ماذا يعني ان نستمع الى مصطلح الحكومة الالكترونية وماذا اعد كل وزير وكل مدير مصلحة وهيئة وقطاع ولانستثني ايضاً مسؤولو القطاعات الخاصة الحيوية والخدمية لتطوير قطاعاتهم والارتقاء بمستوى اداء اعمال ومهام ومسؤوليات جهاتهم وهل مع انطلاق هذا المصطلح وتحول كثير من القطاعات الى استخدام الكمبيوتر وتطورات شبكاته الخاصة وخدمات شبكات الانترنت وما الى ذلك من البريد الالكتروني والمواقع الخاص على الشبكة. ما يزال هناك قابعون على مكاتبهم لايلقون بالاً لهذه النهضة الجبارة التي استهدفت التطوير من اجل خدمة المراجع وتسهيل اجراءاته وانجاز معاملاته والقضاء على الروتين ومكافحة الامية الادارية والاجراءات المعقدة والمطولة والتقليدية العقيمة التي اذا ما اضرت فلن تنفع واذا ما زادنا تعطيلاً لن تسرعنا خطوة واحدة مع النمو العالمي المتسارع نحو استخدام الحاسبات الآلية وشبكاتها المختلفة. (دخول من الباب الخلفي) الحقيقة ان ادارات كثيرة لدينا لازالت بنفس وضعها التقليدي السابق ووضعها الاداري المتأخر واسلوبها ونمطها العملي القديم منذ دهر بل وربما بعضها منذ ربع قرن لم تتطور ولم تتحسن. وحتى لو دخل بعضها الكمبيوتر فإن دخوله لم يكن من الباب الشرعي والامامي والرسمي بل كان من الباب الخلفي والباب السري والباب الاستثنائي الاحتياطي فالحاسب يعمل لديها بنمط العمل التقليدي فقط تحولت الاعمال بنفس الاجراءات وتفاصيل المعاملات من الدفاتر العريضة والواح تسجيل الملفات والمعاملات الصادرة والواردة الى مسار المعاملات البطيء وطريقة سيرها المتعثر، لذلك كان يجب على المختصين والمهتمين والقطاعات ذات الاهتمام الرقابي والمسؤولة عن متابعة التطور والتحديث ان تتبنى اولاً وقبل كل شيء تطوير اجراءات العمل وتحسين سبل واساليب وآليات العمل من البطيء الى الانجاز السريع للمعاملات وبالغاء بعض الاجراءات المطولة التي لاقبل لصاحب المعاملة بها، ولامصلحة له من تدويرها ومتابعة تعطيلها لوقته ولجهده وطلبه،المطلوب هو تطوير الاجراء وليس طباعة القرارات على برامج الحاسب وتنسيق التصاميم واللجان والمقررات ببرامجه. والامثلة كثيرة جداً على القطاعات التي تطورت وانطلقت نحو الارتقاء باجراءات العمل وفعلت كل جانب يسهل امور المعاملين والمتعاملين معها ويبسط من مسوغات وشروط كل طلب نحو ما يحقق الفرض ويغطي الاحتياج ويؤدي المهمة وليس ما يبطئ المعاملة حجماً ووزناً ويضاعف ثقل المهمة والهم على صاحبها ومتابع شؤونها. (الكمبيوتر يحقق غاية يدركها المراجعون) لنضرب مثلاً لما تحقق في قسم تسجيل ومتابعة المواليد لدى ادارات الاحوال المدنية وهي المعنية بتدوين وتسجيل واصدار شهادات الميلاد وكل ما يتعلق بشؤون المواليد حتى اصدار الشهادة النهائية بعد عام من عمر المولود، وهي تستقبل كما يذكر محمد القريقري مساعد مدير ادارة سجل الواقعات بأحوال جدة الذي اكد لنا بأن هذه الادارة تستقبل وتنجز يومياً نحو (500) معاملة في وقت قياسي اعتماداً على استخدام الحاسب بالسرعة والرقة المطلوبة بحيث تنجز المعاملة في اقل من خمس دقائق وهي تطور مشهود من خلال سرعة العمل ورضا المراجعين. (تصور خاطئ وتطور صحيح) وايضاً معروف لدى الجميع ما تحقق خلال سنوات من تطور مذهل في ادارة جوازات جدة التي تستقبل خلال هذه الايام على سبيل المثال مئات الطلبات وتشهد ازدحاماً نتيجة رغبة الناس للسفر واتخاذهم قرار تجديد او استصدار الجواز خلال ايام ورغم الازدحام الملموس والمشهود والمزعج الذي يتضح