دمعة العين ورِقة القلب وهيجان النفس في جسم نواف ليست بالشيء المستغرب ولا بالشيء الهين ولا هي تمر مرور الكرام لأن رجلاً يفقد أباه في ريعان شبابه ويفقد أمه في بداية كهولته ويتحمل عبئاً قد مرّ به مجربون كثر يعوون معنى تحمُّل المسؤولية. هذا يعني أن ذلك أمر جسيم.. صبراً نواف بن فيصل فقد أفاء الله عليك بنعمة الصبر حين وقعت المصيبة ورفعك الله بالذكر حين حل المصاب.. صبراً نواف بن فيصل فما فقْد الأم بالشيء الهين ولا هو بالشيء اليسير.. نعم لقد فقدتها وأنت تنظر إليها بكلتا عينيك غير أن عينك اليمنى تدمع لحالها مسجاة وعينك اليسرى تدمع لذكرى تربيتك وحنانها بك.. صبراً نواف لقد فقدت أماً حنوناً رؤوماً رحوماً كما الأمهات حملتك تسعة أشهر وهناً على وهن وولدتك بعدما رأت بعينيها الموت وضحكت مع شدة الألم لأنها رأت عينيك في هذه الدنيا لتفخر بك وتقول بلسان حالها ومقالها وجراحها وآلامها: أهلاً حبيبي نواف.. حضنتكَ على صدرها باكية من حرارة جسمك خوفاً عليك، وها أنت تبكي ألم فراقها فكن صبوراً محتسباً لفقدها.. صبراً نواف لقد رحلت الأم الحنون وبرحيلها أغلق الباب الآخر في السماء غير أن فضل الله باقٍ ورحمته واسعة وعطاءه جميل كبير عظيم.. صبراً.. نواف بن فيصل فلئن رحل فيصل ورحلت منيرة، فأنت - بإذن الله - الابن البار بهما، ومن تحمل اسميهما، بل إن في اسمك قاسماً مشتركاً من اسميهما فأول اسمك للأم وقدم لأن لها ثلاثة حقوق وآخره للأب وأخر لأنه هو المستند والمعين بعد الله فكن أنت فيصل بالرعاية والأبوة والمسؤولية، وكن أنت منيرة بالحنان والرحمة والعطف.. صبراً نواف بن فيصل فما عند الله خير وأبقى، ومن يكتب الله له الفناء ويُبقي بعده ذرية صالحة تدعو الله له فإنما ذلك بمثابة العمر الثاني للإنسان {أو ولد صالح يدعو له}.. فصبراً، ثم صبراً، ثم صبراً نواف بن فيصل.. أحسن الله عزاءك وجبر مصابك وأخلف عليك خيراً..