهر أن الاستهلاك عالٍ؛ قياساً بندرة المياه، ووقوع المملكة ضمن النطاق الجاف، إلى جانب الاعتماد على محطات التحلية كمصدر رئيس لتوفير المياه -تعد المملكة أكبر منتج للمياه المحلاة عبر ثلاثين محطة حكومية، نصفها انتهى عمره الافتراضي-، كذلك غياب الثقافة والوعي بأهمية الترشيد في الاستهلاك، حيث إن هناك هدراً يرقى لمستوى الجريمة، وهو ما يتطلب سن تشريعات تحمي هذه الثروة.
ومسؤولية الاستهلاك العالي للمياه لا يتحملها الفرد فقط، كون هناك جهات أخرى تقع عليها مسؤولية الارتفاع، ومن ذلك «هيئة المواصفات والمقاييس» بما يسمح باستيراد وتصنيع أجهزة وأدوات تسهم في الترشيد، إلى جانب ضرورة تعريف المستهلك بالكلفة الحقيقية للتر الماء؛ حتى يدرك المواطن أن مايدفعه هو مبلغ رمزي لا يساوي شيئاً أمام الموازنات الضخمة المرصودة لإنتاج المياه عبر محطات التحلية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة، إلاّ أن أسباب انقطاع المياه، وتحديداً في فصل الصيف راجع إلى غياب الإدارة المتكاملة للمياه، وإهمال الوزارة لمصادر أخرى، مثل مياه الأمطار -التي لم تستغل عبر خزانات في أماكن تجمعها-، إضافة إلى المياه المعالجة ثلاثياً، وغياب التخطيط للمواسم المقبلة، وافتقاد المدن للخزن الإستراتيجي، وغياب الصيانة المبكرة لمحطات التحلية. «ندوة الثلاثاء» تناقش أزمة المياه، وأسباب الانقطاع، وغياب ثقافة الترشيد في الاستهلاك.
معدل استهلاك عال
في البداية، أكد «د. الغامدي» أن كل شخص يدرك أن الماء شيءٌ ثمين في الحياة، ما يعني يقيناً أنه سلعة غالية وناضبة يجب الحفاظ عليها بمعدلات استهلاك أقل من الحالية المرتفعة جداً، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني أن نضيق في استعمال الماء للضروريات لأن هذا حق مشروع ومن أجله تم توفير المياه المحلاة، ولكن ليس بإسراف وهدر يمكن الاستعاضة عنه بمياه غير محلاة لاسيما في المصانع وتشييد العمائر والمسابح وري الحدائق المنزلية وغسيل المنازل وغيرها من الاستخدامات.
وقال: «لدينا معدلات استهلاك عالية للمياه، تبين هدر غير مسؤول، بل ويصل إلى مستوى الجريمة مثل ما يتعلق بالمياه المتسربة من دون استخدام مثل المياه الفائضة من الخزانات ثم تتحول إلى مستنقعات في الشوارع، كما أن العديد من الاستخدامات لا تستدعي الغسيل بمياه محلاة، ونحن إذ نحذر من هدر المياه فإننا لا نقيد استخدام الماء في الأوجه المشروعة بترشيد وتعقل».
مقارنة جغرافية
ويرى «عادل عبده» أن وضع المياه في المملكة يتطلب إدراك ندرتها وعدم المقارنة بين الدول التي تقع على أنهار أو بها وفر مائي، ذاكراً أن المياه العذبة في الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تستخدم إلاّ للشرب والطهي، بينما لدينا قد تصل كمية المهدرة من الصنبور إلى 20 لتر أثناء الوضوء، ما يدلل على معدل الاستهلاك العالي لدى الفرد.
وأثنى على تجربة تركيب أدوات الترشيد في بعض المساجد لتقليص الكميات المهدرة من المياه، مطالباً بتعميم التجربة على المنازل، إضافة إلى تطوير الأدوات الحالية لترشيد الاستهلاك، منوهاً بضرورة منع استيراد الأدوات الصحية رديئة الصنع وأهمها «العوامات» لكونه تلفها يتسبب في طفح المياه من خزاناتها.
