إسلام آباد، واشنطن - أ ف ب، رويترز - التقى قادة أفغان وباكستانيين وآخرين من الحلف الأطلسي (ناتو) في مركز التنسيق بمنطقة معبر تورخام الباكستاني الحدودي مع أفغانستان امس، من اجل تحسين التنسيق العسكري بعد اكثر من شهرين على قصف مروحيات تابعة للحلف من طريق الخطأ مركزاً عسكرياً باكستانياً في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما اسفر عن مقتل 24 جندياً، وتسبب في أزمة ديبلوماسية بين إسلام آباد وواشنطن التي تحتاج إلى تعاون حليفها في «الحرب على الإرهاب» لتحقيق الاستقرار في أفغانستان قبل انسحاب غالبية القوات الأجنبية عام 2014. ويعكس ذلك تحسن العلاقات بين الولاياتالمتحدة التي تقود قوات الحلف الأطلسي في أفغانستانوباكستان، علماً أن «هفوة» الأطلسي دفعت إسلام آباد إلى اغلاق طريق إمدادات «الناتو» التي تعبر أراضيها، كما يؤكد أجواء التهدئة بين إسلام آباد وكابول بعد زيارة وزيرة الخارجية الباكستانية هنا رباني خار العاصمة الأفغانية كابول الأسبوع الماضي، وأعلنت أن بلادها ستسمح قريباً بمرور شاحنات إمداد الحلف عبر أراضيها، فيما توقع مسؤول باكستاني فرض رسوم على طرق الإمداد. وأفاد بيان اصدره الجيش الباكستاني بأن «اللقاء يندرج في إطار الاجتماعات الثلاثية المقررة لبحث التنسيق وتحسينه على الحدود الباكستانية الأفغانية» معلناً إلى أن ممثله في الاجتماع هو قائد عملياته العسكرية الجنرال اشفق نديم احمد. ولم يمنع الاجتماع إطلاق طائرة أميركية من دون طيار صاروخين على معسكر تدريب لمتشددين في تابي بميرانشاه كبرى مدن إقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب)، ما أدى وفق مسؤولين عسكريين باكستانيين إلى مقتل عشرة متمردين على الأقل. وتتواصل غارات الطائرات بلا طيار التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) أو الجيش الأميركي والمتمركزة في أفغانستان المجاورة، على المناطق القبلية الباكستانية منذ عام 2004، فيما أقرّ الرئيس الأميركي باراك اوباما أخيراً بشنها بعدما أنكرتها الإدارة لفترة طويلة. وأوضح المسؤولون الباكستانيون أن ضحايا أجانب يتحدرون من آسيا الوسطى سقطوا في الغارة، علماً أن تنظيم «القاعدة» يجند ناشطين إسلاميين كثيرين من دول عربية وآسيا الوسطى لتدريبهم في معسكرات بباكستان. وأدت هذه الغارات إلى سقوط اكثر من 1700 قتيل غالبيتهم من المتشددين وفق السلطات الباكستانية التي تندد بالغارات رسمياً لكن يعتقد بأنها أبرمت اتفاقا ضمنياً مع واشنطن للسماح بتنفيذها. محادثات السلام الأفغانية على صعيد آخر، كشف مسؤولون أميركيون أن واشنطن تسعى إلى تسريع محادثات هشة مع حركة «طالبان» كي تستطيع إعلان إجراء مفاوضات سلام «جدية وذات صدقية» خلال قمة الحلف الأطلسي في شيكاغو في 20 و21 أيار (مايو) المقبل، ما يمكن أن يمثل نصراً يحتاجه البيت الأبيض وشركاؤها في الحلف في وقت يكافحون لاحتواء تمرد مراوغ وتدريب جيش أفغاني يمهد لإعادة قواتهم لأوطانها خلال السنوات الثلاث المقبلة. ويجب أن تنفذ الولاياتالمتحدة سلسلة إجراءات تدل على حسن نياتها، بينها إطلاق محتجزي «طالبان» من معتقل غوانتانامو العسكرية في كوبا، وإقناع المتشددين بالتخلي عن معارضتهم للمحادثات مع حكومة أفغانية يعتبرونها غير شرعية، والتعامل مع المعارضة السياسية في الداخل قبل شهور من الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وحتى إذا نجحت إدارة أوباما في جمع أعضاء الحكومة الأفغانية مع مسؤولي «طالبان» التي أطيح نظامها في الغزو الذي شنه التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على مائدة مفاوضات واحدة لبحث المستقبل السياسي للبلاد، فلا ضمانات بالتوصل إلى نتيجة. ولا تزال دوافع جماعات متشددة تتمركز قياداتها في باكستان غامضة مع تأهب البيت الأبيض لإرسال مفاوضين إلى اجتماع جديد مع ممثلي «طالبان» يمكن أن يعزز عملية نقل خمسة محتجزين من طالبان من غوانتانامو إلى قطر. وليس واضحاً إذا كانت الحركة مهتمة حقاً بالسلام أم أنها ترغب في إخراج سجنائها والانتظار حتى خروج القوات الأجنبية من أفغانستان، علماً أنها لا تزال قوية وقادرة على إعادة تزويد نفسها بأسلحة وإعادة تنظيم صفوفها في منطقة القبائل الحدودية مع باكستان.