من بوابة ومدخل الادارة الا ان المعاملات تنجز في وقت قصير وبدقة متناهية تواكب وتعكس حساسية المهمة ودرجة دقة مخرجاتها حتى ان كثيراً من الناس اصبحوا يعتقدون بأن عمل الجوازات من الاعمال السهلة واجراءاتها مبسطة ولاتستحق مجهوداً مضنياً قياساً بالادارات الخدمية الاخرى وهو تصور خاطئ لايفسر الا بما تحقق في هذه الادارات من تطور ملحوظ في الاجراءات وتحسن محمود وواضح في اساليب العمل وانماط ادائه وطرق مسار المعاملات داخله. (معاملات عبر الانترنت) ومن الامثلة الايجابية مع ضغط وكثافة وحجم العمل المتزايد ما تحقق داخل اروقة وادارات امارة منطقة مكةالمكرمة من تحسن وتقنية في اداء العمل وطرقه بالاعتماد الايجابي والعملي لبرامج الحاسب الآلي حيث يمكن حتى لكل مراجع متابعة معاملاته من اي منطقة واي مدينة عبر الاستفسار عن طريق الحاسب الآلي ومن خلال شبكة الانترنت. وذلك من خلال موقع الامارة داخل الشبكة ويتسنى للمراجع معرفة مسار المعاملة وما يستجد بشأنها في جميع المراحل، وهذا يعكس صورة ممتازة وايجابية ومتطورة لواقع ادارات كهذه كانت الى سنوات مضت تعتمد اعتماداً كلياً ومتناهياً على الاساليب الورقية والتقليدية في جميع المراحل وفي مختلف الاقسام ولعل من الامثلة الايجابية ايضاً استخدام كثير من الادارات الحكومية شبكة الانترنت في متابعة المراجعين للمعاملات ويعلم جميعنا ان متابعة نتائج امتحانات الطلاب والطالبات في المرحلة الثانوية ومعرفة كل طالب لنتيجته من خلال رقم جلوسه او هويته .. وقد وفر الكثير من الجهد على الوزارة وعلى طلاب المدارس ووسائل الاعلام التي كانت سابقاً تقوم بدور الاعلان عن النتائج على صفحات الجرائد ويلتف الطلاب حول مطابعها بطريقة يشفق جميع العاملين داخل الصحف على وضعهم دونما حل ولا وسيلة ولا امكانية تخدم طلبهم وتحقق شوقهم لمعرفة النتيجة بغير الانتظار الى حين طباعة الجريدة.. فخلت طريقة الانترنت بكل نجاح وحققت الغاية المنشودة والهدف المقصود بكل جدارة واقتدار، ودون احرج لعاملي الصحف والقائمين على مطابعها. (شاهد ودليل نفي) ادارة مثل ادارة الاراضي والمنح في أمانة محافظة جدة من اسوأ مايمكن ان تكون عليه ادارة خدمية وحكومية رغم الكمبيوتر في اقسامها وشعبها الداخلية لكن الكمبيوتر اذا لم يكن مرتبطاً بتفكير اداري وعقلية عملية تطرح وتجدد وتحاول تقديم الجديد لخدمة المراجعين وتطوير عمل الادارة لتسهيل الاعمال فإن هذا الجهاز قد يكون شاهد نفي وليس اثبات لتطور وتقدم ودليل ادانة وليس تبرئة فأمر المنح يصدر ويحصل المواطن على منحته بعد سنوات طوال نتيجة اخطاء في التسجيل بين وحدة الرصد والتحديد والصادر والوارد والاقسام التسجيلية والتي لامبرر لها وتحتاج الى ادارات تتولى عملية تطوير ونفض الغبار عن كاهل وكيان هذا القطاع الحيوي دون ان ننظر للروتين الذي يعيق كل نظرة تقدمنا خطوات للامام. وغيرها كثير من الادارات الحكومية في المحاكم وكتابات العدل ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وغيرها، وجدير بهذه الوزارات ان تتطلق لكل خطوة واتجاه يرتقي باداء عملها ويطور اسلوب عملها وليتها تتجه للاستفادة من برامج وخبرات معهد الادارة العامة في مجال الاستشارات الادارية التي توفر جميع الامكانات لمنح الاستشارات بعد دراسة كل ادارة وتحديد المشكلات والصعوبات والعراقيل وتعطي وصفة عملية ادارية تعيد منهج عمل واوليات اجراءات كل ادارة حكومية لتسهيل عملها وتطوير ادائها ومن غير المعقول