تعاني العديد من القطاعات التربوية والتعليمية الحكومية منها والخاصة صغيرة او كبيرة في مناطق عدة من العالم من تدني مستويات التحصيل الطلابي, عدم مواءمة الطلاب الخريجين لمتطلبات التنمية, كثرة الاخطاء, وبطء الانجاز, كثرة الاجراءات الروتينية, تأخر وغياب الطلاب والعاملين, قلة التدريب والتعليم, تسرب الكفاءات العالية النادرة, المحسوبية, شكاوى المستفيدين الداخليين والخارجين وعدم رضاهم, وشواهد اخرى عديدة. وعلى الرغم من ان البحث المستمر والجاد عن نظريات واساليب تم تطبيقها في فترات مختلفة قد ساهمت الى حد ما في تحسين اداء هذه القطاعات, الا انها لم تستمر طويلا مع ما يشهده عالم اليوم من تحديات افرزها التطور المحلي والعالمي الجديد من تحولات سريعة ومنافسة شديدة تعتري العملية التربوية والتعليمية من تقدم وسائل الاتصالات وثورة تقنية المعلومات وارتفاع مستوى تطلعات وتوقعات العملاء او المستفيدين تجاه الخدمة المقدمة, وعلى الرغم من ذلك لا تزال كثرة الاخطاء باقية وظهور مشاكل اخرى جديدة يزداد تأثيرها سلبا بشكل اكبر عندما تشح الموارد المالية ومصادرها. لهذه الاسباب وفي ظل التطورات المستقبلية واحتدام المنافسة محليا واقليميا وعالميا, فان الامر يتطلب من تلك المؤسسات او المنظمات التخلي عن العديد من المفاهيم والانماط الادارية التقليدية التي لم تعد قادرة على التصدي لتلك التحديات, وفي الوقت نفسه لابد من تبني مفهوم واسلوب جديد للتعامل بكفاءة وفاعلية مع هذه التحديات والخروج بافضل النتائج التي تسهم في ارضاء المستفيدين الداخليين والخارجيين. تساؤلات في الجودة عندما بدأت ادارة التربية والتعليم بالمحافظة في تبني فكرة تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في المجال التربوي والاداري, طرح فريق العمل المكلف بهذه الدراسة التساؤلات التالية: * ما المقصود بالجودة في التربية والتعليم؟ * اي نوع من التعليم نحتاج اليه في القرن الحادي والعشرين؟ * لماذا تسعى الادارة الى تبني نظام ادارة الجودة الشاملة؟ لماذا الآن؟ * ما المقصود بثقافة الجودة؟ * ماذا يعني التخطيط الاستراتيجي للجودة؟ * ما المقصود بادارة التحول الى نظام ادارة الجودة الشاملة؟ * اذا كانت الجودة امرا متعدد الابعاد, فأي بعد يستحق الاولوية في حالة محدودية المصادر؟ * كيف تؤثر ادارة الجودة الشاملة في كافة افراد المؤسسة التعليمية؟ * كيف ينظر الجهاز التعليمي الى نظام ادارة الجودة الشاملة كوسيلة للتطوير الذاتي؟ * هل الجودة برنامج ام نظام؟ * ما هي المعوقات التي تحول دون تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في التعليم؟ * كيف يمكن تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في المؤسسة التعليمية؟ يعتبر مفهوم الجودة من المفاهيم التي يعتريها بعض الغموض ويختلف مفهومها من سياق لآخر, اذ لا يوجد بين الخبراء وعلماء الجودة اجماع حول تعريف واضح ومحدد باعتبار ان الجودة مرتبطة بمطلFات وتوقعات المستفيدين منها وهي متغيرة. لذا فان الفهم الحقيقي لمفهوم الجودة يعتبر احد الركائز الاساسية في تطبيق ونجاح ادارة الجودة الشاملة. لذا حرصت الادارة على وضع تعريف محدد للجودة يقوم على اساس انها: (اسلوب اداري يضمن تقديم قيمة للمستفيد الداخلي والخارجي من خلال تحسين وتطوير مستمرين للعمليات الادارية بشكل صحيح من اول مرة وفي كل مرة بالاعتماد على احتياجات المستفيد). دواعي التطبيق يعتبر القرن الحادي والعشرين قرن الجودة طبقا لرائد الجودة الامريكي جوزيف جوران. فالدراسات الاحصائية تشير الى ان المستهلك اصبح اكثر وعيا واهتماما بالجودة, فقد ارتفعت نسبة الباحثين عن الجودة من 30% - 40% في عام 1979م الى 80% - 90% في عام 1988 (السلطان 2003م). وتشير الدراسات في هذا الشأن الى زيادة الاهتمام بالجودة باعتبارها ضرورة ومطلبا اساسيا في عالم اليوم. ويذكر خبير الجودة جوزيف جابلونسكي ان وراء تطبيق مفهوم ادارة الجودة الشاملة في القطاع الحكومي عاملين في غاية الاهمية هما: العامل الاول: ارتباط الجودة بالانتاجية. وفي هذا الصدد يذكر الخبراء ان ما نسبته 40% الى 50% من تكاليف الخدمات التي تقدمها مؤسسات القطاع الحكومي تضيع هدرا, بسبب غياب التركيز على الجودة. العامل الثاني: ان تطبيق جودة الخدمة جاء نتيجة حتمية للمشاكل التي سببتها البيروقراطية وما تتطلبه من اجراءات تنظيمية مطولة ومعقدة. وتواجه العديد من المؤسسات التربوية في معظم دول العالم ازمة تربوية حادة تتمثل في ضعف مستوى جودة مخرجات تعليمها, اذا يتعرض خريجوها لنقد لاذع من المجتمع ومؤسساته, مؤداة ان خريجي هذه المؤسسات التعليمية ينقصهم الحد