إن التأكيد على أهمية المؤشرات التي تقيس رضا المستفيدين وأصحاب المصلحة من أداء الجهات الخدمية، قد لا تُحقق التغيير الفوري، ولكن بالاستمرار في المشاركة والتواصل، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في المستقبل، على أن يكون القياس من جهات محايدة توصل صوت المواطن مباشرة إلى الجهات الرقابية وولي الأمر.. التقيت في إحدى الفعاليات بمجموعة من أصحاب الفكر، وكان الحوار حول ما تشهده بلادنا من تحولٍ شاملٍ في القطاعات كافة، بل وحجم الحراك الذي تقوم به السعودية بالفعل وفق رؤية 2030 في تنفيذ عدد كبير من الإصلاحات والمشاريع العملاقة، مما يعكس تصميمها على تحقيق التغيير على المدى الطويل. يتضمن ذلك تعزيز القطاعات غير النفطية وتحسين البنية التحتية، وتطوير التعليم وتحسين فرص العمل. رغم التحديات، تظل السعودية قيادة وشعباً مُلتزمة بتحقيق رؤيتها وتحقيق التقدم الكبير نحو مستقبل مزدهر، إلا أن ما يراه البعض من قصور في أداء بعض الجهات الخدمية وهذا وارد، فيزيد تساؤلات المخلصين لهذا الوطن، كيف يمكن أن نكون مساهمين فاعلين في تحسين أوجه القصور في هذه الخدمات (إن وجدت)، بشكل بنّاء يُعين على تحسينها وتجويدها بإيجابية لائقة؟ على الرغم من وجود منصات للعديد من الجهات الخدمية لتلقي الملاحظات أو الشكاوى، إلا أنه حينما سعينا للعمل من خلالها، وجدنا صعوبة عند استخدامها، لم نستطع الوصول إلى الآلية الفاعلة للعلاج، لم ننجح رغم محاولاتنا للوصول إلى حل للمشكلة حتى مع أصحاب العلاقة وبشكل مباشر! يا ترى هل تقوم الجهات الخدمية بإجراء استطلاعات لقياس رضا المستخدمين وجودة الخدمات؟ من وجهة نظري أن التأكيد على أهمية المؤشرات التي تقيس رضا المستفيدين وأصحاب المصلحة من أداء الجهات الخدمية، قد لا تُحقق التغيير الفوري، ولكن بالاستمرار في المشاركة والتواصل، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في المستقبل، على أن يكون القياس من جهات محايدة توصل صوت المواطن مباشرة إلى الجهات الرقابية وولي الأمر. وقد كان السؤال الأعمق في نظري: كيف توازن الرؤية بين الكم والجودة؟ وكيف لنا أن نوازن بينهما في حياتنا لنكون نموذجاً للتوازن الفاعل في حياتنا الشخصية والمهنية؟ يقيني أن إدارة التغيير مع تحقيق الرضا الوظيفي والارتقاء بجودة العمل، تحدّ كبير يتطلب معرفة تنظيمية ودراية بالثقافة المؤسسية وتوظيف لأفضل الممارسات. ونحن نقف اليوم على أعتاب تحقيق هذه الرؤية الطموحة، لا بد من التأكيد على أن إدارة التغيير ليست مجرد مهمة ذات أهداف مؤقتة، بل هي مسيرة مستمرة من التحسين والنمو.. وترسيخ الرضا الوظيفي ورفد جودة العمل ليس إلا ثماراً يُعتنى بها على أغلى أرض للتطوير المستمر. ويبقى القائد المُلهم، بمصداقيته ونزاهته، المهندس الذي يستلهم أفضل الممارسات ويطبقها كقدوة لفريقه، مؤسساً بذلك لعهد جديد من الإبداع والتميز اللذين يكفلان استدامة النماء والتطور. فلنتشارك الإرادة (قائد، موظف، ومواطن) وندفع بحماس نحو تحقيق رؤية السعودية 2030 التي تُجسد أسمى تطلعات الوطن وبراعة أبنائه في صناعة المستقبل. إنه زمن يتسارع فيه إيقاع التحولات ويزداد عمق المتغيرات، تبرز إدارة التغيير فيه كفنٍ متقنٍ يجمع بين الحنكة الإدارية والرؤية الاستشرافية، مع وجود تنوع الفئات، فئة لا تقبل التغيير إما لكبر السن، أو لعدم القناعة خوفاً من عدم القدرة على مواكبة عجلة التطور ومقاومة التغيير، فهم يُعارضون لا لشيء إلا لكيلا يفقدون مناصبهم، وفئة تقبل التغيير وترحب به، لكن ليس لديها الخبرة الكافية لصغر السن. إنها الرحلة التي تأخذنا من عالم الروتين إلى آفاق التجديد، حيث لا يُلمس التميز إلا عبر جسور بُنيت على رأس التطور والابتكار. في هذا السياق، يُصبح الرضا الوظيفي ليس مجرد هدف يُرجى، بل هو الوقود الذي يدفع عجلة الجودة نحو الارتقاء بكل ما هو عملي وفعّال، مانحاً الفُرص لإبداعات العقول وتحليقات الأفكار. ولن يتحقق ذلك إلا بالقائد القدوة الذي يتحلى بالقيم والمبادئ والنزاهة والمهنية فيُمثل أساسا لبناء فريق متميز قادر على تحقيق الإنجازات العظيمة. (مَن خشي الرحمن بالغيب) فالمقياس الحقيقي للخشية أن تخشى الله حيث لا يراك أحد سواه، وتحديداً إن كنت في موضع السُلطة. إن وجود قائد يعكس هذه القيم يُلهم الآخرين ويحفزهم على بذل قُصارى جهدهم لتحقيق الأهداف المشتركة والحفاظ على تجويد الأداء، من خلال ارشادهم بحكمة وتشجيع إبداعاتهم نحو النجاح، فتحقيق التنمية المستدامة حجر الزاوية الذي تقوم عليه رؤية السعودية، التي تشترك في نسج خيوطها التحديات والطموحات بأيدي السعوديين والسعوديات، لتأسيس مستقبل يرتكز على القيم والمعرفة والإتقان.