تستعد واحة الأحساء الزراعية حالياً، لموسم جني التمور اعتباراً من الخميس المقبل، والذي يعرف محلياً بمواسم "الصرام"، إذ تشهد أكثر من 30 ألف حيازة زراعية منتشرة في كافة أرجاء الواحة حالياً، حالة استنفار بين المزارعين "المحليين"، تجسد عمق العلاقة الواسعة بين المزارع الأحسائي والنخلة، من خلال الوجود المكثف للمزارع في مزرعته في مثل هذه الأيام، والتجمع الأسري داخل المزارع، إذ إن هذه الأيام تعتبر من أهم المواسم الزراعية للمزارع في واحة الأحساء. ويسترجع مزارعو النخيل في مثل هذه الأيام حزمة من المظاهر، التي تتضمنها تلك المظاهر على مر التاريخ في مزارع الأحساء، التي تؤكد على حفاظ الإنسان في الأحساء على الموروث الشعبي، وثيق الصلة بالنخلة، وأولى تلك الخطوات، العمل بروح الفريق الواحد المكون من 7 مزارعين، كل منهم يعمل في تخصص محدد. وأشار شيخ سوق التمور المركزي في الأحساء عضو لجنة النخيل والتمور في غرفة الأحساء عبدالحميد بن زيد الحليبي في حديثه أمس إلى "الوطن" إلى أن الموعد المحدد لجني أول محصول من التمور في مزارع الأحساء، هو فجر يوم الخميس المقبل، وهو المصادف لليوم ال 15 من شهر أغسطس من كل عام، وسيجني المزارعون محصولهم من التمور للأصناف الثلاثة المبكرة، وهي: الشيشي، والحاتمي، والغر، ومنذ القدم وطريقة جني مزارعي الأحساء تتم من خلال صعود المزارع بأداة تعرف محلياً ب "المحش" ويقطع عذق النخلة ويسمى "صرام"، ويرميه لزميله ويسمى "سفار"، ومهمته جمع التمور على قطعة "بلاستيكية" أو قطعة من الخوص لحماية العذق من التراب والأوساخ، ويقوم مزارع آخر ويسمى "الرفاع" وهو الذي يتولى نقل التمور إلى مكان التجميع، وهناك مزارعان يلتقطان التمور المتساقطة أثناء قطع العذق، ومزارعان آخران يتوليان تنظيف التمر وفرزه. وتصاحب تلك الأعمال التي يشارك فيها 7 مزارعين ترديد حزمة من الأهازيج والأناشيد الشعبية، وهي: الصرام يقول "يالله"، والآخرون يردون "أعانه الله"، وإذ انتهى الصرام وقبل نزوله من النخلة يقول الصرام "اذكروا الله"، والآخرون يردون "لا إله إلا الله". وأكد الحليبي أن تمور الموسم "الجديد"، أكثر جودة من الموسم المنصرم، وذلك بسبب نجاح عملية "التلقيح"، إذ لم تشهد الواحة الموسم الحالي أي جائحة من شأنها التأثير سلباً على عملية "التلقيح"، علاوة على العناية الفائقة للنخلة من المزارعين، وبطاقة إنتاجية تفوق الموسم المنصرم بزيادة 30%، باعتبار أن النخل تتناوب بالزيادة والنقصان في طاقتها الإنتاجية من موسم إلى آخر، إذ إن الموسم المنصرم انخفض إنتاجها وبالتالي الموسم الجديد يزداد إنتاجها في عملية "حيوية" لإراحة النخلة موسم بعد جهد موسم آخر، ليصل إجمالي إنتاج واحة الأحساء في الموسم الجديد أكثر من 130 ألف طن من مختلف أصناف التمور، وتتراوح أسعار أصناف البواكير من الشيشي والحاتمي والغر من ريال ونصف إلى 3 ريالات للكيلو جرام الواحد "نثر"، فيما سيصل سعر الكيلو جرام الواحد لصنف "الخلاص"، الذي تشتهر الأحساء بجودة زراعته على مستوى العالم ب 4 ريالات "نثر"، لافتاً إلى أن في الأحساء في الموسم المقبل، نحو 10 مصانع كبرى لتعبئة التمور ومعامل أخرى صغيرة ومتوسطة "منتشرة في مدن وقرى المحافظة معدل طاقته الإنتاجية الإجمالية من التعبئة 250 طن يومياً. وأهاب الحليبي بأولياء الأمور بربط أبنائهم بالنخلة ومحصول التمور من خلال اصطحابهم إلى المزارع ومصانع التعبئة لاستمرار تجسيد العلاقة الوثيقة بين الإنسان في الأحساء والنخلة، بالإضافة إلى تبني المدارس بتنفيذ زيارات لتكريس روح الطفل بالنخلة والتمور كموروث شعبي في الأحساء يستلزم الحفاظ عليه.