الادنى المقبول من المهارات والكفايات التي يتطلبها الاسهام الناجح في تلبية متطلبات الحياة في مجتمعهم. وعلى الرغم من ان العديد من المؤسسات التعليمية التي تعمل وفق اسلوب الادارة التقليدية قد تبذل جهودا جبارة لتطوير خدماتها, الا ان هذه الجهود قد تشتت وتقل فاعليتها اذا لم تكن هناك مظلة تجمعها وتنسق وتتكامل فيما بينها وتوجهها نحو تحقيق اهداف محددة. لذا فان تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة يوفر الاطار الذي يجمع وينسق ويوحد جميع الجهودى التطويرية الحالية والمستقبلية وفق أسلوب علمي لقد اصبحت حركة الجودة الشاملة في التعليم الشغل الشاغل والمكثف للدول والحكومات في عالمنا المعاصر, فالمؤسسات التعليمية تواجه العديد من التحديات التكنولوجية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها تحد من قدرتها على مواجهة تلك التحديات بكفاءة واقتدار في ظل اساليب ادارية تقليدية, مما شكلت ضغوطا قوية نحو السعي الدؤوب لتحقيق نتائج وانجازات نوعية لمواجهة تلك التحديات. وامام تلك التحديات يبرز التساؤل التالي: كيف تتعامل المؤسسات التعليمية مع تلك التحديات او المتغيرات؟ الواقع ان امام هذه المؤسسات اربعة بدائل للتعامل مع هذه التحديات, وهي على النحو التالي: التجاهل التام الاهمال وعدم الاكتراث لما سيحدث. التسليم الخضوع للامر الواقع. التكيف القبول والتعديل لتقليل المعوقات. المواجهة التعامل بجرأة لاستثمار واقتناص الفرص. والحقيقة ان نظام ادارة الجودة الشاملة يعد وسيلة فاعلة لمواجهة اي تحديات او معوقات تعتري النهوض بالعملية التربوية والتعليمية, باعتبار ان حجر الزاوية في فلسفة الجودة الشاملة هو (التحسين المستمر في كافة العمليات التربوية والتعليمية). اذا انه ليس مهما تحديد افضل عملية كان قد حسنها او طورها شخص آخر, بل الاصل ان تقوم المؤسسة التعليمية بكامل منسوبيها بتعلم عادة كيفية التطوير والتحسين المستمر من اجل ايجاد ما يسمى ب (مجتمع التعلم). وكان وراء قرار تبني نظام ادارة الجودة الشاملة في ادارة التربية والتعليم بمحافظة الاحساء مجموعة من الدوافع والمبررات يمكن تلخيصها فيما يلي: @ ارتباط الجودة بالانتاجية. @ الحاجة الى مزيد من التحسين والتطوير في جودة التعليم وخفض التكلفة. @ تعرض المؤسسات التعليمية للعديد من التحديات والمتغيرات المستمرة والمتسارعة في عصر المعلوماتية. @ تعاظم المسؤولية الاجتماعية لادارة التربية والتعليم اتجاه المجتمع المحلي. @ نجاح نظام ادارة الجودة الشاملة في العديد من المؤسسات التعليمية في معظم دول العالم. @ عدم جدوى بعض الانظمة والاساليب التقليدية السائدة في تحقيق الجودة المرغوبة. كما ان هناك عددا من القرارات التوصيات التي تدعم هذا التوجه منها: @ خطة التنمية السعودية 1415-1420ه بضرورة الاهتمام بالنوعية (الجودة) في التعليم العام والجامعي. @ توصيات وزراء التربية والتعليم والمعارف في مجلس التعاون بدول الخليج العربي بانشاء وحدة تأكيد الجودة في التعليم بهذه الدول. @ صدور الموافقة السامية الكريمة على انشاء جائزة الملك عبدالعزيز الوطنية للجودة. @ صدور قرار وزير التربية والتعليم عام 1423ه بوضع تصور لتطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة على كافة قطاعات الوزارة وادارات التعليم. @ صدور قرار وزير التربية والتعليم عام 1424ه بتنفيذ مشروع (ادارة الجودة الشاملة) في قطاعات الوزارة كافة. مبادئ ادارة الجودة الشاملة ركزت ادارة التربية والتعليم بالمحافظة على مجموعة من المبادئ الرئيسة في نظام ادارة الجودة الشاملة تتمثل في الآتي: @ التركيز على احتياجات وتوقعات المستفيدين الداخليين والخارجيين والسعي لتحقيقها. @ تمكين العاملين. @ القياس والتحليل كأساس لاتخاذ القرارات. @ التأكيد على ان التحسين والتطوير عملية مستمرة. @ دمج الجودة بعملية التخطيط الاستراتيجي للادارة. @ التاكيد على ان الجودة مسؤولية الجميع. أهداف سعت الادارة من خلال تبني نظام ادارة الجودة الشاملة الى تحقيق الاهداف التالية: @ نشر وترسيخ ثقافة الجودة لدى كافة العاملين والمنتسبين بادارة التربية والتعليم بالمحافظة وتدريبهم على اساليب التحسين والتطوير واعادة هندسة العمليات. @ تحقيق اكبر قدر ممكن من ارضاء المستفيدين الداخليين والخارجيين. @ ترسيخ ثقافة العمل المؤسسي التي تدعم وتحافظ على التحسين المستمر. @ ايجاد التنسيق والتكامل بين مختلف الادارات والاقسام والمدارس. @ تطوير مقاييس الاداء. @ الحرص على بناء وتعزيز العلاقات الانسانية. @ تحسين وتطوير مستمر لكافة العمليات التربوية والادارية. @ تقليل اجراءات العمل