ترتبط عملية النفاق بأشكالها المختلفة من لعق أو تلميع الأحذية، ومسح الجوخ، بما يُسمى على المستوى العربي بعملية التطبيل التي تعني النفاق من أجل المصلحة. ويصف أحد الكُتاب الخليجيين المطبلين ومن يدور في فلكهم بقوله إن هؤلاء «يحترفون ويمتهنون قرع الطبول بمختلف أنواعها في مختلف المناسبات، فأولئك «الطبالون» و«الطبالات» هم أصحاب موهبة وذوق وفن وإبداع ومهنة يكسبون ويحصدون بها رزقهم حلالاً كان أم حراماً، وذلك على العكس من أصحابنا» المطبلين المبتذلين في حبالهم وحبائلهم التي يعوزها الفن والذوق والإبداع. *** وظاهرة التطبيل، كما يقول الكاتب الموريتاني محمد عالي ولد عثمان، هي ظاهرة عريقة لدى العرب والأفارقة ويعود لهم «الفضل» في اختراعها وتصديرها للعالم. ومن أشهر أمثلتها شاعر منافق في عهد مصر الفاطمية والذي علق على زلزال ضرب مصر في تلك الحقبة قائلاً: «ما زلزلت مصر من كيد ألم لكنها رقصت من عدلكم طرباً»!! وآخر في أدبيات التطبيل، وصل به تطبيله ونفاقه لرئيسه أن قام بالتبرع بكليته له دون أن ينتبه أنه تبرع بالأولى لرئيس قبله، فعاش منافقاً ومات منافقاً!! *** المؤسف أن إسكافيي وماسحي الجوخ، هم اليوم أكثر إجادة لصنعتهم من أسلافهم الأولين، خاصة وأنها لا تحتاج منهم إلا لسانا حاذقاً يكيل المدح للرئيس ويسوغ له كل أعماله حتى يظن أنه قريب من الفاروق عمر -رضي الله عنه- في عدله، وعمر بن عبدالعزيز في تقواه، وبأن ليس في أرضه فقير ولا محتاج. لذا فأخطر لاعقي الأحذية وماسحي الجوخ هم المثقفون بكافة فئاتهم وأدعياء العلم الشرعي. فإذا جاز -عرضاً- أن يتملق صغار القوم وأدناهم لصاحب السلطة فيلعقون حذاءه، ويمسحون ما شاءوا من الأجواخ، فإنه من غير المتصور أن يمارسها المثقفون وأصحاب الرأي وأدعياء العلم الشرعي، من أجل الوصول إلى صاحب السلطة والتقرب منه. #نافذة: [لا يليق أن تتوج رأسك بحذائك، حتى ولو كان الحذاء من ذهب.] ميخائيل نعيمة