** فهد بن أحمد بن عبدالعزيز.. ** شاب في مقتبل العمر.. فهو لا يتجاوز – في ظني – الرابعة والعشرين.. ** هذا الشاب واجهة مشرفة لأبناء هذا الوطن.. ** ليس لأنه ابن نائب وزير الداخلية.. وإنما لأنه واحد من مئات المتطوعين الذين انجبتهم مدينة جدة ونذروا أنفسهم .. وحياتهم .. وشبابهم.. لأشرف عمل .. وللقيام بأعظم رسالة.. ** ففي الوقت الذي غابت فيه أكثر الأجهزة الحكومية عن الاغاثة وإنقاذ المتضررين من مأساة سيول جدة الثانية يوم الاربعاء الماضي.. ** فإن (فهداً) كان من بين الوجوه الوطنية الشابة المشرفة التي تحدت الصعاب والأخطار فاقتحمت السيول وقاومت الأمطار المنهمرة منذ العاشرة صباح يوم الأربعاء وحتى ما بعد فجر صلاة ذلك اليوم.. وحتى اليوم.. ** لقد قام فهد.. وباستخدام سيارته الخاصة (همر) .. بإنقاذ حياة العشرات من النساء والرجال والاطفال الذي داهمتهم السيول في جنوب وشرق ووسط جدة.. وكنت واحداً منهم.. ** وكتابتي هذه عن (فهد) ليس لأنه أنقذني وعشرات غيري وإنما لأنه حرّك فيّ الأمل بأن هذا الوطن بخير.. حتى وإن وجد فيه الفاسدون .. والمستغلون.. وغير المخلصين.. والعجزة والمقصرون.. ** فقد شمر عن ساعديه منذ فجر ذلك اليوم وحتى فجر اليوم التالي وما بعده وراح يبحث عن (المستغيثين) ليقدم لهم العون ويخرجهم من ذاك الحال.. ** فبعد (15) ساعة من الاحتجاز.. استطاع (فهد) ان يخرجني ويخرج بعض النسوة والأطفال في واحدة من عملياته الانقاذية التطوعية في مختلف أنحاء جدة.. ** فعل هذا (فهد) لأنه انسان بالدرجة الأولى.. ** وفعله لأنه مواطن.. وأي مواطن.. ** وفعله لأنه يبحث عن الأجر عند الله.. ** وفعله دون ان يعرف من هؤلاء الذين يقوم بانقاذهم سوى انهم أناس يستحقون النجدة.. ويتطلعون إلى نخوة الرجال.. ويبحثون عن المواطنة الصادقة والحقة.. ** ألم أقل لكم.. إن هذا البلد مازال بألف خير.. وإن وُجد فيه من لا يخاف الله.. ولا يراعي الضمير.. ولا يُحس بالمسؤولية.. ** أجل إن ( فهد بن أحمد بن عبدالعزيز ) هو واجهة هذا الوطن الذين نعقد عليهم الأمل – بعد الله – في انقاذ الوطن من كل مصادر العبث.. والتلوث.. والسموم.. والامراض.. والعاهات.. والتشوهات التي يعاني منها.. ** لقد حرصت على أن أعرف من هو قبل أن أودعه بعد أن أوصلني وإياهم إلى منازلنا.. فقال لي بخجل وبتواضع : أنا ابنكم فهد.. ** قلت له فهد ابن من ؟! ** قال بأدب : فهد بن احمد.. ** قلت له : فهد بن أحمد .. ابن من ؟! ** سكت لبرهة.. وكأنه لا يريد ان أعرف بقية اسمه حتى لا ينصرف ذهني إلى شيء آخر.. ولكنه أكمل بعد تلعثم (ابن احمد بن عبدالعزيز).. ** نظرت له بإكبار مرتين: ** مرة لأنه كان جم الأدب والتواضع والبساطة.. يدل على ذلك مظهره.. ولبسه الميداني.. الحركي.. العملي.. ويدل عليه خلقه الرفيع.. ** ومرة ثانية لأنه أراد بعمله هذا وجه الله.. ولم يكن محتاجاً لأن يقدم نفسه لي (كأمير) وابن أمير .. نحبه.. ونحترم أصالته ووطنيته أيضاً.. ** والحقيقة ان انتشار هذه الروح الوطنية الصادقة بين بعض شبابنا.. هو شيء يرفع الرأس.. ويطمئن الخاطر.. ويضاعف الشعور بالتفاؤل بالمستقبل.. ** ولعل الوقت قد حان لكي يلتفت لهذا النشاط الخدمي.. والانساني والاجتماعي بكل قوة.. تجسيداً لروح المسؤولية التي تتمتع بها مؤسسات المجتمع المدني.. وتؤشر عليها.. ** وذلك يستوجب – فوراً- قيام هيئة عليا للخدمات التطوعية ، يُغدق عليها من المال والمخصصات المالية.. وتمنح الكثير من المميزات والتسهيلات بما يمكنها من القيام بمهامها ومسؤولياتها على أكمل وجه.. حتى تسد جانباً كبيراً من جوانب الخدمة الانسانية الناقصة في مجتمعنا بفعل (ترهل) الأجهزة الحكومية.. وتقليدية مستويات الاداء فيها ونمطيتها.. وتراخيها بصورة (مفزعة) لكل مواطن صادق يخاف على بلده.. ويحترم انسانيته وكرامته ووجوده.. ** فتحية من القلب لهذا الجيل المنتمي؟ ** وألف ألف تحية للأمير الصغير في عمره .. والكبير في عمله.. بما قدم .. ويقدم لهذا الوطن الذي يستحقه .. ويستحق ان ينتمي إليه.. ويستحق هو ان يفخر به كل واحد فينا.. ليس – فقط – لأنه ابن الامير احمد بن عبدالعزيز الذي نحبه.. ونقدره.. ونجله.. وإنما لأنه ابن الوطن الذي يحاول ان يزيل من جبهة الوطن بعض تشوهاته.. بالفعل .. وبالعمل التطوعي والانساني الذي قدم له حياته.. ومنحه كل وقته.. وأحاسيسه ووطن به شعوراً جديداً في نفوسنا كدنا نفقده في الكثيرين من أبناء الجيل .. ** وإذا كان هناك ما يهمني أن أشير إليه في نهاية هذا المقال فإنه يتمثل في تسريع صدور قرار إنشاء هذه الهيئة والبدء في فتح أبواب التطوع.. لنشر ثقافة ظلت غائبة عن مجتمعنا حتى الآن.. ** وكم سنكون سعداء كمواطنين بأن نجد الآلاف من أبنائنا.. وبناتنا وقد تلبسوا هذه الروح .. وانخرطوا في هذه الهيئة.. كي تستثمر في بذر بذور الاصلاح في مجتمع يعاني كثيراً من اهتزاز القيم.. رغم ان هذا البلد هو بلد القيم الانسانية العظيمة.. لولا طغيان الحياة المادية على كل ما عداها.. ولولا انحدار الشعور بالمسؤولية لدى بعض من وضعت الامانة في أعناقهم فأخلّوا بها .. وطعنوها في الصميم. *** ضمير مستتر: **(نشعر بالطمأنينة عندما يتعاظم الشعور بالمسؤولية بين أبناء الجيل الطالع .. استئصالاً للفساد من جذوره).