في الوقت الذي نستخدم فيه الكمبيوتر المحمول والآيفون والآيباد ونتحدث بالجوال ونتصفح الانترنت ونرسل رسائل عبر البريد الالكتروني ونتجاذب أطراف الحديث عبر سكايبي والواتساب ونسحب الأموال من الصرف الآلي ونُسدد الفواتير في البيت وبضغطة زر بسيطة ونحن نحتسي كوباً من الشاي أو القهوة في الوقت ذاته نقوم أيضاً في المقابل بالاصطفاف في طوابير طويلة من أجل أن نُنهي معاملة يسيرة في إحدى الدوائر الحكومية أو نجدد بطاقةً شخصية أو جوازاً أو رخصةً منتهيةِ الصلاحية أو نُسجل أنفسنا في الضمان الاجتماعي أو أي معاملة في أي وزارة أو دائرة حكومية وهذا تناقض عجيب عندما نقبل التقنية الحديثة في جانب ونرفضها في جانب آخر فكما أننا قبلنا هذه الأشياء ورضينا بها واشتريناها وجلبناها لمنازلنا وأعطيناها لأولادنا وزوجاتنا ودفعنا الغالي والنفيس من أجل اقتنائها والحصول عليها وربما اضطر بعضنا إلى الاستدانة من أجل أن يمتلك هاتفاً متطوراً أو كمبيوتراً مُبهراً أو جهازاً مُذهلاً بعد كل هذا هل يجوز أن نقبل بالوقوف ساعات طويلة في طوابير مُزدحمة من أجل أن نُنهي معاملة بسيطة لا يستغرق إنهاؤها دقائق معدودة ولاسيما ونحن نعيش أوجّ التطور التكنولوجي. ما فائدة كل هذه الأجهزة المتطورة التي صُنعت في الأصل من أجل تيسير وتسهيل حياة الناس إذا لم نستخدمها في دوائرنا الحكومية ووزاراتنا ومؤسساتنا لنُنهي بها حاجات الناس ونقضي بها أيضاً على الازدحام والطوابير والفوضى والتأخير التي تحدث يومياً في دوائرنا الحكومية. أليس من الأفضل أن نُساير هذا التطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن ونُسخّر هذه الأجهزة في خدمتنا ونُنهي بها حاجاتنا ونحن جالسون في البيت أو في الحديقة دون الحاجة إلى أن نذهب بأقدامنا إلى هذه الوزارة أو تلك الدائرة الحكومية ونقف في طوابير طويلة من أجل أن ننجز مُعاملة قد تُنجز في دقائق معدودة وبضغطة زر ودون أن نُخرج الموظف من وظيفته أو المُسن من داره أو نرغم من يسكن القرى البعيدة والهجر النائية على الخروج والتوجه لمكان هذه الدائرة الحكومية وقطع المسافات الطويلة من أجل إنهاء معاملة لو أننا قُمنا باستخدام هذه الأجهزة الحديثة واستغللنا ذلك التطور الهائل في إنجاز حاجات الشعب بكافة طبقاته وفئاته. ولا شك بأن التحوّل من الأوراق الكثيرة والطوابير الطويلة والحضور الشخصي في إنهاء المعاملات واستبدال ذلك بالانترنت سيقضي على الازدحام الموجود في الوزارات والدوائر الحكومية ويُمكّن الموظفين من إنهاء معاملاتهم دون الحاجة إلى الخروج أثناء الدوام الرسمي وسيفيد أيضاً القاطنين في القرى البعيدة من إنهاء معاملاتهم وهم في قُراهم بدلاً من قطع المسافات الطويلة وسيفيد أيضاً المسنين والمعاقين ومن لا يملك وسيلة نقل في قضاء معاملاتهم دون الحاجة إلى الاتيان وتكبّد المشقّة. ولو نظرنا إلى من حولنا لوجدنا أنّ العالم كله أصبح يستخدم ويقضي حاجاته بهذه التقنية الحديثة فالدراسة ونيل الشهادات الجامعية أصبحت عبر الانترنت والتجارة والبيع والشراء أصبح بالانترنت وإرسال الأموال وتسلّمها أصبح بالانترنت وحجز تذكرة صعود الطائرة أو ركوب القطار أصبح بالانترنت وحجز تذاكر دخول الملاعب لمشاهدة المباريات الرياضية أصبح بالانترنت وغير ذلك من الأعمال التي كانت تُنجز بالحضور الشخصي وأصبحت تُنجز الآن بالانترنت بينما نحن إلى الآن باقون في العديد من تعاملاتنا نرفض هذا التطور المُفيد ومُتمسّكون بالطريقة القديمة التي تستلزم حضور الشخص إلى الدوائر الحكومية بقدميه والوقوف في الطابور وانتظار دوره الذي ربما يستغرق ساعات في الوقت الذي ودّع العالم المتطور هذه الطريقة القديمة إلى الأبد واستبدلها بالطريقة الحديثة التي تعتمد على إنهاء المعاملات بأجهزة مُتطورة تُربط بالانترنت ويمكن إنهاؤها من أي مكان دون الحاجة إلى ركوب السيارة وتحمّل المشقة وقطع المسافات الطويلة. يجب علينا أن نُساير العالم ونقوم وبشكلٍ سريع بإلغاء الطوابير والأوراق في كافة الوزارات والدوائر الحكومية وأن نُحوّل إنجاز معاملات المواطنين من الطريقة القديمة والتي تعتمد على الورق والطوابير إلى الطريقة الجديدة التي تعتمد على إنجاز المعاملة عبر الانترنت ودون الحاجة إلى الحضور الشخصي لتلك الدائرة أو تلك الوزارة. فعلى سبيل المثال لا الحصر تجديد البطاقات الشخصية أو جوازات السفر أو رخص القيادة يُفترض أن يكون بالانترنت واستلام البطاقة أو الجواز أو الرخصة بعد التجديد يكون عن طريق إرسالها إلى صندوق البريد الخاص بالمواطن دون الحاجة إلى الذهاب إلى مبنى الاحوال أو مبنى الجوازات وإضاعة الأوقات في أمور بسيطة وحينئذٍ نستطيع القضاء على الازدحام الهائل والطوابير التي نراها في دوائرنا الحكومية بشكلٍ يومي. وعلى هذا فقس المرور والبلدية وبنك التسليف والمحاكم والغرفة والوزارات وغيرها.