قبل أربعين عاماً أو تزيد (قليلاً) فقدت أغلى (إنسان) في حياتي، فقدت الأبوة، والحنان، والعطف، لأنني باختصار كنت طفلة صغيرة، أسعد بابتسامته التي ملأت الدنيا بهجة وأعانق شعيرات (لحيته) الوقورة كما هو شيخاً وقوراً محباً كريماً ذاع (صيته) في كل مكان وكان رحمه الله هو (الملاذ) والملفى لأهله، وربعه، وجماعته، وأسرته الكبيرة. كان بيته (مفتوحاً) على مدار الساعة يقابل الناس من أقارب وأباعد بكرم حاتمي شهد له فيه القاصي والداني وكل من عرف أبا محمد عليه (شآبيب رحمته) ولأن الدنيا لا تدوم على حال وهي دوماً تفرق بين الأحباب فقد فقدت شقيقي الغالي عبدالرحمن في (عز شبابه) ورحل هو الآخر رحمه الله رحمة واسعة تاركاً جرحاً عميقاً في (سويداء القلب) لم ولن يندمل ما حييت. ثم فقدت أخي الأكبر محمد رحمه الله ولحقت به أختي هيا الغالية رحمها الله ورحل بعدهم العديد من الأحباب والحبيبات إلى الدار الآخرة تاركين ذكريات لا تنسى، وفقدان عظيم وليل (داكن) في نفسي وقلبي لم يعيد جزءا منه ومن (عبقه) إلا شقيقي الوحيد (الحبيب) سعد الذي أرى فيه صورة والدي (ناصر) ورائحة (الأحباب) ليبعث فينا (أبو ناصر) الذكريات الجميلة والعودة إلى الماضي الذي كان يربطنا بهم رحمهم الله جميعا. وكان أبو ناصر وفياً رحوماً عطوفاً وباراً بأخواته وبنات أخواته حين جمعهم في داره العامرة على مأدبة عشاء لمت الشمل وضمت بنات وحفيدات الراحل الكبير الشيخ ناصر بن محمد الكثيري رحمه الله شيخ أسرة الكثران في الرياض والحريق. وقد قلت هذه الأبيات المتواضعة باللغة الفصحى كإهداء لشقيقي الغالي سعد كتعبير بسيط عن سروري وأنا أراه أباً وجداً لأخواته وبناتهن وهو أصغر من أكثرهن. اليوم ناصر فليهنأ به المرقد اليوم ناصر فليسعد بما يشهد اليوم سعد تجلى في أبوته فالسعد ناصر صنو الناصر الأسعد ما مات شيخ وقد عاشت فضائله بين الخلائق والدنيا له تشهد ما مات شيخ وقد أنجبك يا بطلا أحييت ذكراً له في حق من يُعبد سعدٌ دعانا وكل الود يملؤه حتى تبسم في عليائه الفرقد سعد حضرنا وكل الشوق نسكبهُ في راحتيك أخ أفعاله تحمد العين تدمع من فرط انبساطتها والجفن قربك لا يشقى ولا يسهد القلب يرقص من شوق ومن فرح قد كان قبلك حيران الرؤى مجهد ما أصدق القول بين الناس تنقله من خلف الابن في الدنيا فلا يفقد