الروتينية واختصارها من حيث الوقت والتكلفة. استراتيجية التطبيق يمكن النظر الى تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في اي مؤسسة او منشأة باعتباره رحلة مستمرة وليس محطة وصول, وهذا يتطلب دعما مستمرا من الادارة العليا وتقييما شاملا ومستمرا للمؤسسة او المنشأة مع التركيز على نشر مفهوم وثقافة الجودة لدى كافة العاملين بها. وسعت ادارة التربية والتعليم بالمحافظة في سبيل تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة منذ البداية على تبني النظام ودمجه في التخطيط الاستراتيجي للادارة والحصول على الدعم الكافي للنظام من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز امير المنطقة الشرقية ووزارة التربية والتعليم. تأسيس مركز الأمير محمد بن فهد للجودة جاءت موافقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز على انشاء مركز متخصص للجودة في 26/10/1420ه تحت مسمى (مركز الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة) تتويجا وترسيخا لدعم جهود الجودة بهدف نشر مفهوم وثقافة الجودة وتطبيقها في المدارس والمرافق الادارية بادارات التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية (الدمام - الاحساء - حفر الباطن). أهداف المركز يهدف مركز الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة الى تحقيق الاهداف التالية: @ تأكيد مفهوم الجودة كمبدأ اسلامي ومطلب وظيفي. @ ترسيخ مفهوم الجودة في قطاع التعليم وفق النظام التعليمي العام. @ احداث نقلة نوعية في كافة الخدمات التربوية والتعليمية بما يرضي المستفيد ويحقق تطلعاته المستقبلية. @ رفع مستوى الاداء للاداريين والمعلمين والموظفين في المرافق الادارية والمدارس. @ المشاركة في وضع حد للمشكلات وتلافي الاخطاء قبل وقوعها. @ تشجيع المبادرات والابداعات الناجحة في المجال التعليمي. وظائف ومهام @ نشر مفهوم نظام ادارة الجودة الشاملة تدريجيا في محيط ادارة التربية والتعليم والمدارس ومتابعة تطبيقه وتقييمه. @ تحديد المدارس والمرافق الادارية التي تطبق نظام الجودة وفق معايير محددة. @ الاشراف على اعداد دليل الجودة واجراءات العمل بنظام الجودة للمدارس والمرافق الادارية. @ تحسين الخدمات الادارية والتعليمية ومتابعة تفعيل المبادرات الناجحة. @ التواصل المستمر مع الجهات الحكومية والاهلية التي ستطبق نظام ادارة الجودة الشاملة. @ تهيئة المدارس للحصول على شهادة الايزو 9000 (اختياري). أهداف ومهام يهدف المجلس الاستشاري للجودة الى دعم المجلس الاداري للجودة وتقديم خدمات استشارية في مجال الجودة ومساندة الجهود المبذولة لايصال رسالة المركز وتحقيق اهدافه. وتتمثل مهام المجلس الاستشاري للجودة فيما يلي: * رسم السياسة العامة لمركز الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة. - دعم ومساندة الجهود المبذولة لتحقيق رسالة المركز واهدافه التربوية والتعليمية. - اعتماد الخطط والبرامج والمشروعات المستقبلية التي يشرف عليها المركز. - اعتماد ميزانية المركز ومجالات صرفها والجهات الداعمة لها. تشكيل ومهام يتكون المجلس الاداري للجودة من: مدير التربية والتعليم بمحافظة الاحساء (رئيسا), المساعد للشؤون التعليمية بالادارة (نائب للرئيس), المساعد للشؤون الادارية والمالية بالادارة (عضوا), المشرف على مركز الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة (مقررا), مدير الاعلام التربوي والعلاقات بالادارة (عضوا), مدير ادارة التطوير الاداري بالادارة (عضوا), ورئيس وحدة التطوير الاداري عضوا. وتتمثل مهام المجلس الاداري للجودة في: تنفيذ السياسة العامة للجودة في المركز والاشراف عليها, اعتماد متطلبات تطبيق الجودة في المركز, اقرار برنامج لتحفيز ومكافأة الفرق والافراد المتميزين في تطبيق الجودة, وتشجيع وسائل وسبل التعاون مع الجهات المطبقة لنظام الجودة في القطاعين الحكومي والقطاع الخاص. مراحل البناء لا يوجد خطة نموذجية يمكن ان يطلق عليها (الخطة المثلى لتطبيق ادارة الجودة الشاملة). فلكل مؤسسة ظروفها الخاصة بها, والحرص على الواقعية في التطبيق يتطلب ان تكون خطة التطبيق مصممة بمعرفة المؤسسة ذاتها بما يتلاءم مع متطلباتها واحتياجاتها والثقافة التنظيمية الخاصة بها من اجل ان تصبح الجودة جزءا اساسيا من ممارستها اليومية. وباختصار فقد مرت عملية تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في الادارة بخمس مراحل اساسية: مرحلة الاعداد والتهيئة الطريقة المثلى للشروع في تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة تبدأ من خلال الاعداد والتهيئة الجيدة