تفاجأ الميدان التربوي مؤخراً بإلغاء "الإدارة العامة للجودة" ضمن الهيكلة الجديدة لوزارة التربية والتعليم. وكان "د.راشد الغياض" -وكيل وزارة التربية والتعليم للتخطيط والتطوير- ذكر قبل أكثر من شهر، حينما التقى بمديريّ التخطيط في "المدينةالمنورة": "لا يوجد قسم للجودة في الهيكلة الجديدة، وستكون اتجاهاً وسلوكاً". نجحت في تبني مشروعات: «رضا المستفيد، التقويم الذاتي، سفراء الجودة، إدارة التغيير والمعرفة، الجودة الشخصية» وأكَّد عدد من التربويين على أنَّ الميدان التربويّ تفاجأ أنَّ "إدارة الجودة الشاملة" ليس لها وجود في الهيكلة الجديدة في الوزارة، رُغم أهميتها لدى التربويين في تجويد التعليم، مشيرين إلى أنَّ سمو وزير التربية والتعليم كان قد وجه باعتماد مشروعات الجودة "رضا المستفيد، والتقويم الذاتي، وسفراء الجودة، وإدارة التغيير والمعرفة، والجودة الشخصية" حينما تمَّ عرضها في وقتٍ سابق على سموه، ليتفاجأ الجميع بعد ذلك بإلغاء هذه الإدارة من الهيكلة الجديدة التي ستصدر قريباً. والسؤال: لماذا ألغيت "الإدارة العامة للجودة الشاملة" من الهيكلة الجديدة لوزارة التربية والتعليم؟، ولماذا تمَّ إسناد جزء من مهامها إلى بعض الإدارات الأخرى غير المُختصة؟. ضرورة مُلحَّة وقال "د.صالح المقاطي" -وكيل كلية التربية والتطوير والجودة بجامعة شقراء- إنَّ إدارة الجودة في المؤسسات الحكومية مطلب وضرورة ملحة لقياس جودة المنتج الذي تقدمه تلك المنظمة، مضيفاً أنَّ وجود إدارة عامة للتطوير والجودة في "وزارة التربية والتعليم" ضرورة مُلحَّة، داعياً إلى إلغاء "الإدارة العامة للإشراف التربوي"، مرجعاً ذلك إلى أنَّ "إدارة التطوير والجودة" تقوم مقامها، لافتاً إلى أنَّها تهدف إلى تطبيق معايير الاعتماد المدرسي في الميدان التربوي. وأضاف أنَّ "إدارة التطوير والجودة" تقيس الأداء التدريسي للمعلم داخل الصف، وليس مستوى التحصيل العلمي للطالب، الأمر الذي ستفتقده "وزارة التربية والتعليم". رؤية طموحة وتساءل "د.سعد الرمثي" -رئيس وحدة التطوير الأكاديمي والجودة بفرع جامعة الملك خالد بمحافظة بيشة- عن الكيفية التي ستحقق بها كافَّة الوزارات رؤية "خادم الحرمين الشريفين (2020)" –أيَّده الله- التي تهدف إلى أن تكون المملكة بمنتجاتها وخدماتها معياراً عالمياً للجودة والإتقان؟، إذا لم يكن لديها جهات تتولى التخطيط والإشراف والتنفيذ والمتابعة والتقويم والتحسين، ومختلف متطلبات نشر ثقافة الجودة والتميّز، وتأهيل مختلف الممارسين فكرياً وسلوكياً؛ لتحسين وتجويد مختلف الممارسات، وصولا لتحقيق هذه الرؤية الطموحة. وأشار إلى أنَّ ذلك يترجمه اتجاه كثير من الوزارات بتأسيس إدارات الجودة والتطوير، مضيفاً أنَّ "وزارة التربية والتعليم" أسَّست "الإدارة العامة للجودة الشاملة" قبل حوالي خمس سنوات تقريباً؛ لتحقيق تلك المتطلبات المتمثلة في نشر الثقافة وتأهيل الكوادر البشرية أفراداً وقيادات لممارسة الجودة الشخصية طريقاً للجودة الشاملة، وفق منظومة من الآليات والمعايير والمؤشرات. وأضاف أنَّه من الأنسب تحويل "الإدارة العامة للجودة الشاملة" في "وزارة التربية والتعليم" إلى "وكالة للتطوير والجودة" بدلاً من التفكير بإلغاء هذه الإدارة التي قادت الوزارة لتحقيق تنافسية عالمية، وحجز مقعد لها في طريق التميز، مؤكداً أن الوزارة لم تجب على السؤال العريض المتمثِّل في ماهيَّة الجهة التي ستتواصل معها عمادات التطوير الأكاديمي والجودة في الجامعات لتحقيق شراكة مهنية مع إدارات التربية والتعليم؟، قبل أن تُطلق الهيكلة المقبلة. خطط تنموية ووجَّهت "د.نجوى شاهين" -مساعد مدير عام الجودة بوزارة التربية والتعليم- حديثها لسمو وزير التربية والتعليم، قائلةً: "قصدنا سموكم؛ ﻷنَّنا ندرك تماماً أنَّ سموكم هو المنصف للمسؤولين والمتخصصين بالجودة والتقويم، مِمَّن حملوا هم جودة التعليم على أكتافهم"، مشيرةً إلى أنَّ مشروع إتقان، ومشروع رضا المستفيد، وسفراء الجودة والجودة الشخصية، وغيرها، من أهم المشروعات التي عملت عليها الإدارة العامة بمشاركة جادة من الميدان التربوي منذ أربع سنوات تقريباً، مشروعات لم تكتمل. ولفت "عبدالعزيز المحبوب" -نائب رئيس مجلس إدارة المجلس السعودي للجودة، ومدير إدارة الجودة الشاملة