يتفاجأ البعض بوجود عجز في ميزانيته عند نهاية كل شهر، وأن المصروفات هي أكثر بكثير من الإيرادات، وأن الديون التي عليه هي أكبر من قدرته حاليا، مما يعني البحث عن قرض جديد لتعديل كفة الميزان، والتي هي في الواقع كسر حقيقي لها. إن من الأهمية بمكان عند وضع أي خطة مالية أن نقوم بتحديد الوضع المالي الحقيقي، فنقوم بحصر شامل للمديونات والمصروفات الثابتة والمتغيرة، وكذلك الايرادات الواقعية أو المأمولة مثل: مكافأة نهاية السنة أو راتب الاجازة السنوية او العمولات. ونلقي بعد ذلك نظرة شاملة على الأرقام المكتوبة من أجل تحديد الوضع الحقيقي: - هل أمر حاليا بأزمة مالية؟ كم بالضبط هي الديون التي يجب ان أدفعها؟ - ليست هناك ديون؟ إذا كم المبلغ المدخر في حسابي حاليا؟ وما هي مصروفاتي؟ إن معرفة الوضع الحقيقي لموقفك المالي هو نصف العلاج، فمعرفة الداء نصف الدواء، والتي تستطيع من خلال تلك الأرقام أن تكتب خطة ملائمة تنطلق منها نحو عالم الثراء. وعندما تكون الأرقام غير مبشرة فمن المهم وضع خطة للطوارئ ولو امتدت لعشرات السنين، فالمبادرة والصدق في إنها معاناتك مع الالتجاء إلى الخالق الرازق سبحانه هو المنطلق الحقيقي للنجاح المالي «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ» حديث شريف. فهما ملكنا من الذكاء والحنكة، ومهما تعددت مهارتنا المالية وعلاقاتنا، إن لم نجد من الله عونا فكل عمل نقوم به إنما هو سراب في سراب. إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده والخطوة التالية غيّر من نمط حياتك، وقد يقول بعضهم: لقد تعودت ولا استطيع أن أغير ما تعودت عليه؟! وفي الحقيقة هي حيلة نفسية اقنعنا بها أنفسنا بصعوبة التغيير، فما علينا سوى أن نقنعها كذلك بإمكانية التغيير وأن ذلك من أجل غد أفضل وأكثر إشراقا، لكن حذاري من التغيير المفاجئ، فعليك بالتدرج المنطقي والعملي في آن. وابحث دائما عن البدائل، واتخذ في كل مرة خطوة ولو بسيطة، وعليك بالخطوات الجريئة التي بالامكان التخلص منها سريعا، والتي تستنزف جزء كبيرا من مواردك، مثل السفر للخارج، أو الأكل باستمرار في المطاعم، ونحو ذلك. ولا تنس أن تشرك عائلتك في الوضع المالي الجديد من اجل أن يكونوا عون لك، وهي في الحقيقة ليست إنتقاصة لشخصياتنا، بل هي فرصة لنعلم أبناءنا تحمل المسؤولية من أجل مستقبل أكثر استقرارا وامانا وثراء بإذن الله. ودمتم في ثراء. [email protected]