لهذا النظام لجميع العاملين وبالذات القيادات العليا في المنظمة. والهدف الاساسي من ذلك هو التركيز والدعم التام من الادارة العليا وتسخير كافة الامكانات والطاقات لتحقيق الجودة المطلوبة ووضعها موضع التنفيذ كجزء لا يتجزأ من التنظيم الاداري. وتم في هذه المرحلة تدريب كافة القيادات بالادارة والذين ستناط بهم مرحلة الاعداد والتهيئة للجودة وفق برنامج تدريبي يتناول مفاهيم واسس ادارة الجودة الشاملة, وتشمل ايضا تحديد رؤية الادارة المستقبلية ورسالتها, اهدافها وسياستها, وقيم ومبادئ العمل في ظل ادارة الجودة الشاملة, كما تم تشكيل فريق للجودة (تختلف المسميات من مؤسسة او منشأة لاخرى) للاشراف والمتابعة على عملية تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة, ويقع على عاتق اعضاء الفريق قيادة وتوجيه كافة الجهود المبذولة لتحسين الجودة بالادارة. مرحلة التخطيط يتم في هذه المرحلة ارساء حجر الاساس لعملية التحول او التغير الى اسلوب ادارة الجودة الشاملة في الادارة ومن خلال خطة استراتيجية للجودة تشمل: @ الاهداف والنتائج المطلوب تحقيقها العقبات المتوقعة وكيفية التغلب عليها العمليات الرئيسة الموارد المالية والبشرية المعايير المحددة للاداء وكيفية قياسها الخطة الزمنية للتنفيذ. مرحلة التقويم وتهدف هذه المرحلة الى تزويد الادارة بالتغذية الراجعة عن انطباعات الافراد والمجموعة فيما يتعلق بجوانب القوة والضعف فيها لقياس الدرجة النسبية لنضج ادارة الجودة الشاملة, بالاضافة الى تحديد العمليات الرئيسة التي تحتاج الى التحسين او التطوير, وتركز عملية التقويم على تحديد كافة العناصر المهمة في الثقافة التنظيمية بشكل عام والتي تؤثر بشكل مباشر على المنظمة وكافة الافراد العاملين بها, وتتم عن طريق بعض الاساليب منها: المقابلات الشخصية, الدراسات والبحوث, قياس رضا المستفيدين الداخليين والخارجيين, والمسوحات الميدانية. مرحلة التطبيق ويتم في هذه المرحلة التطبيق الفعلي لنظام ادارة الجودة الشاملة من خلال الخطوات التالية: تحديد العمليات (فرص التحسين او التطوير), تحديد الاسباب, الاتفاق على الاهداف والمعايير, اختيار افضل الحلول, تطبيق خطة الحل, التدقيق والمتابعة, تعديل وتوثيق اجراءات العمل الجديدة, والاستمرار بنفس الاسلوب اعلاه. مرحلة تبادل ونشر الخبرات يتم في هذه المرحلة نشر ونقل الخبرات وقصص النجاح الذي تحققت نتيجة تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة سواء من داخل الادارة او خارجها, وفي هذه المرحلة يتم الاستفادة من الخبرات والنجاحات التي حققتها الادارة وذلك بدعوة الآخرين للمشاركة في عملية التحسين بهدف الدعم والمؤازرة. وقد تم الاستفادة من بعض الانجازات الفعلية التي تحققت سواء على صعيد الادارة او المدارس المطبقة للنظام منها على سبيل المثال لا الحصر, حصول الادارة على جائزة الأمير محمد بن فهد للاداء الحكومي المتميز في عام 1424ه, حصول مدرسة الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز الابتدائية على جائزة حمدان بن راشد للاداء التعليمي المتميز على مستوى الخليج في عام 1425ه وحصول بعض المدارس على شهادة الجودة الايزو 9000. متطلبات التطبيق يتطلب تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في القطاع التعليمي الى توفير مجموعة من المتطلبات الاساسية لضمان نجاح عملية التطبيق التي تعتبر بمثابة التربة الخصبة لاستنبات وتبني هذا النهج الجديد. والحقيقة ان العمل على نجاح واستمرار اسلوب ادارة الجودة الشاملة في التعليم ليس سهلا وان كان ممكنا, بل يعد من اكثر التحديات التي تتطلب مزيدا من الصبر والالتزام. كما ان هذا الاسلوب ليس علاجا سريعا, بل يتطب فكرا بعيد المدى وتخطيطا طويل المدى لاعطاء نتائج ايجابية. اذ ان فلسفة ادارة الجودة الشاملة تتطلب تغيير ثقافة العمل لكافة العاملين, اي الطريقة او الممارسة اليومية التي يؤدي بها العمل. بالاضافة الى ان هذه الفلسفة لا تعني ان الجودة هدف محدد نحققه ونحتفل به ومن ثم ننساه, بل تعبر الجودة عن هدف متغير, اي ان تحسين الجودة عملية مستمرة بلا نهاية. والواقع ان اي خلل في توفير هذه المتطلبات سينعكس سلبا على نجاح التطبيق. ومن اهم هذه المتطلبات التي حرصت الادارة عليها في رحلتها في تطبيق نظام الجودة ما يلي: دعم الادارة العليا للنظام تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة يعد قرارا استراتيجيا يتم اتخاذه من اعلى سلطة في الهرم الوظيفي في المؤسسة هدفه طويل المدى. وفي هذا السياق اولت ادارة التربية بالمحافظة هذا الجانب جل عنايتها من خلال انشاء مركز متخصص للجودة (مركز الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة) يحظى مجلسه الاستشاري برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز امير المنطقة الشرقية - حفظه الله - وبدعم مباشر من معالي وزير التربية والتعليم, كما يرأس المجلس الاداري لمركز الجودة مدير التربية والتعليم بالمحافظة. ويذكر لاسيلز وديل (Lasceles & Dale) ان افراد الادارة العليا بالمؤسسة او المنشأة هم عامل التغيير الداخلي الاساسي. اذ باستطاعتهم تشكيل قيمه وانشاء ما يمكن ان نطلق عليه (البنية التحتية الادارية لاحداث التغيير المطلوب), ويحتاج قرار تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة الى قناعة ودعم الادارة العليا في المؤسسة بأهميته وضرورته من اجل تحقيق التحسين المستمر للجودة. ويعتبر هذا المتطلب من اهم المتطلبات الاساسية بل واهمها جميعا لضمان واستمرارية نجاح عملية تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة, على اعتبار ان الادارة العليا هي السلطة المخولة لاتخاذ قرار تبني النظام, وهي التي تملك القدرة على وضع رؤية المؤسسة المستقبلية ورسالتها واستراتيجيتها واهدافها, وتملك القدرة على تغيير الفلسفة القديمة التي تسير عليها. ويمثل الدعم والتأييد المطلوب من الادارة العليا الاعلان الواضح والصريح امام كافة العاملين في جميع المستويات الادارية بأهمية هذا النهج الجديد لاشعارهم بحماس الادارة العليا لهذه الفلسفة الجديدة وانها تمثل بعدا استراتيجيا لها. ومن ناحية اخرى فان ترجمة الدعم والمؤازرة من جانب الادارة العليا لهذا النظام تطلب تخصيص الامكانات المادية والبشرية اللازمة للتطبيق, وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات اللازمة, ادراكا من الادارة العليا ان نجاح تطبيق الجودة الشاملة سيعتمد على مدى تقبل العاملين لهذا النهج الاداري الجديد والمشاركة في فرق الجودة. تهيئة مناخ العمل من الاهمية بمكان ان يسبق تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة برنامج مكثف لتهيئة الجو والتمهيد المسبق لعملية التطبيق لنشر الوعي عن مبادئ الجودة الشاملة ومفاهيمها وذلك للتهيئة النفسية فكافة مستويات المنظمة لتقبل التغييرات المتوقعة في النهج الاداري الجديد, فالقبول دون الاقتناع لا يساعد على النجاح, ويوجد مقاومة له. لذا حرصت الادارة على شرح النهج الجديد والثقافة الجديدة عن طريق الاستفادة من المناسبات والاجتماعات والندوات والنشرات والمحاضرات العامة وتوفير برامج تدريبية تثقيفية للتأكيد على اهمية مساندة الجميع لجهود الجودة الشاملة. التركيز على المستفيد المفتاح الرئيس لنظام ادارة الجودة الشاملة هو تركيزه على المستفيد, فرضاه عن الخدمات المقدمة هو معيار النجاح. لهذا سعت الادارة نحو الاصغاء الى المستفيد الداخلي والخارجي عن طريق استطلاعات الرأي, المقابلات الشخصية, وغيرها من اجل تحقيق رضاه, والحقيقة ان الادارة حرصت في البداية على التركيز على المستفيد الداخلي وتحقيق رضاه, على اعتبار ان ذلك هو نقطة الانطلاقة لارضاء المستفيد الخارجي. قياس مستمر لاداء العمل تلعب مقاييس اداء العمل دورا بارزا في نجاح جهود ادارة الجودة الشاملة. ومن المعروف بان العمل الذي لايمكن قياسه لا يمكن ادارته ومن ثم لا يمكن تحسينه. وينظر الى القياس بانه امر حيوي ومهم حيث انه يحدد مستوى الاداء الحالي من اجل تحسين مستوى الاداء المستقبلي. لذا فانه لابد من توفير نظام دقيق ومستمر لقياس الاداء. وتهدف مقاييس الاداء الى تحقيق ما يلي: تحديد اي من العمليات تحتاج الى تحسين, تحديد الاوقات المحددة لانجاز الاعمال والانحراف عنها, مقارنة الاهداف مع الاداء الحقيقي, والادارة طبقا للحقائق بدلا عن الافتراضات والاحساس الداخلي. ومن هنا تم تحديد كافة العمليات التي تقوم بها الادارة, ومن ثم اختيار وتحديد العمليات التي تحتاج الى تحسين حسب الاولويات, وذلك بناء على عدد مرات تكرار حدوثها واهميتها النسبية سواء لدى المستفيد الداخلي او الخارجي. والهدف من ذلك هو تحديد مستوى الجودة الحالي لكل عملية وقياسها بهدف تحسينها الى المستوى المطلوب للجودة. دمج الجودة بالتخطيط الاستراتيجي يعتبر المفتاح الحقيقي لتحقيق نجاح تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة ان يتم العمل على تحقيق تكامل ودمج ادارة الجودة الشاملة اندماجا وتكاملا داخل المؤسسة, فلا تكون تلك الجهود في صورة هيكل مواز للهيكل القائم, والا اصبحت منفصلة ومنعزلة وتزيد من الاعباء والتكاليف والبيروقراطية. وعندما يتم هذا الاندماج والتكامل لادارة الجودة الشاملة داخل عمليات المؤسسة بشكل يومي فان الجهد