بالمنطقة الشرقية- إلى أنَّ إلغاء "إدارة الجودة الشاملة" من هيكل التعليم سيُحدث خللاً في مسار الوزارة نحو التوجه الوطني والعالمي في السباق التنافسي للصدارة، موضحاً أنَّ ذلك لا يتمُّ إلاَّ بتحقيق تلك الرؤية الطموحة من خلال "إدارة الجودة"، مُبيِّناً أنَّ الدولة تستثمر حوالي رُبع ميزانيتها في التعليم؛ لأنَّها تُعوِّل عليه دائماً -بعد الله- في تحقيق خططها التنموية. وبيَّن "إبراهيم الهدهود" -مدير إدارة الجودة الإلكترونية بوزارة التربية والتعليم- أنَّ الجودة في التعليم نظام يُطبَّق، ورضا للمستفيد يُنشد، وتميُّزٌ للجيدين يُنصب، وتحسين للجميع مستمر، مضيفاً:"فكما انطلقت شعارات العالم تقول التعليم للجميع، ثمَّ تحوَّلت من التعليم إلى التعلُّم، فإنَّ شعارهم الآن أصبح يُشير إلى أنَّ التميُّز للجميع". وأضاف أنَّ هذا الهدف المنشود لن يتحقَّق إلاَّ عبر إدارةٍ تربط بإتقان بين الطالب والمعلم، والبيئة والنظام، قبل أن تصل بالجميع إلى التميُّز. مرجعيَّة واضحة وأوضحت "نوال المالك" -مدير التميُّز المؤسَّسي بالإدارة العامة للجودة بوزارة التربية والتعليم- أنَّ الجودة والتميُّز سلوكُ لم تتميَّز الأمم إلاَّ بتبنِّيهما، مُشدِّدةً على ضرورة وجود مرجعية واضحة لبناء نُظم الجودة ومتابعة معايير التميُّز، مُشيرةً إلى أنَّ بقاء "إدارة الجودة الشاملة" مطلب ضروري للتربية والتعليم، لا سيِّما أنَّ الوزارة والميدان التربوي يحفلان بكوكبة رائعة من النُّخب المؤهلة في أنظمة الجودة والتميُّز. وقال "أحمد معافا" -مدير الجودة الشاملة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة عسير-: "حينما تؤمن وزارة التربية والتعليم بأهمية تعديل الثقافة التنظيميَّة السائدة في الميدان التربوي، إلى ثقافةٍ تزيد من التحصيل الدراسي والولاء والانتماء، فإنَّ الجودة لابُدَّ أن تكون حاضرةً هنا، وعندما تريد الوزارة الارتقاء بمستوى أدائها وفق نظم وآليات قياس أداء علمية تعتمد على معايير ومؤشرات حقيقية، فإنَّها لابُدَّ أن تتجه الى الجودة واعتمادها كإدارة مُتخصِّصة في هذا الجانب". وأضاف أنَّ على الوزارة أن تعتمد على الجودة وأنظمتها وتطبيقاتها في الخروج من مأزق التداخل والازدواجية في العمل التربوي، وتحقيق رضا المستفيد، لافتاً إلى أنَّ الوزارة بعيدة كلَّ البعد عن نقل مهام "إدارة الجودة" لإدارات أخرى؛ لكونها تعي البعد العلمي للهيكل التنظيمي المبني على منهجيات علميَّة، تؤكِّد أهمية الوصف الوظيفي وتسكين المهام، وفق الإدارات المعنية بها، المُتَّفق عليها علمياً بعيداً عن الاجتهاد ومحاولة التملُّك بهدف البقاء. رؤية وطن وأشارت "عالية بالحارث" -مديرة الجودة الشاملة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة نجران- إلى أنَّ "خادم الحرمين الشريفين" الملك عبدالله بت عبدالعزيز –أيَّده الله-، وجَّه بتطبيق الجودة في جميع الإدارات الحكومية والأهلية، مبيِّنةً أنَّ سمو وزير التربية والتعليم تبنَّى ذلك، ووجَّه مديريّ التربية والتعليم بالتميُّز وتحقيق الجودة، مشددةً على أهميَّة تثبيت "إدارة الجودة" في الوزارة لا إلغائها. وأيَّدها الرأي "عبدالله آل الشيخ" -مدير الجودة الشاملة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الباحة- مضيفاً أنَّ "إدارة الجودة الشاملة" تعمل على تحقيق رؤية وطن ودعوة ملك، وبالتالي كيف يتم إلغاؤها؟، مؤكِّداً على أنَّ التوجّه للجودة توجُّه عالمي، داعياً "وزارة التربية والتعليم" إلى عدم السير عكس التيار عبر إلغاء هذه الإدارة. ولفت "عبد الله الوليعي" -مدير إدارة الجودة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة القصيم- إلى أنَّ الجودة قاعدة أساسيَّة يُبنى عليها العمل، كما أنَّها مرحلة مهمة من مراحل تطبيق نظام الجودة الشاملة في الوزارة وإدارات التربية والتعليم، تحقيقاً لرضا المستفيد. وأيَّدته الرأي "سميرة العتيبي" -مساعد قسم الجودة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمحافظة الخرج-، مضيفةً أنَّ "وزارة التربية والتعليم" وزارة خدميَّة تسعى إلى خدمة المستفيدين، فكيف تُلغى أهم إدارة فيها؟. د.صالح المقاطي د.سعد الرمثي عبدالله الوليعي عبدالعزيز المحبوب إبراهيم الهدهود أحمد معافا عبدالله آل الشيخ