الحسد في عرف الشرع، هو: تمني زوال النعمة، وقد يتجاوز الحسد حد التمني، وحب الإضرار بالغير، إلى السعي العملي في ذلك، بالفعل والقول، والتحريض. والحسد من كبائر الذنوب التي حرمها الإسلام وتوعد عليها بالعقاب في الدار الآخرة، وقد أرشدنا الشارع إلى الاستعاذة بالله من شر الحاسد إذا حسد، ونهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الحسد، فقال: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً».. رواه مسلم. هذا في الدين، وفي الآخرة، أما في الدنيا فإن الحسد يُعتبر من أقبح الصفات، والأخلاق الذميمة التي تجعل صاحبها يعيش في عذاب وفي ضيق شديد، ليل نهار. ولذلك اعتبرت منظمة الصحة العالمية الحسد والغيرة من الأمراض النفسية الخطيرة، ودعت إلى التعامل مع الحاسدين والغيورين على أنهم مرضى يحتاجون إلى العلاج، وأكدت إحصاءات المنظمة الدولية أن ثلث سكان العالم أي نحو ملياري شخص، مصابون بداء الحسد والغيرة ويجب علاجهم والتعامل معهم على أساس أنهم مرضى. والحاسد «الحاقد» شخصية مريضة ومضطربة، تعاني من صراعات نفسية داخلية فتجده ينظر إلى ما في يد غيره من الناس ويتمنى زواله ويسعى في ذلك حتى لو كان يملك ما هو أفضل منه. وتختلف درجات الحسد باختلاف العوامل التي تؤدي بالإنسان إلى هذا المرض، وتظهر أسوأ هذه الحالات في تلك الفئة التي عانت من الحرمان في صغرها، مع ضعف الإيمان بقضاء الله وقدره، وعدم الرضا بما قدّره الله، فينشأ وقلبه مريض لا يعرف حب الخير حتى لأقرب الناس إليه. ويؤكد الأطباء المختصون.. أن الإنسان الذي يحمل في صدره إحساس الحسد يصاب بعد فترة بأمراض نفسية مثل «البارانويا» (انعدام الثقة بالنفس والعدوانية الموجهة للذات)، وغالباً ما يصاب الحساد أيضاً بالأرق والصداع والكوابيس المزعجة!! وقد قالوا: لله درّ الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله إضافة إلى ما يسببه من أضرار جسام للمحيطين به سواء عن قصد منه أو بدون قصد. وأما الغيرة فمنها ما يُمدح ويُحمد ويُطلب، ومنها ما يُذم فالمذموم منها الغيرة في غير ريبة ومن دون سبب يقتضيها غير الأوهام والوساوس، والمحمود منها الغيرة على المحارم والحرمات الشرعية. أما الحسد الممدوح فهو حسد الغبطة إذا رأيت ذا فضل تغبطه بأن تكون مثله كرماً وعلماً وشهامة وخلقاً، ولا تريد أن تزول عنه هذه النعمة وهذه المكرمة فهذا أنت مأجور عليه وهو يدعو إلى التسابق في الخيرات والتسارع إلى المبرات. نسأل الله العلي القدير الشفاء للحاسدين وأن يدلهم إلى طريق الخير والنور، البعيد عن المشاحنة والبغضاء، وأن يحفظنا بقدرته وكرمه من شرورهم، إنه سميع مجيب. يقول الشاعر: كل العداوة قد ترجى إماتتها إلا عداوة من عاداك عن حسد