قرر عبدالله المالكي أن يستيقظ من نومه في السابعة صباحاً، استعداداً للذهاب إلى الجوازات في الثامنة، حتى يكون من أوائل المراجعين، وعندما وصل إلى هناك، فوجئ بأكثر من 50 مراجعاً سبقوه إلى هناك، فجلس أكثر من خمس ساعات، قبل أن ينهي معاملته في دقيقتين، متسائلاً «أين هي الحكومة الإلكترونية التي وعدوا بها قبل أكثر من ثماني سنوات، ولماذا أضيع وغيري ساعات كثيرة من دوامنا الرسمي في إنهاء معاملات حكومية، في الإمكان إنهاؤها في دقائق معدودة على شبكة الإنترنت»، مؤكداً أن «منظر زحام المراجعين أمام شبابيك الجهات الحكومية، لا يشير إلى أن هناك أمل، في أن ننعم قريباً بوسائل التقنية الحديثة، التي تتنعم بها دول أخرى، لا تمتلك إمكاناتنا». الخدمات والمعاملات تولي حكومة المملكة اهتماماً كبيراً للتحول للتعاملات الإلكترونية الحكومية، لما تقدمه مفاهيم التعاملات الإلكترونية الحكومية من فوائد كبيرة للاقتصاد الوطني، حيث صدر الأمر السامي الكريم رقم 7/ب/33181 وتاريخ 10/7/1424ه المتضمن وضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونياً من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، داعياً إلى تضافر الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة، كما وضع برنامج لرفع إنتاجية وكفاءة القطاع العام بالاستعانة بالتقنية، وتقديم خدمات أفضل للأفراد وقطاع الأعمال، وبشكل أيسر، زيادة عائدات الاستثمار وتوفير المعلومات المطلوبة بدقة عالية في الوقت المناسب، ويقوم البرنامج بدور المحفز لتطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية، الأمر الذي يقلل المركزية في تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية بأكبر قدر ممكن، مع وضع الحد الأدنى من التنسيق بين الجهات الحكومية، ولكن بعد كل هذه السنوات، هل فشلت التعاملات الإلكترونية؟ تعبئة الاستمارات لم يستغرق حامد العثمان وقتاً طويلاً، وهو يجيب عن سؤالنا الأخير «نعم.. فشلت الجهات الحكومية في التعامل مع الخدمات الإلكترونية، والدليل أنه لازالت تلك الجهات تتعامل مع الأوراق والملفات، وضرورة حضور المواطن بنفسه إلى المؤسسات الحكومية، لإنهاء معاملاته»، ضارباً مثالاً على صحة كلامه «لتجديد رخصة السيارة، عليك الحضور بنفسك، وتعبئة الاستمارات المطلوبة، وأخذ رقم انتظار، والأمر نفسه يحدث في الجوازات وغيرها من الجهات الخدمية الحكومية، التي لا تتمتع بأي خدمات إلكترونية، تستطيع بها إنهاء معاملات مراجعيها، عبر الإنترنت دون تكبد المشقة». أهمية كبرى ويرى عبدالله الشمري، الحاصل على الماجستير في التواصل الإلكتروني، أن «التعامل الإلكتروني هو سمة العصر في جميع الدول المتقدمة، لما له من أهمية كبرى في تقليل الجهد، والأموال، والتخلص من الزحام، سواء في الشوارع، أو داخل الجهات الحكومية»، مضيفاً «فمثلا بدل من أن أقوم بتشغيل السيارة والتوجه لمقر الأحوال المدنية، أو أي جهة خدمية أخرى، لتخليص معاملة ما، بالإمكان إنهاء هذه المعاملة عن طريق الإنترنت»، مضيفاً «المشكلة من وجهة نظري، أن جميع الجهات الحكومية تطالب بتثقيف المواطن في مثل هذه الأمور، وهي محقة في هذا، ونريد زمنا طويلا لكي نصل لهذه المرحلة»، مستدركاً «أرى أننا لا نحتاج زمنا طويلا