أصبحت الألسنة الحداد و(الحش) في عباد الله، والقيل والقال، والغيبة والنميمة، والكذب والشتم والسباب .. من آفات اللسان وديدن الكثير من الناس؛ فلا تحلو ولا تخلو جلساتهم من التعرض لعباد الله غيبة أو زورا وبهتانا، بل أصبح الأمر عاديا عند السواد الأعظم منهم من دون مراعاة أو خوف من الله، وقد نبهنا الشارع العظيم لهكذا أمر حيث يقول عزّ وجلّ في محكم التنزيل « أَيحُبُ أَحدُكُم أن يأكلَ لحم أخيه ميتًا فكرهتموه» الحجرات 12، وقد وجهنا رسولنا الكريم في الكثير من الأحاديث الشريفة التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله – صلى الله عليه وسلم – « لقد اهلك من كان قبلكم القيل والقال وكثرة السؤال» أو كما قال عليه الصلاة والسلام – وأيضا ما ورد في حديثه لمعاذ رضي الله عنه: «كُفَّ عليك هذا، وأشار إلى لسانه، فقال معاذ: أوأنا مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله، فقال عليه السلام « ثكلتك أُمُك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم». وقد حذرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الوقوع في أعراض الناس أو الخوض في أحوالهم أو الإساءة إليهم بأي شكل من الأشكال، أو إلحاق الضرر بهم بالقول أو الفعل كما قال صلى الله عليه وسلم – المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وللأسف الشديد، فكثرة الغيبة والنميمة والكذب والطعن في عباد الله أصبحت أمورا عادية عند الناس ولا يسلم منها إلا من رحم ربي. والكلمات الجارحة أشدُ إيلاما من حد السيف وتبقى جراحها غائرة لفترة طويلة من الزمن، ولا يخلو أي بشر من عوامل النقص والوقوع في الزلل ( ولا استثني نفسي في هذا الزمن الذي أسأنا الأدب فيه مع الله)، ولكن يحاول الإنسان قدر المستطاع حفظ لسانه من الوقوع في الخطأ وذكر معائب الآخرين وكما قال الشاعر: لسانك لا تذكر به عورة امرئ ... فكلك عورات وللناس ألسن. ولعلي اختم بقصيدة الشاعر المبدع العميد متقاعد/ إبراهيم شطا التي استوقفتني وأعجبت كثيرا بها حيث يقول في تلك القصيدة اللامية المعنونة ب « ألجم لسانك لا تطلقه بالزلل»: الفحش في القول مثل الفحش في العمل فالجم لسانك لا تطلقه بالزلل السب والشتم للأخلاق منقصة وصاحب الفحش بين الناس في خجل جرح بسكين يشفى دائما أبدا لكن جرح لسان غير مندمل فاحفظ لسانك لا تنطق بفاحشة إن الفواحش للأخلاق كالعلل ما قيمة العلم في شخص بلا خلق سيئت مغبته بل باء بالفشل أكرم لسانك بالخيرات تطلقه وراقب الله في قول وفي عمل إن البذيء بذيء اللفظ محتقر في كل مجتمع في كل محتفل صلى اللهُ وسلّم على معلم الناسِ الخير، اللهم حسّن أخلاقنا وأحفظ ألسنتنا من الزلل والخطأ واجعلنا من الذين لا ينطقون إلا بخير.