توجه رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أمس الى الولاياتالمتحدة، حيث سيجري محادثات حول السلام في افغانستان، وغارات الطائرات الأميركية بدون طيار في بلده والتعاون الاقتصادي وسط علاقات مضطربة. ويلتقي شريف اليوم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والاربعاء الرئيس باراك اوباما، علماً ان زيارته تعتبر الأولى لرئيس وزراء باكستاني الى واشنطن منذ تولي الرئيس باراك اوباما السلطة عام 2009. ومنذ عودته الى الحكم إثر انتخابات ايار (مايو) الماضي، كثف شريف - الذي ترأس حكومتين خلال التسعينات من القرن العشرين - مبادرات الانفراج مع الولاياتالمتحدة بعد فترة من توتر العلاقات إثر الهجوم الذي نفذته وحدة كوماندوس اميركية لقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في بلدة ابوت اباد شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد عام 2011. ويريد البلدان ضمان استقرار افغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية من اراضيها بحلول نهاية 2014. وأوضح الجنرال الباكستاني المتقاعد طلعت مسعود ان «الولاياتالمتحدة تتوقع اضطلاع باكستان بدور اساسي في الانسحاب من افغانستان، عبر توفير دعم لوجستي لنقل العتاد الأميركي خارج افغانستان، والتأثير في عملية السلام مع حركة طالبان الافغانية». وتقيم إسلام آباد علاقات تاريخية مع متمردي «طالبان»، حتى انها اتهمت مرات بدعم حربهم ضد كابول وحلفائها في الحلف الأطلسي (ناتو). وبأمل دفع عملية السلام، اطلقت باكستان اخيراً قادة من طالبان اعتقلهم في سجونها، لكن تأثير هذا الافراج لم يظهر حتى الآن. واعتبر دانيال ماركي، المتخصص في الشؤون الباكستانية في مركز بحوث «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي، انه «اذا قدم الباكستانيون افكاراً جديدة لتحريك عملية السلام سيسجلون نقاطاً، واذا عرضوا اموراً خاصة فقد يلعبون دوراً مفيداً جداً». وإلى افغانستان سيتطرق الجانبان الى المسألة الشائكة المتمثلة في إغارة طائرات اميركية بلا طيار على اراضي باكستان، والتي تعتبرها إسلام آباد انتهاكاً لسيادتها، على رغم انها تتهم بدعم الغارات في شكل غير رسمي. واقترحت حكومة شريف اخيراً على حركة «طالبان باكستان» التي تكثف منذ ست سنوات اعتداءاتها الدامية في البلاد، فتح محادثات سلام، لكن المقاتلين طرحوا شروطاً عدة بينها وقف الغارات الأميركية على معاقلهم. ورأى المحلل الباكستاني حسن عسكري ان «الولاياتالمتحدة سترفض وقف الغارات بحجة ان باكستان يجب ان تحسن مراقبتها لمناطق القبائل والذي لا تستطيع تحقيقه حالياً». ويبقى الاقتصاد مجالاً للتقدم في المحادثات بين الولاياتالمتحدةوباكستان التي تبحث عن استثمارات لزيادة انتاجها من الكهرباء، ودعم صادراتها. ووعد صندوق النقد الدولي اخيراً بمنح إسلام آباد مساعدة مقدارها 6,7 بلايين دولار، في مقابل اجراءات تقشف لتطهير المال العام. في افغانستان، اعلن منظمو مؤتمر المجلس الاعلى للقبائل (لويا جيركا) المقرر عقده من 19 الى 21 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ان الدور المستقبلي للقوات الأميركية بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد نهاية العام 2014 سيناقشه حوالى 3 آلاف زعيم قبلي وشخصيات بارزة أخرى، مؤكدين ان المؤتمر ستكون له سلطة اتخاذ قرار في شأن اتفاق ثنائي. وتتضمن مسودة الاتفاق الثنائي بين كابولوواشنطن بنوداً خلافية بالنسبة الى كابول، بينها مطالبة واشنطن بمنح قواتها التي ستظل في افغانستان حصانة من تطبيق القانون الافغاني. على صعيد آخر، وقعت الولاياتالمتحدة ورومانيا اول من امس، اتفاقاً لاستخدام الجيش الأميركي قاعدة «ميخائيل كوغالنيتشانو» العسكرية الرومانية على البحر الأسود لإدارة عملية سحب جنوده وعتاده من افغانستان، ما يعني معالجته معضلة انتهاء العقد المبرم حتى تموز (يوليو) 2014 مع قرغيزستان لاستخدام قاعدة ماناس في انجاز عملية الانسحاب. ودفع بدل الإيجار الكبير الذي تطلبه السلطات القرغيزية لتجديد العقد، والاضطرابات السياسية في آسيا الوسطى، الى اقناع واشنطن بالبحث عن قاعدة بديلة.