بدأت في العاصمة الباكستانية إسلام آباد قمة إقليمية ثلاثية في حضور الرئيسين الأفغاني حميد كارزاي والإيراني محمود احمدي نجاد، لبحث تعزيز التعاون الثلاثي. وعلى رغم أن القمة تندرج ضمن لقاءات دورية سنوية تجمع الدول الثلاث، لكنها تكتسب أهمية بسبب التطورات الأخيرة في هذه البلدان وعلاقاتها المختلفة مع الولاياتالمتحدة. وتخشى الحكومة الأفغانية من عدم اضطلاعها بدور قيادي في المفاوضات التمهيدية التي باشرتها واشنطن مع ممثلين لحركة «طالبان» في العاصمة القطرية الدوحة بهدف إطلاق عملية السلام، فيما تحاول استمالة باكستان لإقناع قيادة «طالبان» الأفغانية بالتفاهم والحوار معها، وهو ما ترفضه الحركة. لكن كارزاي ابلغ صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن حكومته تشارك في المحادثات التمهيدية بين واشنطن و»طالبان» من دون أن يحدد المكان الذي أجريت فيه المفاوضات أو إعطاء مزيد من التفاصيل حولها. وقال: «تكلمنا مع أعلى المسؤولين في طالبان، وأعتقد بأن معظم عناصرها يريدون السلام. انهم أناس مثلنا جميعاً لهم عائلات وأقارب وأطفال، ويعيشون وقتاً عصيباً». وقال مسؤولون أفغان إن كارزاي سيلتقي سياسيين معارضين وزعماء دينيين في إسلام آباد، وبينهم الملا سميع الحق الذي يرأس معهداً دينياً تردد أن زعماء بارزين في «طالبان» درسوا فيه، وهو يلقب بأنه «أبو حركة طالبان». وأعلن الرئيس الأفغاني انه سيطالب باكستان بالمساهمة في عملية السلام، «إذ إن تعاونها يجعل المسألة كلها أسهل بالنسبة إلينا ولطالبان وللولايات المتحدة»، فيما لمّح إلى احتمال تقديمه تنازلات لإنجاز الشراكة الاستراتيجية بين واشنطنوكابول، والتي يفترض أن تحدد معالم الانتشار الأميركي في أفغانستان بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي المقرر نهاية 2014، وأيضاً إلى إمكان تبنيه موقفاً اكثر ليونة من مسألة الحصانة القضائية الممنوحة للأميركيين العاملين في أفغانستان. وتحاول إيران الخروج من عزلة العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، والاتهامات التي وجهت إليها بالوقوف وراء سلسلة التفجيرات الأخيرة في الهند وجورجيا وتايلاند. كما تسعى إلى مد خط أنابيب غاز إلى الأراضي الباكستانية من اجل كسر القيود التي فرضتها الدول الغربية على صادرات النفط والغاز الإيرانية. وترحب باكستان بالمسعى الإيراني من اجل تعويض معاناتها من النقص الحاد في الطاقة، خصوصاً أن طهران ستتكفل مد خط الأنابيب على نفقتها الخاصة حتى داخل باكستان ومنح إسلام آباد سعر شراء تفضيلي وبأجل مؤخر، ما يتلاءم مع العجز المالي الذي تعاني منه باكستان الآن. ولا شك في أن الحكومة الباكستانية ستكون المستفيدة الأكبر من اللقاء الثلاثي، بعدما أعادت أخيراً صوغ علاقاتها مع كابول، على رغم قربها من «طالبان» الأفغانية. وتحاول إسلام آباد إيجاد نوع من الحل الداخلي الأفغاني تؤيده دول الجوار خصوصاً إيران، وضمان خروج القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية. غارات وعبور حاويات ل «الناتو» وتزامنت القمة الثلاثية مع إعلان إسلام آباد أنها سمحت ل300 حاوية من إمدادات «الناتو» بعبور الأراضي الباكستانية إلى أفغانستان، وإعلان واشنطن أن إسلام آباد سمحت لها باستخدام المجال الجوي الباكستاني لنقل إمدادات ضرورية لقوات «الناتو» في أفغانستان. وشنت طائرات أميركية من دون طيار غارتين على مناطق بإقليم شمال وزيرستان خلال أقل من 24 ساعة. واستهدفت الغارة الأولى مجمعاً سكنياً يشتبه بأنه يضم متمردين في بلدة سبالغا قرب ميرانشاه، حيث قضى ستة أشخاص، فيما أسفرت الثانية عن مقتل ثمانية أشخاص وجرح آخرين استقلوا سيارة في منطقة مير علي. وجاء الهجومان بعد أسبوع على إعلان مسؤولين باكستانيين مقتل بدر منصور الذي يعتبر «زعيم القاعدة في باكستان بحكم الأمر الواقع» في قصف لطائرة أميركية من دون طيار في شمال وزيرستان.