نحتاج إلى شبكتين الأولى محلاة للشرب والطهي والأخرى «مُعَالجة» للاستخدامات الثانوية
جهات مسؤولة
وتداخل «د. المطيري» قائلاً إن مسؤلية الاستهلاك العالي للمياه لا يتحملها الفرد فقط، لكون هناك جهات أخرى تقع عليها مسؤولية الارتفاع، محملاً «هيئة المواصفات والمقاييس» مسؤلية تشريع مواصفات تضمن استيراد وتصنيع أجهزة وأدوات تسهم في الترشيد وتتناسب مع وضع المياه لدينا، مطالباً الجهات القائمة على الاستيراد بمنع دخول ما يخالف هذه المواصفات ومصادرة الموجود في الأسواق، مشيراً إلى أن الأسباب الأخرى للاستهلاك العالي للمياه هي استخدام المياه المحلاة لغير أغراض الأكل والشرب والاستحمام، على الرغم من إمكانية الاستعاضة عنها بالمياه المعالجة، إضافة إلى التسريبات في شبكة المياه المنزلية نتيجة لإهمال أو سوء تنفيذ وصيانة، ذاكراً أن أدوات الترشيد المتوفرة حالياً تعتبر محدودة الفائدة، في ظل تطور أدوات الترشيد.
المملكة أكبر منتج للمياه المحلاة
المرتبة الثالثة
وكشف «د. الدوعان» أن المملكة تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في مستوى استهلاك الفرد للمياه، بعد الولايات المتحدة وكندا، ما يدل على أن الاستهلاك عالي قياساً بندرة المياه والاعتماد على محطات التحلية كمصدر رئيس لتوفيرها في ظل أن المملكة تقع ضمن النطاق الجاف، على الرغم من أن المملكة تعتمد بشكل كبير على محطات التحلية كمصدر رئيسي لتوفير المياه، مشيراً إلى أن شُح المياه وقلة الأمطار قضية أزلية ليست وليدة اليوم، والحديث الشريف ينهى عن الإسراف، وبالتالي يجب الحرص على هذه سر الحياة وهو الماء.
وقال: «لو قارنا بين استهلاك الفرد في الدول الاسكندنافية نجد أن استهلاك الفرد لا يتجاوز 80 ليتر يومياً، بينما استهلاك الفرد في مدينة جدة مثلاً حسب مصادر (شركة المياه الوطنية) يصل إلى 250 لتر يومياً، بل إن دراسات موثقة تؤكد وصول استهلاك الفرد في المملكة إلى 386 وهذه النسبة توازي استهلاك الفرد في أمريكا، وهذا مؤشر على إسراف وهدر كبير جداً في الاستهلاك.
د.الغامدي: المستهلك غير واعٍ بخطر الإسراف
ووجه اللوم على الجهات المعنية سواء أكانت «وزارة المياه» أم غيرها من الجهات جراء قصور برامج الترشيد وغياب ثقافة الترشيد بأهمية المياه لدى كثير من المستهلكين، متسائلاً عن قلة الحملات الإعلامية والإعلانية التي ترسخ ثقافة الترشيد لاسيما في أوقات الذروة لترشيد المستهلكين، إلى جانب توزيع أدوات الترشيد لكل منزل مجاناً، إضافة إلى تركيبها في المنشآت العامة كالمدارس والمساجد والمستشفيات والجامعات وكافة المرافق العامة والخاصة، داعياً إلى إلزام المستوردين والمصنعين للأدوات الصحية بمواصفات تحد من استهلاك المياه، إلى جانب متابعة ما يباع في الأسواق من أدوات تساعد في الهدر المائي.
