"الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بخل الأزواج بين الغلو في التوفير والسعي للتقتير
قضية يحاربها الدين ويرفضها المجتمع
نشر في الرياض يوم 03 - 01 - 2005

البخل مرض قاس يصيب النفس وينخر في حياة الأفراد فيحطمها، كما وتنعكس تلك الصفة فتخلخل استقرار الأسرة، والتي حرصت الشريعة الإسلامية على الحفاظ عليها فقسمت الإدوار وجعلت الإنفاق حقاً للمرأة والأبناء وواجباً على الزوج. وقد حارب الإسلام البخل والشح بكافة أشكاله، ويزخر القرآن الكريم بعشرات الآيات التي توضح بُغض الدين لهذا السلوك حيث يقول رب العزة {ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شرٌ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة..}، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والشح! فإنه أهلك من كان قبلكم دعاهم فسفكوا دماءهم، ودعاهم فاستحلوا محارمهم، ودعاهم فقطعوا أرحامهم).
وحول قضية بخل الأزواج التي حرصنا على إبراز مخاطرها من خلال هذا التحقيق نظراً للدور المؤثر لرب الأسرة في حياة عائلته فهو القائد والمدبر وهو القدوة الصالحة ومن خلاله يتشكل مستوى الأسرة ووضعها ومكانتها في المجتمع.
وكان بداية تحقيقنا هذا بلقاء أجريناه مع السيدة صالحة عبدالله (أم محمد) التي حدثتنا عن معاناتها فقالت: رغم كل الدلائل التي كانت حولنا أنا وأهلي والتي تعكس بخله الشديد إلا أننا لم ندقق ولم يضع أهلي تلك الصفة في الحسبان وكل ما كان يحرص عليه والدي حينها هو تذليل الصعوبات أمام هذا الزواج، وكان يقول لي الرجل لن يقصر لو كان يملك المال ولن ندع أموراً بسيطة تسبب خلافاً، ولقد عانيت أول سنتين من زواجنا من ظروفه المادية التي كانت صعبة، إلا أنني راعيت وضعه إيماناً مني به وبقدراته وبأن الآتي أفضل، وكنت أقتر في كل شيء حتى في طعامنا، وبعد أكثر من عشرين عاماً ما زالت أحوالنا على حالها رغم أن وضعه وسمعته تسبقه واكتشفت بخله الشديد وأصبح أسلوب حياتنا إجباراً وليس اختياراً.
تناقشت معه كثيراً بهذا الخصوص، وحاولت أن أدخل الأهل وحجته أن ما يفعله لصالحي وأولادي فهو يستثمر تلك الأموال التي سوف تعود لي وللأولاد، إن عاجلاً أم آجلاً. هذا الكلام منطقي لكن تطبيقه صعب وليس التقتير يكون إلى هذا الحد، فنحن نكاد نعيش على الكفاف. وما زلزلني هو وفاة ولدي ذي الخمسة عشر ربيعاً في حادث سير، ومن يومها وأنا أسأل نفسي ما الذي استفاده ولدي من نظرية أبيه؟ وهل نضمن أعمارنا؟. وبعد تلك الفاجعة تحسنت أحوالنا وأصبح ينفق علينا ولا يبخل وما هي إلا فترة قصيرة حتى عاد إلى طبيعته، ورجعت أحوالنا كما كانت، ويقولون في العامية (أبو طبيع ما يغير طبعه).
