لم أكتب أو أتطرق لهذي الصفة الذميمة التي نهى عنها الإسلام من فراغ ولا قصدت إضافة رصيد لمقالاتي .. ولكن شاهدت الكثير وقرأت الكثير وأحسست بالكثير ممن يحمل هذه الصفة الدنيئة التي هي اشد من الغيبة والنميمة .. فجردت قلمي قاصدة تسليط الضوء على هذه الخصلة والممقوتة من قبل من كان في قلبه ذرة إيمان ..خصلة شنع بها رب العزة والجلال في كتابه المبين. حذر منها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في أحاديثه الشريفة والمشهورة بكتب الصحاح لا أتصور أبدا أن أحدا بقلبه ذرة ايمان بالله وباليوم الآخر أن يوظف نفسه للنميمة ويبث سموم التفرقة والبهتان بين الناس أو أن ينقل أخبار فلان لعلان إلا إن كان في قلبه هذا المرض اللعين المسمى الحقد والغيرة ، فاللهم جنبنا الحسد وأهله ، ولا تعرضنا لذوي النفوس المريضة الفاسدة حتى لا نتعرض وأحبابنا للتفرقة وتمتلئ قلوبنا بالضغينة على بعضنا البعض بسبب أهواء الفاشلين الحاملين فايروس الحقد . أعلم أن الحقد صفة مرضية أدعو الله أن يشفي المصاب به ، ومن شدة هذا المرض الذي يصعب علاج من ابتلى به لأن صاحبه لا يعلم عن نفسه أنه موبوء بأخطر أنواع المرض الإنساني ، ربنا يعافينا مما ابتلى به كثير من خلقه . والبهتان تعريفه في الاسلام .. هو أن تتهم أخوك المؤمن بما ليس فيه ، وتتجنى عليه بأعمال لم يقم بها وجرمه أكبر من الغيبة وإثمه أشد .. لذلك صنف السان من أعظم ما يدخل الناس النار أما كان حريا بالعبد أن يصون لسانه ويمسكه عما حرم الله ونهى عنه من الكذب والغيبة والنميمة وغيرها من الآفات المهلكة؟. ومن أعظم هذه الآفات آفة البهتان التي عدها بعض أهل العلم من الكبائر. لما جاء في القران الكريم والسنة النبوية عن الرسول صل الله عليه وسلم قال تعالى : «ومن يكسب خطيئة أو إثماً، ثم يَرمِ به بريئاً، فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً» )(سورة النساء: الآية112( وقال الرسول (ص) : «من بهت مؤمناً أو مومنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه اللّه تعالى يوم القيامة على تلٍّ من نار، حتى يخرج مما قاله فيه» . وحينما نقول بهت فأننا نفسرها وبُهت لفظاً أي دهش واحتار ، وبمعنى عجز عن الرد .. ويدل في اللغة على الافتراء والكذب . أما في المصطلح القرآن الكريم ، وعلم الأخلاق وعلم الحديث : فمعناه رمي المؤمن بما لم يفعله. وكلمة بهتان : تنبع من الكذب والافتراء على إنسان ، مما يجعل المفترى عليه مبهوتاً مذهولاً من ألم التهمة الكاذبة وقد وردت كلمة بهتان في كتاب الله 6 مرات لما تحمله من ذنب عظيم لما له من آثار دنيوية وأخروية سيئة على شخصية الإنسان والفرد والمجتمع ولما فيها من قطع اوصل العلاقات بين الاسر . والأسرة الواحدة .. ( والذينَ يُؤذونَ المؤمنين والمؤمناتِ بغيرِ ما اكتَسَبوا فقدِ احتَمَلوا بُهتاناً وإثماً مُبيناً .) سورة الأحزاب: الآية 58 .. أن الإيذاء باللسان أن تقول عن إنسان ما ليس فيه ..وتنقله متفاخراً انك كشفته أمام الاخرين بافترائك وكذبك .. وقد أوصى رسول الله صل الله عليه وسلم لأبي ذرّ .. مقايسة بين البهتان والغِيبة، إذ الغِيبة إظهار شيء من المؤمن كان مخفياً، ولكنّ البهتان نسبةُ شيء إلى المؤمن على سبيل الكذب وهذا اشد وأعظم من الغيبة. ولما كان البهتان من الأمور المذمومة في الشرع وعند أهل المروءات فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ البيعة على من أراد الدخول في الإسلام ان يتجنب البهتان، فعن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- وكان شهد بدرا، وهو أحد النّقباء ليلة العقبة- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال وحوله عصابة من أصحابه: بايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره اللّه فهو إلى اللّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه". فبايعناه على ذلك.(رواه البخاري)أسأل الله أن يبعدنا جميعاً عن هذا الذنب العظيم وأن يبعدنا عن مداخل الشيطان وأن يعيننا على أنفسنا. حصة بنت عبد العزيز