انقطاع المياه راجع إلى غياب «الإدارة المتكاملة» للأزمة وإهمال مياه الأمطار و«المعالجة ثلاثياً» وافتقاد المدن للخزن وغياب الصيانة
تشريعات ترشيد
وعلّق «د. المطيري» على ما ذكره «د. الدوعان» مبيناً أن سبب غياب الترشيد يعود في الأساس إلى غياب التشريعات من عدة جهات، مشيراً إلى معاناة كثير من الأفراد من نقص المياه تتطلب إيجاد جهات مشّرعة وأخرى مُنفّذ، وأخرى تحاسب وتراقب، حيث الترشيد عملية مستمرة تتطلب جهازاً متفرغاً لتحقيق أهداف الترشيد، مطالباً «مجلس الشورى» بسن التشريعات، إلى جانب تحمل «أمانات المدن» ووزارتي «التربية والتعليم» و»التعليم العالي» مسئولياتهم في الترشيد والتثقيف، مطالباً «الشركة الوطنية» أن تضع سياسات الترشيد ضمن استراتيجيتها.
وتداخل «د. الغامدي» قائلاً إن نشوء الثقافة الاستهلاكية نتيجة الطفرة المالية والاقتصادية التي مرت بها المملكة مع غياب البرامج الموجهة التي تضبط السلوك البشري.
د.الدوعان: نفتقد إلى معلومات حجم الاستهلاك اليومي
خطة ترشيد
ودعا «د. الدوعان» إلى ضرورة إيجاد إدارة متكاملة للمياه، حيث إن غياب خطة وطنية شاملة للمياه خلل يجب تداركه سريعاً، مؤكداً أن الملاحظ في الخطط الخمسية المتتالية، بدءاً من الخطة الخمسية السادسة حتى التاسعة أنها تتضمن توصيات بوجود خطة وطنية شاملة للمياه تتولى المتابعة للعرض والطب وقياس مستوى الاستهلاك ومتطلبات المياه على كافة الأصعدة زراعياً وصناعياً وعلى مستوى الأفراد، مما يتطلب من «وزارة المياه» التحرك لتدارك الخلل والاستعانة بالمراكز الاستشارية والبحثية.
وأضاف أن المراكز البحثية في مجال المياه للمعلومات تفتقد للمصادر، سواء كان ذلك في «شركة المياه الوطنية» أو في الوزارة نفسها، مبيناً أنهم في «مركز أبحاث المياه في جامعة الملك عبدالعزيز» يفتقدون إلى المعلومة؛ ما يعني أن الدراسات التي تجرى لن تحقق أهدافها في ظل الافتقاد للمعلومة الصحيحة؛ لأن لا أحد يعلم عن الوضع المائي الآن في المملكة نتيجة التكتم على المعلومات، وأقرب مثال على ذلك هو التضارب في رقم حجم الاستهلاك للفرد في المملكة.
وطالب «عادل عبده» الجهات المعنية بالتوعية والترشيد أن تستيقظ وتتحمل مسئوليتها في التوعية، مقترحاً تضمين فاتورة المياه مع الكهرباء، إلى جانب تحديد كمية الاستهلاك والاستفادة من التقنيات الحديثة في إيصال الفاتورة مثل البريد الالكتروني.
تكلفة حقيقية
واقترح «د. الغامدي» تعريف المستهلك بالكلفة الحقيقية للتر الماء؛ حتى يدرك المواطن أن ما يدفعه هو مبلغاً رمزياً لا يساوي شيء أمام الموزانات الضخمة المرصودة لإنتاج المياه عبر محطات التحلية، مبيناً أن الترشيد حقق نجاحات نسبية إلاّ الطموحات والأهداف المرجوة منه أكبر، على الرغم من أن الترشيد هو مسؤولية الجميع وليس مسؤلية الوزارة فقط، منوهاً أنها - أي وزارة المياه - ارتكبت خطئاً عندما اختصرت الترشيد في حملة ولم تجعله مستمراً.