يعد كل شيء
الواقع أنني أعيش وأبنائي مأساة وليست حياة، ولا يمكن لأحد أن يتصور حجم معاناتنا.. هكذا بدأت (حصة حمد) شكواها واستطردت: منّ الله على زوجي بأموال طائلة يحسدنا عليها الجميع، إلا أن حالنا مليء بالأسى فلم يستفد الأولاد من تلك الأموال شيئاً، فهم يعانون من الجوع ولا أجد ما أسد به رمقهم، كل ذلك بسبب البخل الفظيع لزوجي، والذي لا يهتم لمطالبنا، ولو كان الأمر بيده لما أطعمنا ولا كسانا، فكل شيء عنده بحساب، الطعام بحساب، الكهرباء والماء كذلك، وإذا أكل الأولاد يعد عليهم اللقمة ويحثهم أن يتناولوا الرز بمزيد من الخبز حتى يشبعوا بطونهم، هو يعتبر كل شيء وأي شيء ترفاً، فالسكر ترف والشاي ترف ويمنعنا من تناوله ولو صدف وعمل كوباً من الشاي يُبقي الحثال ويعمل منه كؤوساً أخرى، كما أنه يجبرنا على العيش وسط الظلام، فهو قد أزال كل الأنوار من المنزل إلا غرفة واحدة تجتمع فيها كل الأسرة بها لمبة واحدة لا تكفي بأي حال لكي يستذكر الأولاد دروسهم عليها، حتى دورة المياه ليس بها نور وهو ما يثير الخوف لدى ابنتي ذات الأربعة أعوام. لقد أصبح بخله نكتة يتندر بها الغريب والقريب والله لولا الأولاد لما أكملت حياتي معه ولكن كلما مضى الزمن أشعر أنني جنيت عليهم خاصة أنني بدأت وللأسف ألمس بغضهم لأبيهم وكرههم له حتى أن ولدي الكبير يدعو على أبيه بالموت طمعاً في الخلاص من تلك المعاناة.
فقير الحال
أما (نورة - أم سعد) فتحدثنا عن قصتها التي يمتزج بها الأسى والطرافة في آن واحد فتقول.. عشت طوال حياتي مع زوج فقير يشكو ضيق ذات اليد، وضعف الحال، ولم أشك يوماً إلا لخالقي، وكلما طلبنا منه شيئاً ردد متذمراً «أنا لا أستطيع أن أقوت نفسي»، ويعدنا إذا فرجها المولى عليه أن يفرجها علينا ويعضونا عن تلك الأيام، وقد طلب من ابنتي التي تدرس في المرحلة الثانوية أن تعمل في إحدى مدن الألعاب الترفيهية علها تعينه، ووالله إني لأحزن على حاله فهو لا يملك إلا الثوب الذي يرتديه ولم يبدله منذ ما يزيد على الأربعة أعوام حتى أن أطراف كم ثوبه تهدلت وتمزقت ولولا الخياطة به لانفصلت أجزاءه. إلا أن المفاجأة المضحكة المبكية في آن واحد والتي اكتشفناها بعد كل تلك السنوات أن زوجي من أصحاب الأموال والذين لهم وزنهم في سوق المال والأعمال، وما كشفه لنا هو زيارة من البنك حيث أتانا مبعوث منه يسأل عن زوجي وعندما لم يجده ترك له مجموعة من الهدايا القيمة وقال إن تلك الهدايا للعملاء المتميزين، فظن ولدي أن المسألة بها لبس لكن الرجل أكد له أن أباه هو المقصود، وبهذا إنكشف المستور وعرفنا بعدها أن زوجي من أصحاب الأموال الذين يحسب لهم حساب في المصارف وتقدم لهم العطايا طمعاً بالرضى. بالطبع واجهناه جميعاً أنكر في البداية إلا أنه اعترف بعدها، وهو ما جعلنا في حالة حنق شديد عليه فقد طعن الجميع، فكيف يحرمنا ويجعلنا نعاني ويستغل صبرنا على حاله؟ وكيف قبل أن يكون مظهره بذلك الوضع أمام الناس؟
يجبرني على العمل
بينما تقص (هيلة عبدالرحمن) تجربتها مع زواجها السابق حيث قالت: لا يمكن أن نفصل الأشياء عن بعضها البعض فالبخيل في ماله بخيل في عطائه ومشاعره، وقد يشعر الشخص وهو بجواره بأنه فاقد للإحساس تماماً لا يهتم بأي شيء عدا المال فهو المستحوذ الأساسي على فكره واهتمامه، لا يلتفت لمشاعري ومطالبي ولا يهتم بالأولاد أو شكواهم، وهو دائماً ما يشعرنا بأننا كأسرة عبئاً عليه، وليس لنا حقوق، يمنع عنا كل شيء، كما أنه يهينني ويضربني وأبنائي بلا سبب، يعامل الأولاد معاملة أكثر من سيئة، وبدأت أخاف على الأولاد من الانحراف فهم محرومون من أساسيات الحياة بالإضافة إلى أنهم يعانون من قسوة أب لا يرحم، وقد اضطرني للبحث عن وظيفة لكي أعول بها أبنائي إلا أنني لم أستفد شيئاً، فأصبح يستولي على راتبي كاملاً بحجة أنني مبذرة ويمنحني منه سبعمائة ريال هي مصاريف سبعة من الأبناء وأمه وأخته اللتين تقيمان عندنا في نفس المنزل، وأصبح العمل بالنسبة لي عملية إجبارية يغضب أشد الغضب لو تغيبت يوماً، ولو مرضت يدفعني دفعاً إلى العمل ولا يقبل أبداً أن ارتاح حتى ولو بإجازة مرضية.