لن يكون منفصلا بل طريقا ومسارا لكل فرد في ادائه لمسؤولياته الوظيفية. وعلة هذا تم التركيز والتأكيد في عملية التخطيط على دمج الجودة ضمن عمليات الادارة, مع التأكيد على ان الجودة مسؤولية الجميع واعتبار مركز الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة بيت الخبرة يقدم الدعم الفني والمساندة للجميع بالادارة, بدلا من ان تكون الجودة عبئا اضافيا على العمل الحالي. تعليم وتدريب مستمر يتطلب تبني نظام ادارة الجودة الشاملة في المنظمة وضع خطة محددة للتعليم والتدريب لكافة القيادات والعاملين على اختلاف مستوياتهم التنظيمية بالمؤسسة, وذلك لكون ادارة الجودة الشاملة تشتمل على مجموعة من المفاهيم والاساليب الادارية الحديثة وكما تشتمل على تقنيات وادوات لابد من استخدامها لتتمكن المؤسسة من تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة بنجاح. والتعليم والتدريب عنصران اساسيان من عناصر ادارة الجودة الشاملة يوفران لغة مشتركة خلال العمل, لذا فقد حرصت الادارة على تزويد منسوبيها بالتعليم والتدريب اللازمين بهدف اكسابهم الوعي المطلوب بأهمية المفاهيم والمبادئ الاساسية لادارة الجودة الشاملة, وتنمية المعارف والمهارات والسلوكيات اللازمة لممارسة انشطة ومهام ادارة الجودة الشاملة, وبرامج التحسين المستمر التي تحقق اهدافها. ادارة فاعلة للموارد البشرية يعتبر العنصر البشري القوة الدافعة لنجاح نظام ادارة الجودة الشاملة فهو الذي سيتولى قيادة وتنفيذ هذه المنهجية الجديدة, لذا تم التركيز على عدة امور ابرزها: حسن اختيار وتعيين الفرد المناسب في المكان المناسب وفق مواصفات ومعايير محددة بشكل مسبق, تخدم اهداف ادارة الجودة الشاملة, تأهيل وتدريب مستمر للعنصر البشري على تطبيق ادارة الجودة الشاملة بكفاءة وفاعلية في اعمالهم اليومية, اعادة تصنيف ووصف الوظائف لتتناسب وادارة الجودة الشاملة, المشاركة في وضع خطط وبرامج التحسين, وتبني سياسة العمل بروح الفريق. التحسين المستمر للجودة تقوم فلسفة ادارة الجودة الشاملة على ادخال تحسينات مستمرة على كافة مجالات العمل في المؤسسة, وعليه فان هذه الفلسفة قائمة على مبدأ ان فرص التحسين والتطوير لا تنتهي ابدا مهما بلغت كفاءة وفاعلية الادارة, فادارة الجودة الشاملة رحلة مستمرة وليست محطة وصول, على اعتبار ان مستوى الجودة ورغبات وتوقعات المستفيدين ليست ثابتة بل تتغير مع مرور الوقت. لذا فقد سعت الادارة الى تقييم شامل للجودة والعمل على تحسينها بشكل مستمر وفق معلومات وبيانات يتم تجميعها وتحليلها بشكل دوري. ويأخذ التحسين المستمر للجودة شكل الدائرة ذات الحلقات المرتبطة مع بعضها البعض, حيث تؤدي كل حلقة فيها إلى الحلقة التالية وهكذا, وهي تتكون من 4 مراحل هي: التخطيط للتحسين او معالجة وضع ما, التنفيذ للخطة على مجال محدود في البداية يمكن توسيعه لاحقا, الدراسة والفحص والتقييم لفاعلية التنفيذ في ذلك المجال, والمباشرة في العمل وفق الخطة في حال كون النتائج ايجابية والا يتم البدء بالمرحلة الاولى من جديد وهكذا. دمج جميع العاملين لتحسين مستوى الاداء تؤكد ادارة الجودة الشاملة على دمج جميع العاملين في كافة المستويات الادارية في جهود تحسين الجودة, حتى يشعر الجميع ان الجودة مسؤوليتهم جميعا, ويلاحظ ان مصطلح (دمج العاملين) اكثر عمقا في معناه واكثر دلالة على اهمية المشاركة من مصطلح (اشراك العاملين). فسياسة الدمج تعني اشراك جميع العاملين في كل شيء, في صنع القرارات, حل المشاكل, عمليات التحسين, استطلاع آراء العاملين قبل احداث اي تغييرات جوهرية.. الخ, مما يشعرهم بان آراءهم ذات قيمة وهذا يشجع على افكار جديدة ونيرة. وانطلاقا من حرص الادارة على تفعيل هذا المفهوم (دمج العاملين), تم اعطاء العاملين المزيد من الصلاحيات وتشكيل فرق تحسين الجودة مع تفعيل العديد من التوصيات المتخذة ووضعها موضع التنفيذ. تأسيس نظام معلومات دقيق يعتمد نجاح فلسفة ادارة الجودة الشاملة على وجود نظام معلومات دقيق ومتطور, وترتكز هذه الاهمية كون عملية صنع واتخاذ اي قرار في ظل نظام ادارة الجودة الشاملة يجب ان تبنى على حقائق لا تكهنات او افتراضات شخصية. وقد دأبت الادارة على ايجاد نظام معلومات متطور بهدف توفير المعلومات والبيانات حول كافة الجوانب التي تهم صانع القرار للحصول على التغذية الراجعة التي تحدد مستويات الاداء. اسلوب تطبيق النظام في الادارة يتم تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في ادارة التربية والتعليم بالمحافظة طبقا لمفهوم فرق العمل التي يتم تشكيلها وتمكينها من القيام بالتحليل والتحسين او التطوير او اعادة هندسة