يعاني العديد من الفتيات والسيدات على حد سواء من إحدى المشاكل الطبية التي للأسف أصبحت شائعة وهي تكيسات المبايض. وأصبحت هذه المشكلة مقلقة للنساء وكذلك حتى للأطباء المختصين في مجال أمراض النساء. وهذا الموضوع حير الأطباء في هذا المجال أكثر من المرضى والسبب يعود لظهور هذه المشكلة في النساء بشكل متسارع خصوصا في السنوات العشر الأخيرة, حيث كنا قبل هذه الفترة قليلا ما نشاهد مثل هذه الحالات ولا استغرب كثرة الأسئلة من الأمهات اللواتي يعانين بناتهن من هذه المرض في سن مبكرة والتي قد تحدث أحيانا مباشرة بعد سن البلوغ مما يسبب لهؤلاء الفتيات الصغيرات في السن اضطرابات شديدة في الدورة الشهرية من عدم انتظام الدورة الطمثية مع وجود غزارة في كمية الدم ونمو الشعر في الوجه والبطن وكذلك كثرة حب الشباب و أكثر ما يزعج هؤلاء البنات الزيادة في الوزن. أما النساء في سن الإنجاب فهن يعانين بالإضافة لاضطرابات الدورة الشهرية و زيادة الوزن إلى ضعف الاباضة وبالتالي تأخر الحمل أو حتى عدم القدرة على الإنجاب. من أعراضه كثرة حب الشباب هو مرض يصيب المبايض حيث يحدث فيه اضطراب لعملية الإباضة الطبيعية بسبب خلل هرموني في الجسم وهو يكون أحيانا متلازما مع عدة أعراض تظهر معا على المريضة وحينها يسمى بمتلازمة تكيس المبايض مثل اضطرابات الدورة الشهرية وازدياد وزن الجسم وظهور الشعر الخشن في مناطق مختلفة من جسم المرأة , وأحيانا لا يكون للمرض أي أعراض ويمكن اكتشاف وجوده مصادفة أثناء الفحص الروتيني للمريضة. قد يصاحب تكيس المبايض الإصابة بمرض السكري مدى انتشار تكيس المبايض و نسبة ظهوره من الأمراض النسائية الشائعة جدا وتتفاوت نسبة الإصابة به من بلد إلى آخر والمعدل العام لنسبة الإصابة يتراوح من 5-10% و هناك تزايد لهذه النسبة بدون معرفة الأسباب ولا نعرف بالضبط نسبة هذا المرض في مجتمعنا ولكن ملاحظاتنا الشخصية تدل على أن النسبة لدينا تبدو أكثر من ذلك بكثير. هناك رابط قوي بين زيادة الوزن والمرض أسباب ظهور تكيس المبايض الأسباب الحقيقية لظهور المرض غير معروفة ويعتقد أن هناك طبيعة وراثية للمرض ويعتقد بأن جينه من النوع السائد ويتصاحب ظهوره عند النساء مع الصلع الرجالي الطبع عند النساء والموروثة الجينية للمرض غير مكتشفة لحد الآن, وأكثر الأعمار إصابة بهذا المرض هو في سن المراهقة حيث تحدث زيادة سريعة للوزن في هذا العمر وكذلك تحدث تغيرات هرمونية سريعة أيضا. أعراض تكيس المبايض سبق وذكرنا أن أعراض المرض متفاوتة جدا ويمكن أن يتم اكتشاف المرض بالصدفة أثناء الفحص الدوري للمريضة ويتم تشخيصه بالاعتماد على صورة المبيض بالالتراساوند و هي وجود 10-12 بويضة بحجم 8-10 ملم منتشرة في محيط المبيض. أما الأعراض الباقية فهي: 1- اضطراب في الدورة الشهرية وهذا الاضطراب يأتي على شكل انقطاع أو تباعد في الدورة والانقطاع قد يكون أولياً أو ثانوياً معتمدا على درجة الإصابة بالمرض. 