تحدثت في مقالة سابقة أن من أسباب عدم نجاح بعض الخطط المالية هو عدم معرفتنا للعقلية المالية التي نفكر بها، أو نستطيع أن نقول بشكل أبسط ما هي طبيعة علاقتنا بالمال! ولعلي أن أفرد في هذا المقال بشيء من التفصيل عن طبيعة علاقتنا المالية. هناك في الغالب أربعة أصناف من العلاقات هي التي تحكم طبيعة العلاقة وطريقة تعاملنا مع المال، وتتفاوت من شخص إلى آخر بنسب مختلفة، فنجد بعضهم يتصف بجميع صفات الأصناف الأربعة بشيء من التوازن، ونجد آخرين يغلب عليهم نوع معين بنسبة عالية وهكذا دواليك. فالصنف الأول نستطيع أن نطلق عليه مجازًا لفظة «البخيل وإن كان في الحقيقة لا يشترط أن يكون بخيلاً فهو يملك قدرة عالية على ادّخار المال وحساب الداخل والخارج بشكل دقيق، لكن المغالاة في هذه الطبيعة هي التي تجعلنا نطلق عليه صفة البخيل. الصنف الثاني «المستثمر»، والذي يكون لديه في الغالب قدرة عالية على التصرف بذكاء وانتظام في عملية تنمية مدخراته المالية. والصنف الثالث «المعطاء» فماله ليس له، بل هو من أجل سعادة وحاجة غيره، فيقدم الآخرين دائمًا على حساب حاجاته الشخصية. أما الصنف الرابع والأخير والذي يطبّق بجدارة المثل القائل»انفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، وأذكر أن أحدهم ممّن ينطبق عليه التصنيف الأخير يذكر لي أنه من الصعب، بل من المستحيل أن يبقي لديه المال، فيحاول أن يصرفه في أي شيء، وإن لم يكن ذا قيمة! فالخطوة أن نتعرف نحن من أي الأصناف الأربعة، أو كما يشكل كل صنف من نسبة لدينا، ونكون بذلك وضعنا أقدامنا على أول سلم النجاح في خططنا المالية وطريقة تعاملنا المالي. بالنسبة للصنف الأول والثاني فليس لديهم مشكلة حقيقية من حيث التعامل مع المال، لكن هم بحاجة إلى أن يتعلموا فنون العطاء، والذي سيساهم كثيرًا في تحسين حياتهم. هنا يظهر لدينا جليًّا أن الصنفين الثالث والرابع هم من يعانون من مشكلات مالية حقيقية من ديون متراكمة ورؤية غير واضحة لوضعهم المالي. فصاحب العطاء بحاجة إلى أن يتعلم كيف يلتفت إلى حاجاته الشخصية، وأن يكون حازمًا في تعامله المالي ويأتي ذلك بالتدرج مع وضع خطة عملية لتطوير بعض جوانب القصور لديه، ومن أهمها أن يتعلم لغة «لا». أمّا آخر هذه الأصناف فهو بحاجة إلى أن يربط حياته بأهداف واقعية يعيش من أجلها، ويحقق من خلالها دوره الحقيقي من إعمار للأرض. لعل فيما سبق بعض الشذرات التي نستنير من خلالها عند وضعنا لخطتنا المالية والتي هي جزء مكمل لخطتنا الكاملة للحياة، ودمتم في ثراء. [email protected]