لا تغيب عاصمة السعوديين عن الأنظار، لكي تتجه لها العيون، فهي مدينة الفعل، الحاضرة على الدوام في أذهان المهتمين بأحداث المشرق والمغرب، والباحثين عن سلام البشر ورخائهم. نضع هذه الحقيقة في عين الاعتبار ونحن نترقب إعلان الرياض الذي سيصدر بإذن الله وعونه، عن القمة العربية - اللاتينية التي تلتئم في عاصمة الخير بحضور عشرات الزعماء والقادة. ففي صلب تفكير القيادة السعودية وهي تعد للقمة التي تترافق مع ظروف دولية وإقليمية بالغة الصعوبة، فتح آفاق جديدة تتجاوز الاستعصاءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تلقي ظلالاً ثقيلة على البلاد والعباد في منطقتنا والعالم. ولدَى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه -، الحنكة الكافية لالتقاط ما يمكن أن يساعد على إزالة العقبات التي تعترض سبل الخروج من المنعطفات الحادة. إلى جانب حكمتها، تستند قيادة المملكة في بحثها عن خير الدول المشاركة في القمة، لدور إقليمي يضع بصمته على الحراك الدولي والإقليمي الذي سيترك أثره على مستقبل عالم ما بعد التحولات الراهنة. ويعزّز إمكانيات الخروج بأفضل النتائج إدراك صناع القرار في الدولة المضيفة للقمة إمكانيات وحاجات الدول المشاركة، والآثار التي يمكن أن يتركها التعاون بين العرب وأمريكا اللاتينية على قضايا وشعوب البلدان النامية. رغم التباعد الجغرافي بين منطقتنا وتلك القارة، بقيت القواسم المشتركة حاضنة ملائمة وأساساً، يمكن البناء عليه والانطلاق منه إلى ما يعود بالفائدة على شعوبهما، فلم تكن دول أمريكا اللاتينية بعيدة يوماً عن نصرة القضايا العادلة في منطقتنا والعالم، فهي المعروفة بانحيازها الدائم للمواقف العربية ونصرتها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وكان لهذه المواقف صداها في نفوس العرب والمسلمين. كما تتيح القمة للدول المشاركة فيها فرص التنسيق لمواجهة آفات العصر التي ابتلي بها عالمنا، وفي مقدمتها الإرهاب والتطرُّف والاستجابة لضرورات وقف العنف، التي تتطلّب نشر ثقافة السلام والحوار بين الشعوب، والتفاهم والتنسيق في المحافل الدولية. اعتدنا هبوب رياح البشائر من مملكة الخير، وفي قمة الرياض ما يستحق الانتظار والترقُّب، يتماشى مع ضرورات التقارب بين الدول والشعوب، وتوسيع دائرة المصالح والمنافع المتبادلة في زمن التحولات السريعة، ويساعد على بناء رؤى مشتركة لعالم مقبل.