ان معهد الادارة العامة بكل خبراته الاستشارية وبرامجه البحثية في هذا الشأن لايحقق الجدوى والغاية التي تستهدف مشاركة جميع الادارات في عملية تطوير الاداء وتحسين انماط العمل بل ان كثيراً من الخبراء كانوا يتوقعون ان يشهد هذا المعهد سباقاً من الادارات على جانب الخدمات الاستشارية سعياً لتطبيقها وتنفيذ بنودها. (77 استشارة لاتكفي) معهد الادارة العامة ومن خلال فروعه في الرياضوجدة والدمام انجز 77 استشارة استفاد منها 65 قطاعاً مختلفاً ولو كان هناك حرص شديد وحثيث للاستفادة من خدماته الاستشارية في مختلف المجالات مثل اللوائح والانظمة والتنظيمات والاعمال المكتبية والحاسب الآلي والمصفرات الفيلمية وغيرها من المهام والاعمال الاشرافية والادارية لكان عدد الاستشارات قد تجاوز هذا الرقم بكثير وربما بعدة اضعاف ليس من باب الترف والترفيه او حتى تحت مبدأ التعاون بين القطاعات الحكومية ولكن انطلاقاً من الحرص على التطوير والاستفادة من كل السبل المتاحة والحكومية المجانية لتطوير اداء العمل فمعهد الادارة العامة يعتبر ان من واجباته تقديم الاستشارات ويسعى بكل ما يستطيع لتعميق تجاربه في هذا الحقل الحديث على مؤسساتنا وقطاعاتنا الخدمية الحكومية وكل استشارة يقدمها تضيف الى خبراته الكثير والى محيطه الميداني العملي الشيء الكثير ويؤكد المسؤولون في معهد الادارة ان الاستشارات تمثل احد النشاطات الرئيسية للمعهد نظراً لاختصاصه حسب الفقرة الثانية من المادة الثانية من المرسوم الملكي الصادر بانشاء المعهد ان يختص بالمساهمة في تنظيم الادارة الحكومية واعطاء المشورة في المشاكل التي تعرضها عليه الوزارات الحكومية ويعتبر هذا النشاط احد القنوات الرئيسية من خلالها ساهم ولايزال في عملية التنمية الادارية في المملكة. (خبراء وليسوا تجار شنطة) لكن خبراء المعهد بطبيعة الحال ليس لديه مندوبي مبيعات يجوبون الوزارات والمؤسسات والهيئات والقطاعات الحكومية لعرض الاستشارات وليس لديه قسم تجاري وليس بحاجة الى تقديم عروض اعلانية على وسائل الاعلام لاغراء المسؤولين بالمبادرة للحصول على الاستشارات التي تعتني بتطوير اعمال اداراتهم وتعالج النقص في الخدمات التي تجاوز الزمن طرقها التقليدية القديمة ولم يتحول خبراؤه بعد الى متجولين وتجار شنطة بل هي خدمات ثمينة ينبغي ان يسعى من يريدها الى الحصول عليها وليس لها ثمن باهظ ولاتكلفة مرتفعة ولا اجراءات مطولة وطوابير انتظار مرهقة انما يكلف الامر فقط اتصالاً بالمعهد وتنسيقاً رسمياً وخطابياً بشأنها بعد عرض اسباب او حالة المشكلة والحاجة الى حلول ادارية بما يمثل عرض حالة للأمر او للمشكلة العارضة، والمعهد حسب اجتهاداته وماهو موكل له يكلف لجنة او فريق عمل يقوم بدراسة المشكلة بحثياً وميدانياً لوضع الاستشارة اللازمة التي تستهدف التطوير والتحديث مع مراعاة دقة العمل وسلامة عطائه، لكن كما ذكرنا الامر بحاجة الى مسؤولين لديهم الرغبة في التطوير والحرص على الاستفادة من الامكانات المتاحة والمتوفرة والامثلة كثيرة على النجاحات التي تحققت بفضل استشارات المعهد وخبراته الاستشارية لأن الاستشارة تحتاج الى مسؤول يحرص على تنفيذها بقدر حرصه على الحصول عليها واللجوء لها وإلا فستكون الاستشارة معلقة في مدخل هذه الوزارة وفي سجل انجازاتها دون فائدة تذكر وفعل ايجابي يقدم شيئاً وتكون حينها اشبه ما تكون بشهادة ربة منزل جامعية اثرت تعليق شهاداتها على جدار مطبخ منزلها دون عمل يحقق لها فائدة حقيقية.