تبعات الهدر
وذكر «د. المطيري» أن هدر الماء ينتج عنه تبعات على الاقتصاد نتيجة تزايد الاستهلاك مثل المصروفات التشغيلية والتوسع في إنشاء محطات التحلية، إضافة إلى الأضرار البيئية بزيادة مساحة الجفاف والتصحر وزحف الرمال، والترشيد ضرورة تتطلب توجه الدولة إلى العناية به وجعله أولوية من خلال استرتيجية تحقق أهدافه، مشيراً إلى أن أول خطوة يجب أن تتخذ هي استخدام وسائل ترشيد متقدمة جداً تطبق في دول عديدة والاستغناء عن أدوات الترشيد الحالية عديمة الجدوى، والخطوة الأخرى هي أن «شركة المياه» تتخلص من المياه المعالجة ثلاثياً في البحر، واصفاً ذلك بالهدر الاقتصادي الكبير، على الرغم من احتجاج الأرصاد وحماية البيئة إلاّ أنهم تحججوا بعدم وجود بنية تحتية للاستفادة منها، موضحاً أن الأضرار التي تصيب البنية التحتية خاصة مع عدم توفر صرف صحي مثل هبوط وتآكل الإسفلت وتصدعات المباني وتكون المستنقعات وبحيرات الصرف.
وطالب «د. المطيري» بالإفادة من مصادر المياه الأخرى مثل مياه الأمطار التي تكون مصدر نماء وخير بينما تتحول عندنا إلى أضرار وخسائر، مطالباً باستقطاب إدارة عالمية للماء في المملكة تستطيع أن تدير فكر أبناء الوطن نحو الحفاظ على الماء.
د.المطيري: أدوات الترشيد الحالية عديمة الجدوى
وفر اقتصادي
ولفت «د. الغامدي» إلى شأن مغاير، نحو الكلفة العالية لإنتاج وإيصال الماء إلى المنازل، موضحاً أننا لو استطعنا الحد من الاستهلاك العالي لحققنا وفراً اقتصادياً هائلاً على المدى القصير والطويل، والعكس صحيح حيث يمثل الهدر عبئاً ماليا كبير على موازنة الدولة، ولابد أن يعي المستهلك حجم استهلاك محطات التحلية من البترول الذي يصل إلى ثلث الانتاج، والأرقام في تزايد نتيجة الطلب الكبير على المياه، مبيناً أن الدراسات كشفت أن استهلاكنا 80% من البترول في السوق المحلي بعد عقدين من الزمن، ولا تزال أساليبنا لم تتجاوز الحث والتشجيع والاستعطاف بينما وصلنا إلى مرحلة تتطلب أن نقدم مصلحة الجميع ومصلحة الوطن على مصالح الأفراد ونتجاوز مرحلة دغدغة العواطف بالحديث عن عدم تحميل المواطن أي غرامات كسباً للتعاطف والشعبية.
وأضاف: «يجب أن نطالب بسن قوانين صارمة توقف العبث والهدر في الاستهلاك حتى لا يتضرر الجميع من انقطاع المياه، كما أن للإعلام دور في التعريف بالمخاطر والتحديات الناجمة عن الإسراف في المياه، وأطالب بتكثيف التوعية حتى تترسخ في أذهان المواطنين.
طوابير من العملاء للحصول على «وايت ماء»
ويرى «عادل عبده» أن كثرة أعداد الصهاريج التي يصل عددها بالآلاف تمثل هدراً اقتصادياً كبيراً، إضافة إلى ما تسببه من تلوث بيئي، داعياً إلى الاستغناء عنها من خلال تأمين المياه عبر الشبكة لتوفير الكثير من الجهد.
تكلفة عالية
ونوه «د. الدوعان» بالتكلفة العالية لإنشاء محطات تحلية «بناء وتشغيل وصيانة»، حيث أن الثلاثين محطة الحالية جزء منها انتهى عمره الافتراضي، ومع ذلك لا يمكن الاستغناء عنها نتيجة الطلب العالي، ما دفع إلى تشجيع الاستثمار في محطات التحلية حيث انشئت ثلاث محطات أهلية، ذاكراً أنه مهما أنشئت من محطات فلن يتم توفير احتياجاتنا من دون ترشيد، مقترحاً التوجه إلى الطاقة الشمسية وتقليل الاعتماد على البترول.