2- ضعف واضطراب في عملية التبويض وهذا يؤدي إلى تأخر الحمل وحالات عقم أولية أو ثانوية. 3- زيادة في الوزن حيث يكون معدل وزن المريضة BMI30KG وعادة تكون الزيادة في الوزن متمركزة في الجذع والأطراف وهذا يحدث بسبب اضطراب في مستوى الدهنيات في الجسم و منها مادة Leptin 4- ظهور شعر خشن في مناطق مختلفة من جسم المرأة و منها الذقن ومنطقة الشارب وكذلك أسفل البطن والصدر وهذا يحدث نتيجة اضطراب في الهرمون الذكري. 5- زيادة نسبة الإصابة بحب الشباب وتصبح البشرة دهنية. 6- الإسقاط المتكرر بسبب ارتفاع هرمون LH في الجسم. 7- قد يصاحب تكيس المبايض ارتفاع في ضغط الدم وكذلك مرض السكري. أسباب ظهور هذه الأعراض : ليس واضحا تماما التغيرات الهرمونية التي تحدث في تكيس المبايض ولكن أهمها هي ارتفاع مستوى هرمون الأنسولين في أكثر من 50% من الحالات, وهذا الهرمون يفرز من غدة البنكرياس ووظيفته الأساسية هي التصاقه بغشاء الخلية ومن ثم يحمل جزئيات الكلوكوز ويمررها من الدم إلى داخل الخلايا التي تقوم باستخدامها لإنتاج الطاقة والقيام بالعمليات الايضية. أما في تكيس المبايض فهذه الجزيئات غير قادرة على القيام بهذا العمل رغم التصاقها الطبيعي بجدار الخلية مما يعطي هذا الوضع إيعازا لغدة البنكرياس بالاستمرار بفرز الهرمون لتعويض نقص الفعالية وبالتالي ارتفاع مستوى الهرمون. و ينعكس هذا التأثير على المبايض و يمكن تلخيصها في نقطتين أساسيتين: 1- اضطراب في استجابة المبايض للإشارات الهرمونية الصادرة من الدماغ والمسؤولة عن تكون البويضات مما يؤدي إلى توقف نمو البويضات مبكرا و بقائها في المبايض على شكل أكياس صغيرة متجاورة. 2- ازدياد إفراز الهرمون الذكري من المبايض وكذلك زيادة تحسس خلايا الجسم لهذا الهرمون. تشخيص تكيس المبايض: تشخيص المرض ليس بالأمر الصعب في الوقت الحالي و يعتمد على ثلاثة عوامل : أولا- الفحص السريري للمريضة ومشاهدة الأعراض المذكورة سابقا. ثانيا- بعض الفحوصات المخبرية مثل : 1-ارتفاع هرمون LH ( وهو الهرمون المحرض لتفجير البويضة الناضجة) 2- ارتفاع في مستوى هرمون الأنسولين رغم أن مستوى السكري في الدم طبيعي وهنا يرجع إلى عدم فعالية مستقبلات الهرمون مما يترتب عليه زيادة في إفرازه. 3- ارتفاع مستوى الهرمون الذكري Testosterone. 4- ارتفاع مستوى هرمون الحليب. 5- ارتفاع هرمون الاسترادايول و الاسترون. 6- انخفاض مستوى مستقبلات الهرمونات الجنسية. 7- وأحيانا يكون المرض مصاحبا لاضطرابات في هرمونات الغدة الدرقية و هرمون الحليب. ثالثا- الطريقة الأمثل لتشخيص الحالة هي بإجراء فحص الألتراساوند البطني أو المهبلي ويفضل الفحص المهبلي لدقته حين تصل دقة التشخيص فيه إلى 100% بينما تكون هناك احتمالات الخطأ في الفحص البطني بنسبة 30% والمنظر المعروف لتكيس المبايض هو ظهور أكياس صغيرة يتراوح عددها من 10-12 أو أكثر بقياس 8-10 ملم منتشرة على شكل حلقة مثل حبات اللؤلؤ (string of pearls) و كذلك يحدث تضخم في حجم المبيض حيث يزداد حجمه مرة