لستُ هنا بصددِ الكتابة عن بطل المشاة الفتَّاك (آرفين رومل) ثعلب الصحراء القائد العسكري الذي خرج للعالم في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد، ولست هنا لأسرد قصة القناص الروسي الأسطورة (فاسيلي) الذي كان أكثر فتكاً إبان الحرب العالمية الثانية، إنما حديث مقالتي اليوم عن (سلاحٍ فتاكٍ) لطالما فتك بالكثير من أصحابه، وأودى بحياةِ الكثير من مستخدميه. إذ إنَّه أكثر بطشاً من الرصاصة الجوفاء المدمرة، وأكثر إماتةً من القنابل العنقودية الساحقة، (سلاح اللسان) القنبلةُ الموقوتة التي تغافل عنها الكثير الكثير إلاَّ من رحم الله. والحربُ الباردة التي خاض غمارها خلق كثر، فأصبح الهمس واللمز والغيبة والبهتان هو البارود والنار لتلك الملاحم المهلكة لأصحابها. وصدق من قال: "في اللسان هلاك الإنسان". (اللسانُ) سيفٌ متى ما أُغمِدَ، فلم يُسَلْ إلاَّ في كلمةِ حقٍ، أو عند فعل خيرٍ؛ بُشِّرَ صاحبه بالنصر والرضوان. ومتى ما سُلَّ في لحوم العباد، وطعن المؤمنات الغافلات كان وباله على صاحبه. وقد قيل: إن كان للسيف حدان، فإنَّ للسان مئة حد. فألقِ عنك ما يؤدي بحياتك، وانشر السلام وابتعد عن زللِ اللسان وهفواته؛ وإلاّ ستثكلك أمك، ويبكيك أبوك، وينعيك إخوتك. وتذكر قول إمام المرسلين عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم لمعاذ رضي الله عنه: (وهل يكب الناس على وجوههم إلاَّ حصائد ألسنتهم) رواه الترمذي.