بعض العمليات. منهجية التحسين المستمر للجودة يقوم المجلس الاداري للجودة بتحديد وتشكيل فرق التحسين او التطوير المستمر على مستوى ادارة التربية والتعليم بالمحافظة وتحديد مهامها آلية عملها ومدة انجازها, كما يتم بالتنسيق مع الادارات والاقسام المختلفة بتحديد العمليات او المجالات المطلوب تحسينها او تطويرها, وفق الخطوات التالية: يقوم مدير الادارة باختيار مدير العملية الذي سيتولى الاشراف على الفريق, ويقوم مدير العملية باختيار قائد الفريق وترشيحه للتدريب المطلوب, ويقوم قائد الفريق باختيار اعضاء الفريق الذين سيعملون معه, بالتنسيق مع مدير العملية, ويتبع قائد الفريق منهجية محددة للتحسين تشمل المراحل التالية: تحديد واختيار المشروع او العملية المطلوب تحسينها او تطويرها, وتحليل البيانات للمشروع او العملية الحالية (كيف ولماذا نؤدي العمل؟), واقتراح التحسين او التطوير او اعادة هندسة العمليات, ووضع آلية عمل لتطبيق ومتابعة وتقييم خطة التحسين او التطوير, وعرض الخطة النهائية على الجهات المختصة لاقرارها. كما تقوم منهجية التحسين المستمر على اساس توثيق كافة الخطط للتحسين او للتطوير او لاعادة هندسة العمليات تمهيدا لبناء نظام عمل متقن او مؤسسي, على اساس قاعدة (اكتب ما تعمل واعمل ما كتبت وحسن وطور ما عملت), واخضاع تلك الخطط للفحص الدوري والمستمر, والتأكد من ان ما تم الاتفاق عليه تم تنفيذه, ومشاركة كافة المعنيين في عملية التحسين او التطوير او اعادة هندسة العمليات. نتائج تطبيق النظام تعتبر ادارة الجودة الشاملة اسلوبا فعالا يعتمد على تغيير الاسلوب الذي يؤدى به العمل لتحقيق الاستخدام الامثل للموارد والطاقات البشرية الكامنة. كما انه يعد نظاما تحفيزيا, حيث يمنح الصلاحيات للعاملين ويحثهم على النجاح من اجل مستويات اداء عالية. ولاشك ان الادارة العليا للمؤسسة التربوية تعد العامل المهم والحيوي في نجاح تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة, فعندما يتوافر الدعم والالتزام والعمل الجاد على التطبيق, فان هذا بلاشك سيعجل من عملية التطبيق لذلك النظام واستمرار نجاحه في المستقبل بإذن الله. كما ان مشاركة كافة الاطراف المعنية بالعملية التربوية والتعليمية (كافة العاملين في المدرسة, الطلاب, واولياء امورهم) في هذا النظام سيعزز من قدرة المؤسسة التربوية والتعليمية على تحقيق مستويات تعليمية ذات جودة عالية. وبشكل عام ومن خلال استعراض تجربة تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في القطاع التربوي والتعليمي في ادارة التربية والتعليم بمحافظة الاحساء, يمكن تلخيص اهم النتائج او الفوائد التي يحققها هذا النظام فيما يلي: زيادة الانتاجية, ترسيخ ثقافة العمل المؤسسي التي تدعم وتحافظ على التحسين المستمر, وتقليل اجراءات العمل الروتينية واختصارها من حيث الوقت والتكلفة بطريقة منهجية, ويسهم في تعزيز العلاقات الانسانية, وتعلم اتخاذ القرارات على اساس الحقائق لا التكهنات والافتراضات الشخصية وحصول الادارة وبعض المدارس على شهادة وجوائز للتميز (على سبيل المثال حصلت الادارة على جائزة الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للاداء الحكومي المتميز, وحصول مدرسة الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز على جائزة حمدان بن راشد للاداء التعليمي المتميز, كما حققت 9 مدارس شهادة الجودة الايزو 9000), انتشار وتبني مفهوم نظام ادارة الجودة الشاملة في بعض قطاعات وزارة التربية والتعليم وادارات التربية والتعليم بمناطق ومحافظات المملكة. معوقات التطبيق تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في القطاع التعليمي قد يكتنفه بعض المعوقات او الصعوبات التي يمكن ان تؤثر سلبا في جهود التطبيق, ولكن يمكن مواجهتها والتغلب عليها طالما وجدت قيادة فاعلة وداعمة ومتحمسة لهذا النظام. وهذه الصعوبات تعتبر امرا طبيعيا للغاية ويجب الا تكون مصدر ازعاج, بل يتطلب الامر النظر الى الجانب الايجابي فيه والمتمثل في ان هذه الصعوبات في حد ذاتها تعد تحديا, ويعمل هذا التحدي على استنهاض جميع الجهود لمواجهته, ولهذا ذكر ديمنغ (انني لم اقل انها امر يسير, غير انها يمكن ان تمر). ويمكن تلخيص اهم المعوقات او الصعوبات التي واجهت تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة في ادارة التربية والتعليم بالمحافظة على النحو التالي: مقاومة التغيير الانتقال الكبير والمفاجئ من نظام اداري تقليدي الى نظام اداري حديث للجودة الشاملة يتطلب تغييرات في الثقافة التنظيمية, وعلى رأسها قيم وسلوكيات العاملين التي اعتادوا عليها, فمن الصعوبة