قبل عدة أيام قمت بإجراء مجموعة من الإصلاحات في المنزل من أعمال للسباكة والكهرباء من شراء للأدوات اللازمة وأعمال الصيانة من فك وتركيب. وأثناء شراء واستعراضي لبعض الأدوات أعجبني نوع رخيص مقارنة بالأنواع الأخرى، والتي كانت تفوقها بعشرات الأضعاف، فكانت سعادتي كبيرة بأني سأوفر مبلغًا ممتازًا بشرائي لهذه الأداة الرخيصة والجيدة كما وصفها لي البائع. وفعلا قمت بشرائه وكلي فرح وانتصار والتي في الحقيقة لم تدم طويلا؛ فبعد تركيبي لها وجدت أنها لا تؤدي الغرض بالشكل المرضي وصدقوا حين قالوا في المثل الشعبي «الرخيص مخيس». إن من الأهمية بمكان ألا يكون همنا الأول عند قيامنا بعملية الشراء أن يكون السعر هو الفيصل في قراراتنا، وكذلك العكس فلا يكون آخر ما نفكر فيه خشية أن نكون من المسرفين إخوان الشياطين. إذا لا بد من التوازن عند اختيارنا وإعطاء كل ذي حق حقه، فإن كان ما نريد شراءه من الأشياء التي سيتم استهلاكه واستخدامه بشكل كبير ومتكرر ومن أكثر من شخص بشكل يومي ودائم، هنا يكون تركيزنا على جودة المنتج ومدى قدرته على تلبية احتياجاتنا بشكل مرضٍ وجيد وإن كان سعره مرتفعا، مثل الأجهزة المنزلية ونحوها. أما إن كان يخص أفراد معينين أو أشخاص بعينهم مثل الملابس والساعات ونحوها فهناك نقاط مهمة يجب أن نتنبه لها وهي على النحو الآتي: - ليس كل ما يقال إنها ماركة أي تحمل علامة تجارية معروفة إنها فعلا جيدة فقد كثر الغش فيها حتى من قبل أصحاب العلامة، وهي عامل نفسي أكثر من أن يكون جودة فعلية والحكم ليس على عمومه. - بالنسبة لماركة الساعات والتي وصلت لمبالغ خيالية فأرى أنها من باب التبذير الذي لا داعي منه، والذي يخشى أن يدخل مقتنيه في مسألة العجب والكبر ولا سيما إن كان من أصحاب الدخل المحدود، فهي من الأمور التي بالإمكان الاستغناء عنها بوسائل أخرى أقل كلفة ومنطقية. - نجد انتشارا واسعا لمعارض ضخمة تعرض مختلف أنواع الملابس زهيدة الثمن والتي يقبل عليها الناس غنيهم وفقيرهم لكن لي عليها بعض الملحوظات: - أغلب تلك الملابس لا تدوم ويظهر عليها القدم والاهتراء بعد أول غسلة لها. - صحيح أنها ساعدت في تحقيق رغبات ذوي الدخل المحدود لكنها في الحقيقة استنزفت مواردهم بشكل غير مباشر بعملية الشراء المتكرر. -الحرص على انتقاء الألوان ذات الاستخدامات المتعددة خاصة للاطفال والنساء حتى لا يكون هناك استنزاف غير مباشر بشراء حذاء لكل لبس مثلا ونحوها. إن عملية الشراء هو فن بذاته له أصوله وفنونه وليست عملية رغبة وحاجة فقط دون الالتفات للعوامل الأخرى من ميزانية محددة، وحاجة عاجلة أو رغبة ملحة، وكذلك الانتباه للعوامل النفسية أثناء الشراء، مثل عدم التسوق ونحن جائعون أو محبطون. وفي الختام عاتبتني زوجتي كثيرا على شرائي لتلك الأداة الرخيصة وقالت كيف تكتب للقراء ما لا تطبقه! فقلت لها «باب النجار مخلوع». ودمتم في ثراء. [email protected]