وتكمل قائلة.. بالطبع لم يكن هذا الحال طبيعياً وقد ضاق الأولاد ذرعاً بالمشاكل المستمرة بسبب المال، وما كان مني إلا طلبت الطلاق بعد زواج استمر ثمانية عشر عاماً، كنت أُصبر فيها نفسي على أمل التغير، ولو كان أفضل في التعامل مع الأولاد لتحملت لكني لم أعد استطيع الصبر، ونصيحتي لكل فتاة مقبلة على الزواج أن تتحرى وأهلها عن الزوج وخاصة بخله وكرمه، فمن الممكن أن يؤثر الزمن والسنين في تغير طباع وصفات في شخصية الرجل، إلا البخل الصفة الوحيدة التي تتمكن من الإنسان كلما تقدم العمر والزمن.
متدين ولكن!!
وجاءت تجربة (نورة عبدالعزيز) مليئة بالمتاعب حيث اقترنت بزوج امتهن البخل، قصت حكايتها بصوت مليء بالحزن والمعاناة فقالت: أحوال زوجي المادية جيدة، فوظيفته مرموقة، وراتبه جيد، إلا أنه شحيح بخيل، يفكر في القرش قبل أن ينفقه ألف مرة، وطوال تلك السنين كانت أمي تُصبرني، وتدفع أبي لمساعدتي وإمدادي ببعض المال حتى تمشي عجلة الحياة في بيتي، ومع ذلك فهو كثير الشكوى من مطالب البيت والأولاد، وما يحز في النفس أن أهله كرهوه وقطعوا صلتهم به بسبب بخله فهو لا يقبل أن يزورنا أحد حتى لا يطعمه أو يسقيه، حتى أهلي يحارب لكي يحرمني منهم، وهو لا يستحي فليس عنده استعداد أن يدعو أحداً إلى طعام مهما كانت المناسبة، وما أعيشه اليوم هو عكس حالي في بيت والدي والذي كان يتميز بكرمه ولا يمضي أسبوع بلا ولائم ورجال من المعارف والأصحاب يملأون مجلسه، أما زوجي فهو على النقيض لتلك الصورة، والغريب أنه رجل متدين يخاف الله في كل شيء، لكن تصرفاته معنا ومع أهله وأهلي لا تعكس تدينه.
حاولت أن أدخل الأهل لينصحوه لكنه لا يعترف أن به عيباً، وكان رجائي الأخير في إمام المسجد والذي وعد أن يتحدث معه عله إذا ذكره بواجباته الزوجية من الناحية الشرعية وإن علم أن ما يفعله معصية ومخالف للدين يعتبر ويتغير. إلا أن لا شيء تبدل وظل حالي على ما هو عليه.