وعلّق «د. الغامدي» قائلاً: «يجب أن تتضمن الخطة الوطنية للمياه على مدى عقود طويلة جوانب التحول للطاقة البديلة وإدراجها في الموزانات العامة لتحقيق هذا الهدف والبحث عن تطوير مصادر الطاقة الشمسية الحالية إما بتقليل تكاليفها أو اختراع أساليب جديدة أكثر جدوى».
عادل: لم ندرك بعد معنى ندرة الماء في المملكة
ترشيد استهلاك
وذكر «د. الغامدي» أن بعض الدول المتقدمة يعلنون موسماً للجفاف حين يتوقف سقوط الأمطار فترة ثلاثة أسابيع؛ بهدف تفعيل أنظمة منع ري الحدائق واستخدام الماء في حاجة قصوى، مستشهداً بحديقة «الهايد بارك» عندما ذبلت أشجارها نتيجة توقف الري، على الرغم من أن تلك الدول تمر بها أنهار وتتمتع بطقس بارد لا يستدعي الاستهلاك العالي، ما يدل على أن ترشيد استهلاك الماء هو هم لجميع البلدان.
وبيّن «د. المطيري» أن هناك تجارب دولية متميزة تستحق أن تُحتذى في أدوات ترشيد متطورة ومزودة بحساسات تكشف الهدر وتنبه المستهلك، مستغرباً تقديم أدوات ترشيد بدائية لم تجد أي قبول من المستهلكين وأصبحت لا قيمة لها، مقترحاً تنظيم معارض سنوية تقدم أحدث أدوات الترشيد وتعرض التقنيات الحديثة إلى جانب توزيع أدوات ترشيد مجاناً.
تأرجح بيانات
وانتقد «د. الدوعان» «وزارة المياه» بسب افتقادها إلى البيانات الدقيقة وتأرجحها، حيث تتباين معدلات استهلاك الفرد بين 250 و280 وذهب بعضها إلى 310، ذاكراً أن دراسة أعدها تتعلق باحتياج الفرد على الرغم من شح المعلومات وعدم التجاوب لمعرفتها وبينت أن مستوى استهلاك الفرد في حدود 30م3 شهرياً، منوهاً بضرورة الاكتفاء بخطط قصيرة المدى لا تتجاوز 15 عاماً بالاعتماد على السجل المناخي، حيث الخطط الاستراتيجية طويلة المدى تظل توقعات وتكون الضبابية فيها كبيرة نظراً للتغيرات المناخية غير المستقرة والمؤثرة في صدقيتها مثل الجفاف والسيول الجارفة.
انقطاع المياه
وأرجع «د. الدوعان» تكرر أزمات انقطاع المياه إلى أسباب متعددة أبرزها تكرر صيانة محطات التحلية التي انتهى عمرها الافتراضي، وبالتالي توقف انتاجها أثناء الصيانة يتسبب في انقطاع المياه، كما أن توقف محطة التحلية يوم واحد يؤثر في توزيع المياه مدة شهر، إلى جانب عدم وجود خزن استراتيجي للمياه، إضافة إلى تسرب مياه الشبكة الذي تقلص إلى 25% من 40% في السابق ومازال التسرب عالياً، لافتاً إلى أن استهلاك مدينة جدة من المياه يصل إلى مليون م3 حسب إفادة «شركة المياه الوطنية».
ويرى «د. المطيري» أن أهم أسباب انقطاع المياه هو غياب الإدارة المتكاملة للمياه، وإهمال الوزارة لمصادر أخرى للمياه، مثل حصاد مياه المطار التي لم تستغل عبر خزانات في أماكن تجمعها، إضافة إلى المياه المعالجة ثلاثياً، إلى جانب قلّة الترشيد في استهلاك المياه.