ونصف إلى ثلاث مرات عن الحجم الطبيعي كما يلاحظ زيادة تركيز نسيج المبيض في الوسط. علاج تكيس المبايض: ينصب علاج مرض تكيس المبايض على الأعراض المصاحبة له حيث لا يوجد علاج شاف من هذا المرض. أولا - اضطرابات الدورة الشهرية : يمكن معالجة هذا الأمر باستخدام حبوب منع الحمل أو حبوب البروجيسترون بانتظام مع استخدام حبوب Metformin بعيار يتناسب مع وزن المصابة والاستمرار في أخذها لحين انتظام هرمونات الجسم. ثانيا - ظهور الشعر الخشن :و هذا يتم بأخذ حبوب مضادة للهرمون الذكري ولكن هذه العلاجات تتطلب فترة من 6-8 شهور لحين حدوث متغيرات في خشونة الشعر ولهذا ينصح باستخدام الطرق الأخرى لإزالته لحين بدء عمل هذه العلاجات مثل الكي بالليزر واستخدام مزيلات الشعر المختلفة. ثالثا:- زيادة الوزن: هناك رابط قوي جدا بين زيادة الوزن والمرض وكلا الأمرين يؤدي إلى بعضهما إذ إن زيادة الوزن ممكن أن تترافق مع اضطراب في الهرمونات وهذه بدورها تؤدي إلى حالة التكيس والعكس صحيح إذ يمكن أن تكون الاضطرابات الهرمونية هي السبب في ازدياد الوزن وينصح جدا باستخدام البرامج الغذائية وإجراء التمارين الرياضية لتخفيف الوزن لكي يتوازن هذا الاضطراب الهرموني. رابعا:- العقم: و يقسم علاج العقم إلى نوعين 1- العلاج الدوائي 2- العلاج الجراحي 1- العلاج الدوائي لتكيس المبايض:- هنا تقسم العلاجات الدوائية أيضا إلى قسمين: النوع الأول هو حبوب ال Metformin والمعروف منها حبوب الجلوكوفاج وهي تستخدم ايضاً لتنظيم مستوى سكر الدم عن طريق تحفيز نشاط الانسولين في الخلية التي تساعد على انتظام هرمونات الجسم وتقلل من شدة المرض وتزيد من استجابة المبايض للعلاجات المنشطة ويجب الاستمرار على هذه العلاجات لمدة تتراوح بين 3-12 شهرا وهذه الفترة تعتمد على مستوى هرمون الأنسولين في هذه الحالة وكذلك يساعد هذا العلاج على عدم حدوث استجابة مفرطة عند استخدام ابر أو حبوب تنشيط المبايض وأيضا ينصح باستخدام هذه الحبوب خلال فترة الأشهر الأولى من الحمل لتقليل نسبة الإسقاط في هذه الفترة. أما العلاج الثاني فهو إعطاء المريضة هرمونات تحريض الإباضة أما على شكل حبوب (الكلوميد) Clomid أو ابر الهرمونات FSH,LH مع المراقبة الدقيقة للمبايض و تحديد أيام الإباضة و عند حدوث الإباضة تكون نسبة حدوث الحمل حوالي 40%. العلاج الجراحي لتكيس المبايض: الطريقة القديمة للتداخل الجراحي للمبيض هي باستئصال جراحي لجزء من المبايض وهذه تحتاج إلى فتح بطن المريضة مما قد ينتج عنه التصاقات والتي تؤدي بدورها إلى العقم ولم يعد لهذه العملية أي استخدام في الوقت الراهن. أما العمليات الحديثة فهي بإجراء تثقيب للمبايض عن طريق المنظار البطني ونسبة نجاحها تصل من 50-70% إذا تم عملها بدقة على يد أخصائي مقتدر. المضاعفات بعيدة الأمد لتكيس المبايض : 1- مرض السكري. 2- سرطان الرحم. 3- ارتفاع ضغط الدم. 4- بعض أمراض القلب والشرايين. 5- اضطراب الشحوم والدهون في الجسم وإفراطها.