وتستطرد قصتها فتقول: لا أعلم إن كان يظن أن الانفاق سوف يجعله فقيراً، وما يحزنني هو وضع أولادي فهم على الدوام يشعرون أنهم أقل من غيرهم من الأولاد داخل الأسرة، رغم أن الكل يتعاطف معهم ويحاولون أن يعوضوهم بالعطايا والهدايا، وهو ما يزيد من حنقهم على والدهم، خاصة ولدي الكبير الذي يدرس في السنة الثانية في الجامعة، فهو في صراع مستمر مع أبيه حيث إن الأخير لا يقبل أن يقله إلى الجامعة ولا يدفع له لكي يذهب، وهو في عذاب مستمر، وكثيراً ما يلجأ إلى الجيران أو إلى أناس لا يعرفهم، ويظل طوال اليوم يفكر بكيفية وصوله للجامعة في اليوم التالي. أين دين زوجي وأخلاقه مما يفعله بي وبأبنائي؟
الوليمة الفصل
وعلى ما يبدو فرغم أن البخل صفة ذميمة إلا أن أصحابه يملكون بتصرفاتهم طابع الطرفة، حيث تروي (حنان عبدالكريم) قصة أختها والتي اقترنت بزوج بخيل ومع الأيام تطبعت هي بطبعه بحيث أصبحت أبخل منه وتحكي: أنا أظن أن البخل يولد البخل ودليلي على ذلك تجربة شخصي بطلتها شقيقتي والتي استمر زواجها برجل اشتهر ببخله أكثر من واحد وعشرين عاماً كانت كفيلة بأن تجعل منها نسخة منه في تصرفاته وأصبحت أبخل منه بل وتحثه على هذا الطبع وتنتقد طرق تصريفنا لأموالنا.
ومن المفارقات هو ما حدث مؤخراً فقد أتت ابنتها الشابة تشكو وضعها وإخوتها في المنزل بسبب بخل أبيها وكيف تطبعت أمها بطباعه وتحولت حياتهم إلى جحيم فهم يحاربون الأب والأم لكي يحصلوا على متطلباتهم العادية، بالطبع تأثرت أختى كثيراً عندما علمت بالأمر ووعدت بأن تتغير حتى أنها عملت وليمة لنا، كانت سبباً في أن يتسرب اليأس إلينا من تبديلها لطباعها، حيث اقتصرت الوليمة والتي دعي لها أكثر من أحد عشر فرداً على دجاجة واحدة، تفاجأ بعضنا وتندر آخر لكن والدتي غضبت غضباً شديداً ولم تكتم مشاعرها ووبختها على فعلتها تلك.
الرأي النفسي
وعن البخل من الناحية النفسية حدثتنا الأستاذة أماني بنت عبدالله الجحدلي الاخصائية النفسية بدار التربية الاجتماعية للبنات بجدة، والمستشارة النفسية بخدمة طبيب على الهاتف، فقالت: البخل من الناحية النفسية وكتحليل للدوافع التي تقف خلف هذا التصرف من الرجل أرى بأن هذا البخيل يعيش في حالة قلق دائم فهو غير قادر على إسعاد نفسه بما منحه الله خاصة وأنه يعاني بسبب كثرة مشكلاته مع أهل بيته ناهيك عن المجهود الذهني الذي يستغرقه من أجل التفكير في كيفية جمع أكبر قدر من المال وفي نفس الوقت عدم التمتع به خشية الإفلاس. والدوافع لذلك كثيرة منها على سبيل المثال أن الزوج كان يعاني منذ صغره من الفقر فنجده وبطريقة لا شعورية منه يحافظ بشدة على أي شيء يجمعه بسبب ما كان عليه ولا نستطيع أن نجزم بأن البخل مرض نفسي ولكن نجزم بأن هذا الشخص يحتاج إلى مرشد نفسي كي يعرف منه أسباب شحه على نفسه. وبالنسبة إلى الزوجة التي تعاني فنقول لها بأن مسألة الانفاق تأتي بالتراضي ومن أجل التعامل مع زوج كهذا لا بد من مسايسته والتقرب إليه والحديث معه بطريقة ودية مقنعة عن مدى الحاجة للصرف دون التبذير خاصة لو كانت الزوجه تدرك وتعرف أن زوجها لديه ما يكفيه من الأموال.