فيما ذكر «عادل عبده» أن غياب التخطيط للمواسم المقبلة، وافتقاد المدن للخزن الاستراتيجي سببان رئيسيان لتكرار أزمة انقطاع المياه، في حين اتفق «د. الغامدي» مع الأسباب المذكور آنفاً إلى جانب غياب الصيانة المبكرة للمحطات في ظل زيادة الإنتاج في مواسم الذروة.
أزمة الطاقة في محطات التحلية!
أكد «د.عبد الرحمن آل إبراهيم» -محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة- على أن المؤسسة تضع الخطط لإنفاق قرابة 300 مليار ريال (80 مليار دولار) خلال ال20 سنة المقبلة على مشروعات المياه، مضيفاً أن المؤسسة تنتج حالياً 3 ملايين متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، وسيقفز إنتاجها بحلول عام 2015م إلى نحو 5.7 ملايين متر مكعب من المياه، كاشفاً أن المؤسسة تدرس مع «شركة أرامكو السعودية» قضية كفاءة الطاقة في محطات التحلية.
وتواجه المملكة تحدياً حقيقياً خلال ال15 سنة المقبلة في مجال الطاقة، وقد يكون من المفارقات أن أكبر بلد منتج للنفط في العالم بحاجة ماسة لحل معضلة الطاقة في بنيته الداخلية والحد من استهلاك المزيد من النفط.
وتفيد التقديرات التقريبية أن المملكة بحاجة إلى استثمار تريليون ريال (266.6 مليار دولار) على الأقل، في قطاع الماء والكهرباء خلال السنوات ال15 المقبلة لكي تتمكن من توسيع الطاقة الإنتاجية، بالوتيرة اللازمة لتلبية احتياجات السكان التي تزداد بنحو 2.5 في المئة سنوياً.
وبما أن مشروعات المياه والكهرباء تمثل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة، وهناك ضرورة لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء والمياه الذي ينمو بنحو 8.5 في المائة سنوياً، وقد يرتفع أكثر من الضعفين في العقدين المقبلين؛ ما سيرفع استهلاك النفط داخليا إلى نحو 7.8 ملايين برميل يومياً.
حلول تنتظر التطبيق !
أشاد «د.علي الغامدي» بحجم الإنجازات الكبيرة التي حققتها الدولة في سبيل توفير المياه، وإنشاء محطات التحلية بمئات المليارات، مرجعاً سبب ما يطرح من نقد بهدف الحرص والغيرة على مواردنا والحد من ضياع فرص تنموية، مقترحاً إنشاء شبكتين للمياه إحداها للاستخدام الآدمي من المياه المحلاة، والأخرى يتم عبرها ضخ مياه إما معالجة أو ملوحتها أقل وغيرها من مصادر المياه للأغراض الأخرى، وهذا يمكن تطبيقه بالتدرج خاصة في مشروعات الإسكان الجديدة والمنشآت الحديثة والتغيير التدريجي للشبكة الحالية عبر خطة زمنية، حيث إن هذه الفكرة طبقت في المنطقة الشرقية وأثبتت نجاحها، مبيناً أن تكاليف إنشاء الشبكتين أقل من كلفة عدم تطبيقها
واقترح منح المستهلك كمية محددة من المياه شهرياً مجاناً، مع مراعاة الفئات التي تستحق الدعم، إلى جانب تحديد رسوم للاستهلاك الزائد، مطالباً بتضمين الفاتورة التكلفة الحقيقة للتر المياه؛ ليدرك المواطن حجم الدعم الذي يصرف لتوفير المياه، إلى جانب هيكلة الفاتورة بحيث نضمن توفير المياه في الحد الطبيعي للفرد بالسعر المدعوم من الوزارة، وبالتالي يتم التدرج في القيمة لتصل إلى التكلفة الحقيقة لمن يزيد استهلاكه عن المعدل الطبيعي، وتحميله الاستهلاك العالي فوارق سعرية للحد من الإسراف.