بمكان ان يتأقلم العاملون مع هذه الثقافة التنظيمية الجديدة, بل قد يتم مقاومتها من البعض, حتى وان كان التغيير سيجلب التحسين والتطوير الى المؤسسة ومنسوبيها. لذا تطلب الامر من الادارة في مرحلة التحول الى ادارة الجودة الشاملة التعامل بحكمة وحنكة وترو مع هذه المقاومة وعدم التسرع في التطبيق (كان ولا زال التركيز على نشر ثقافة الجودة), وتقصي الاسباب المؤدية للرفض والمقاومة والتغلب عليها مبكرا مع شرح نظام الجودة لمنسوبي الادارة واقناعهم بالنتائج التي يمكن ان تعود عليهم وعلى الاداء جراء تطبيق النظام. استعجال النتائج من المعلوم ان تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة يتطلب وقتا طويلا يختلف من مؤسسة لاخرى, حسب امكاناتها وظروفها, وتخطى بعض المؤسسات عندما تحسن جودة منتجاتها او خدماتها فقط دون تحسين جذري وشامل لكل مكوناتها, فهذا التوجه يحقق منفعة آنية, لكن سرعان ما تلبث ان تعود الامور الى ما كانت عليه سابقا. والحقيقة ان هذه الصعوبة كانت من ابرز ما واجهت الادارة في رحلتها للجودة الشاملة, لذا فقد تطلب الامر مزيدا من الجهد لاقناع الآخرين بان نظام ادارة الجودة الشاملة يسعى الى احداث تغييرات جذرية وشاملة لكل مكونات المنظمة بهدف تحسينها وهذا يتطلب وقتا لظهور النتائج. بدايات خاطئة يعتبر الاعداد والتهيئة الصحيحة لتبني نظام ادارة الجودة الشاملة في أي مؤسسة القاعدة والركيزة الاساسية التي يقوم عليها النظام, فمن الخطأ بمكان ان تقرر مؤسسة ما تطبيق ادارة الجودة الشاملة دون الاعداد المدروس لعملية التغيير المطلوبة في الثقافة السائدة, وايضاح مفاهيم وآليات ادارة الجودة الشاملة. وعندما بدأت الإدارة بتطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة كان التركيز على نظام الجودة الايزو 9000 كرحلة انتالية لادارة الجودة الشاملة. لكن للاسف اعتقد البعض ان الحصول على شهادة الايزو 9000 هو نهاية المطاف بالنسبة لرحلة الجودة. وهذا يتطلب بعض الوقت لتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة. التقليد والمحاكاة لتجارب الآخرين من الخطأ بمكان قيام اي مؤسسة بتقليد او نقل تجارب المؤسسات الاخرى التي نجحت في تطبيق نظام ادارة الجودة الشاملة, فلكل مؤسسة ظروفها الخاصة بها, والحرص على الواقعية في التطبيق يتطلب ان تكون خطة التطبيق مصممة بمعرفة المؤسسة ذاتها بما يتلاءم مع متطلباتها واحتياجاتها والثقافة التنظيمية الخاصة بها من اجل ان تصبح الجودة جزءا اساسيا من ممارستها اليومية. اذا لايوجد حل سريع أو سر لكشف المهمة ولا يوجد برنامج واحد يمكن تطبيقه، وانما يوجد التزام نحو اداء العمل الصحيح بشكل صحيح بشكل مستمر, فالجودة ليست اجراءات ونظم يمكن تطبيقها وانما تعني تغييرا جذريا في الثقافة التنظيمية للمؤسسة يتم التعبير عنها بالقيم والافكار والسلوك السائدة فيها. والمشكلة التي واجهت الادارة في بداية تطبيق نظام الجودة انه لم تكن هناك تجربة ناجحة في تطبيق النظام في اي مؤسسة تعليمية. لذا فقد تم اللجوء الى بعض التجارب الناجحة في تطبيق نظام الجودة في الشركات ولكن سرعان ما تبين صعوبة تطبيق النموذج على قطاع التعليم, مما تطلب الامر الى بذل جهود كبيرة لتحوير النظام ليكون اكثر ملاءمة في التطبيق في المجال التعليمي. والحقيقة ان الاستفادة من تجارب الآخرين امر مطلوب ونافع لكن شريطة ان يتم تكييفها مع ظروف المنظمة المستفيدة منها. سوء الفهم على الرغم من ان نظام ادارة الجودة الشاملة طور في الاساس للتطبيق في مجال الاعمال والصناعة إلاانه اصبح مصطلحا شائعا في القطاع التعليمي فوسكو 1994م. وعلى الرغم من ذلك كانت هناك صعوبة في اقناع البعض من جدوى تطبيق نظام الجودة في التعليم (بدأت هذه الصعوبة تخف بمرور الزمن). وركزت الادارة في اقناع منسوبيها بأهمية وجدوى نظام الجودة في التعليم على حقيقة مؤادها ان مفهوم نظام ادارة الجودة الشاملة في التعليم في جوهره لا يختلف عن مفهومه في القطاعات الاخرى, فالجودة تسعى دوما وابدا الى التحسين المستمر, وارضاء المستفيدين الداخليين والخارجيين, والتركيز على العمل الجماعي, وان هناك العديد من التجارب الناجحة في قطاع التعليم سواء على المستوى المحلي او الاقليمي اوالدولي. والمتطلع الى فلسفة ادارة الجودة الشاملة يجد انها تقوم على اسس ومبادئ عقلانية ومنطقية تتناسب مع كافة القطاعات. ملخص ورقة من اعداد الدكتور عبدالرحمن ابراهيم المديرس مدير التربية والتعليم بمحافظة الاحساء رئيس المجلس الاداري لمركز الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز للجودة نائب رئيس اللجنة الوطنية السعودية للجودة