وهناك جانب آخر سيىء جداً وهو ذاك الصنف الذي يجمع ويكنز الأموال وأهله غير ملمين بذلك ويعيشون معه في حياة صعبة هذا النوع بلا شك يخالف القاعدة الطبيعية، ويعد هذا الإنسان غير صحيح نفسياً ويحتاج لمن يسانده كي يتعلم فنيات جديدة من أجل تغيير نمط حياته التي لن يهنأ فيها لو كان بخيلاً حتى على نفسه، ومما لا شك فيه أن البخيل يعاني من فقدان الإحساس والأمان بطريقة أو بأخرى. وقد تكون أسبابه نفسية أو قد تكون نتيحة لخلل في التربية نفسها.
الدين يقول:
أما رأي الدين من تلك القضية فيتوضح من رد للشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) في أحد فتاويه في برنامج نور على الدرب مجيباً على سؤال يقول: ما حكم الشرع في رجل يكنز الأموال الطائلة ويبخل على زوجته وأولاده حتى في الطعام واللباس بحجة أنه فقير لا يملك شيئاً وهم يصدقون تلك الدعاوى الكاذبة وعلاوة على ذلك فهم لا يسلمون من بطشه ولسانه لعل لكم توجيهه ونصحه في هذا، مأجورين؟
وأجاب الشيخ بقوله: حق الزوج على زوجته وحق الزوجة على زوجها أجمله الله عز وجل في قوله {وعاشروهن بالمعروف} وفي قوله عز وجل {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} فحق كل واحد على الآخر ما جرى به العرف. والأعراف تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة لكن هناك أموراً تكون على الزوج على كل حال وأمور تكون على الزوجة على كل حال فمن الأمور التي تكون على الزوج على كل حال القيام بنفقتها من طعام وشراب وكسوة وسكن لقول النبي عليه الصلاة والسلام وهو يخطب الناس في حجة الوداع يوم عرفة أكبر مجمع اجتمع فيه المسلمون حول نبيهم صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام: (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) فلا يحل للرجل أن يقصر في شيء من ذلك على امرأته بل يجب عليه أن يقوم بهذا على وجه التمام اللهم إلا أن تكون المرأة ناشز بمعنى إنها عاصية لزوجها فيما يجب عليها طاعته فيه فله أن يمنع عنها ما يجب لها ومتى وجب عليه القيام بالنفقة وامتنع منها فلزوجته أن تأخذ من ماله بقدر نفقتها بالمعروف وإن لم يعلم بهذا لأن هند بنت عتبة استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم بل استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها مع زوجها أبي سفيان وقالت إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي فقال النبي عليه الصلاة والسلام خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف، وعلى الرجل أن يتقي الله عز وجل في نفسه وفي أهله ويقوم بما أوجب عليه من نفقة على زوجته وأولاده فهو من الواجبات، قال الله عز وجل {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ولا يحل له أن يبخل بما يجب عليه من ذلك وهو إذا بخل به كان سفيهاً من الناحية الشرعية ومن الناحية العقلية، أما من الناحية الشرعية فإنه سفيه لأنه ظلم نفسه بترك ما أوجب الله عليه، وكل من ترك ما أوجب الله عليه فقد ظلم نفسه، فإن النفس أمانة عند الإنسان يجب عليه أن يرعاها حق رعايتها بفعل ما يقربه إلى الله عز وجل وترك ما يبعده من الله، وأما كونه سفيهاً من الناحية العقلية فإن هذا المال الذي يدخره سوف يرجع إلى هؤلاء الذين بخل عليهم في حياته لأن المال سيورث بعد صاحبه فيكون في هذه الحال وبالاً عليه ومآله لهؤلاء الذين بخل عليهم به في حال الحياة الدنيا، وهذه سفه وليعلم أنه لن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أثابه الله عليها حتى ما يجعله في فيّ امرأته كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وليعلم كذلك أنه لا ينفق نفقة لله عز وجل على أهله وعلى أولاده إلا أخلفها الله عليه كما قال الله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} وإذا علم هذا العلم وآمن به سهل عليه أن ينفق على زوجته وأولاده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.