للوصول لهذه النقطة، ونحتاج أيضاً للتدريب والكفاءة، لكي نصل لهذه المرحلة، بل نحتاج إلى قيادات تدريبية ذات كفاءة عالية، وخبرة في التقنية». الجهات الحكومية وعلى خلاف من سبقوه، رأى حمود الفقيه أن الجهات الحكومية، حققت نجاحاً نسبياً في التعاملات الإلكترونية، وقال: «هناك من الجهات الحكومية، استطاعت أن تصل إلى شبه الكمال في تعزيز قاعدتها الإلكترونية، من أجل خدمة مراجعيها في أوقات قياسية، من حيث تقديم جميع الخدمات عبر جهاز الكمبيوتر إلكترونيا»، مضيفاً «لعل الجوازات إحدى هذه الإدارات التي نجحت في توفر التقنية لمراجعيها، بعد أن وفرت الدولة أجهزة تقنية على مستوى عال بحسب أفضل المواصفات الفنية». نعم.. فشلت الجهات الحكومية في التعامل مع الخدمات الإلكترونية، والدليل أنه لازالت تلك الجهات تتعامل مع الأوراق والملفات حملات إعلامية وتابع عمر الغامدي «هناك إشكالية أخرى، تقف في وجه تفعيل الحكومة الإلكترونية، وهي وجود فئة كبيرة من المستفيدين، لا يستطيعون التعامل مع وسائل التقنية بشكل إيجابي، مما يحد من القدرة على التعامل مع الحاسب الآلي»، موضحاً أنه «يجب أن تكون هناك حملات إعلامية مكثفة لأي برنامج خدمة يهم المواطنين، توضح كيفية الاستفادة من هذا البرنامج، وآليات عمله، حتى يكون الجميع على علم تام به، قبل اعتماده رسميا، لتأكيد الاستفادة منه»، مطالباً بتوفير «تقنية الإنترنت السريع في المؤسسات والجهات الحكومية، لتنفيذ العمليات الإلكترونية، وأعمال الحكومة الإلكترونية، بسعر مناسب لكافة المواطنين»، مؤكداً «لن يكون لدينا حكومة إلكترونية شاملة إلا إذا كانت هناك ثقافة استخدام الإنترنت، والاعتماد عليه»، معبراً عن تفاؤله «عموما قياسا على الفترة الماضية، أرى أن نسبة النجاح مطمئنة، بأننا نسير في الطريق الصحيح، ويجب مراعاة ما سبق ذكره، حتى نصل سريعا وبكفاءة عالية جداً»، لافتاً النظر إلى أن «بعض الأنظمة المطروحة في الجهات الحكومية، يعتريها بعض القصور، ولا تكون كاملة، وعادة في مثل هذه الأمور، يتم تطبيق فترة تجربة للنظام، وتسجيل النواقص خلال فترة التجربة، ولا يعمم إلا بعد أن يكتمل من جميع الجوانب».
الجنيد: تفعيل المعاملات الالكترونية يحتاج إلى المزيد من الجهود يرى ياسر الجنيد المستشار الاعلامي أن «الجهات الحكومية بشكل عام تستعين بشركات للتشغيل وتفعيل مواقعها على شبكة الانترنت»، مضيفاً «بكل تأكيد، إدارة المعاملات الالكترونية عبر الانترنت، تحتاج إلى المزيد من الجهود من قبل هذه الجهات، المطالبة باعتماد هذا الجانب في إدارة أعمالها». ويرى معاذ الغامدي، وهو متخصص حاسب آلي أن المؤسسات الحكومية فشلت في مسعاها، لعدم انتشار ثقافة الحكومة الالكترونية بين موظفيها، الذين قد يفتقدون أساليب التعامل مع التقنية، والدليل على ذلك، إذا تعطل الموقع الالكتروني لها، تتعطل المصالح كافة، وعندما تسأل الموظف عن السبب، يجيب بأن السستم داون، وإذا بادرته بمعنى هذه الكلمة، يرد «ما أدري»، متسائلاً «لماذا لا يتم تدقيق الأوراق المطلوبة عن طريق الانترنت، ولم يضطر المواطن أن يذهب للجهة الحكومية، ويقضي فيها ساعات طويلة، حتى ينجز معاملاته، لذا يجب إعادة النظر في الآلية المقدمة للخدمة الالكترونية وتقليل وقت انتظار المراجع».