ونادى «د.محمود الدوعان» بضرورة التوقف عن ري الحدائق بالمياه المحلاة، ومخالفة من يفعل ذلك ويطالب بريها بالمياه المعالجة، مشيراً إلى أن الحل في تقييد الأسعار وفق شرائح موائمة لظروف المواطنين حماية لمستقبل الأجيال، بما يضمن توفر المياه للمستهلك الرشيد، وتحد من عبث المستهترين، مطالباً بمنح المواطن المستهلك 30م3 من المياه شهرياً بالمجان، وتحتسب الزيادة بضوابط تحد من الاستهلاك الجائر.
واقترح «عادل محمد عبده» بالإفادة من قطرات الماء بالمكيفات في المدن الساحلية، إلى جانب تخصيص الخزانات الأرضية لأغراض غير الشرب، موضحاً أن كثيراً من الدول استغنت عن الخزانات الأرضية، بينما كل منزل به عداد يبين مستوى الاستهلاك، ومن يتجاوز استهلاكه الشريحة المحددة يدفع ثمن الزيادة، مؤكداً على أن هذا هو الأسلوب الأمثل للترشيد.
وذكر «د.حاتم المطيري» أن سبب أزمات الماء يعود إلى غياب الإدارة المتكاملة دون الإكتفاء بالتسعيرة، مطالباً بالإفادة من مياه الأمطار والتوسع في أبحاث الترشيد قائلاً إننا إن أردنا التنمية المستدامة فلا بد من تغيير أنماط الاستهلاك ومن أبرزها استهلاك المياه.
أدوات الترشيد توفر الماء والمال
كشفت دراسات أن نسب استهلاك الماء تتوزع لدى الأفراد بنسبة 1% لمياه الشرب، و3% للطهي، و30% للغسيل، و40% لغسيل الملابس، فيما جاءت 26% استخدامات أخرى.
وبينت دراسة ميدانية أجريت على «مدرسة أبي تمام الثانوية» بالرياض تؤكد على أن أدوات ترشيد في المدرسة بلغت تكلفتها 153 ريالا، وتوفر أكثر من نصف مليون طن، وأدوات ترشيد المياه في «جامع الملك خالد» وتبلغ تكلفتها 385 ريالا فقط، ووفرت ما نسبته 36% من المياه، أي ما قيمته حوالي 43 ألف ريال سنوياً لجامع واحد فقط، حيث أظهر هذا التطبيق العملي أن معدل الاستهلاك اليومي للمياه قبل تركيب أدوات ترشيد استهلاك المياه بالمسجد هو 66 ألف لتر مياه يومياً، بينما بلغ معدل الاستهلاك اليومي للمياه بعد تركيب أدوات ترشيد استهلاك المياه 42 ألف لتر أي بفارق 24 ألف لتر يومياً أي ما يعادل حوالي 8 ملايين لتر مياه يتم توفيرها سنوياً، ووفقاً لتلك الدراسة كم سيتم توفير أموال وماء لو تم تركيب أدوات ترشيد الماء في 30 ألف مدرسة، و80 ألف مسجد، وغيرها من المرافق الحكومية والخاصة.
يذكر أن دراستين استقصائيتن قد كشفتا عن عدم معرفة شريحة كبيرة من المواطنين بتسعيرة المياه، وأن 68% من المواطنين غير مدركين لمستوى العجز في المياه.
المشاركون في الندوة
د. علي بن عبدالله الغامدي عضو مجلس الشورى في لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة
د. محمود بن إبراهيم الدوعان رئيس وحدة موارد المياه بمركز أبحاث المياه في جامعة الملك عبدالعزيز
د. حاتم بن عسير المطيري الوكيل المساعد لشؤون البيئة بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة
عادل بن محمد عبده كاتب ومتخصص في القضايا الاجتماعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.