كنت أبحث مع بداية الفصل الدراسي الأول لهذا العام عن مَن يقوم بتوصيل أحد أبنائي وإعادته عند نهاية اليوم الدراسي؛ وذلك لارتباطي بمجموعة من البرامج التدريبية، وعدم توافقها مع وقت المدرسة. وبعد البحث وسؤال الأصحاب والأحباب ومن عرفنا ومن لا نعرف تم الاتفاق مع أحد الأشخاص، وكان شابًا في مقتبل العمر. عرفت أن الشاب قد ترك عمله من فترة قريبة وهو متفرغ حاليًّا، فناقشت معه الأمور الفنية من وصف لمكان المدرسة والمنزل، والوقت المفترض لذهابه وعودته، وفي الحقيقة كان في غاية الأدب ممّا جعلني اطمئن له، ولا سيما أنه رشح من أحد اصدقائي المقربين. ثم ناقشنا بعد ذلك الأمور المالية مقابل عمله، وكانت المفاجأة والتي انعقد فيها لساني عن الكلام لبرهة لأقف بعدها إجلالاً وتقديرًا لصاحبنا الشاب. فعلى الرغم من انه رفض عرضي المالي، وطلب زيادة محددة، ويعلم الله أني حاولت بكل السبل أن أقنعه بعرضي إلاّ أنه أصر وتمسّك برأيه، وقال لن أوافق بأقل ممّا طلبت! وعندما حاولت أن أضغط عليه انه حاليّا بدون عمل فاجأني بقوله إنه يملك مشروعه الخاص، والذي يدر عليه مصروفًا شهريًّا يغنيه عن الوظيفة، وأن موافقته لنقل أبنائي من باب الاستفادة من وقته، بعمل يدر عليه دخلاً إضافيًّا! في هذه اللحظة لم أجد سوى أن أوافق على طلبه إعجابًا به! كان الشاب في العقد الثاني من عمره، عرف كيف يبني نفسه، ويستفيد من طاقته ووقته، ويعمل من كسب يده فيما يعود عليه بالنفع والفائدة، بينما نجد من هم في عمره يقبعون خلف شبح البطالة على أمل الحصول على وظيفة مرموقة لا يبذل فيها من الجهد سوى تبادل أطراف الحديث مع زملائه في المكتب، وتوقيع لبعض الأوراق، والذي انتظروها أصحابها لساعات بل أيام؛ لأن صاحبنا مشغول بالحديث والإفطار مع زملائه. وفي الحقيقة هناك نماذج لشباب آخرين يفخر المجتمع بهم وبإنجازاتهم وطموحهم، وهم بحاجة إلى التشجيع المستمر والتوجيه الفاعل، فهم اللبنة الحقيقة لنهضة مجتمعنا وتقدمه الحقيقي . ويسعدني أن أرسل من خلال هذه الزاوية تحية إجلال وإكبار لكل شاب صاحب همة ومبادرة فشكر لكم أيها الشباب الطموح، ودمتم في ثراء. [email protected]