من أكثر الجمل التي استخدمت للمقارنة مع الآخرين الذين غالباً ما تمت تسميتهم بالغرب على رغم أنهم في الشرق أكثر عدداً، تلك الجملة هي أنهم يعانون من الفراغ الروحي، والسبب الذي سيق إلينا هو بعدهم عن الدين، والشواهد هي كثرة الانتحار، والطلاق، والعلاقات المحرمة، وتعاطي الخمور. حسناً، كبرنا، وسافرنا، واختبرنا الحياة والناس، لنجد أن هذا الكلام غير دقيق، وأن الانتحار والطلاق، وغيرهما في كل بلدان الدنيا مهما كانت ديانتها وثقافتها، وهذا الخطاب تراجع إلا من بقية في بعض المناهج، وبقية في رؤوس المعلمين يرددونها منذ عقود على مسامع شباب مبهورين بهذا الآخر، ويتعاملون مع لفظة الفراغ الروحي تعاملهم نفسه مع أية جملة تُحفظ ثم تتلى أو تكتب على ورقة اختبار. خطر لي ذلك كمدخل لحديثي عن الأكاديمية صاحبة نصيحة أو فكرة عدم سير المرأة مع ابنها الجميل الخلقة حتى لا يقاس بذلك على جمالها، وتخيلت توقف حركة المرور والمشاة في الشارع حتى يفيق متأمل الأم وابنها الجميل من أحلام يقظته وهواجسه المبتذلة. اللهم لطفك بتعليم هذه إحدى منسوباته، وعفوك عن مسؤول أكاديمي لا يمحص عقليات ونفسيات من يتولون الصياغة شبه النهائية لأفكار ومعلومات أبنائنا وبناتنا الدينية، والأخلاقية، والسلوكية في الجامعات، وبالطبع من قبل ذلك في كل مراحل التعليم. الفراغ الروحي موجود في كل مكان، وحتى المسلم الذي لا يتمثل دينه حباً وسلاماً وطمأنينة تنعكس أخلاقاً وسلوكاً وأفكاراً، هو بشكل أو بآخر يعاني الفراغ الروحي، وهذه الأكاديمية بمثل هذه الأفكار تعاني، ويعاني من يحمل مثل أفكارها منه، وأيضاً من الفراغ العاطفي، والجسدي. تمحور كثير من الوعظ حول الجسد هو بحد أولى دلائل عدم تناغم الروح مع هذا الجسد، وعلامة مَرَضية في العقل الذي يركز كل اهتمامه عليه، يواصل الإصرار على فكرة واهية، ثم يصدقها ويبدأ في تصديرها، ويكبر السؤال: ترى لماذا؟ سأذهب إلى حدس يقول إن بناء الصورة الذهنية للعلاقة بين الرجل والمرأة على القاعدة الجسدية قبل أية قاعدة أخرى يركز الطاقة الذهنية والعاطفية، وربما الروحية في هذا الاتجاه، فينفجر كهاجس دائم. أيضاً في مثل هذه الفكرة الغريبة، تجنٍّ إنساني، وشخصياً أعتقد أنه يخالف الثقافة الإسلامية، فكل خلق الله حسن وجميل، والأطفال بالذات لدى كل واحد منهم جماله الخاص، وبمثل هذه الفكرة هل نقول إن المرأة التي ستتبع هذه الفكرة تخبرنا أن ابنها قبيح عندما تمشي معه؟ وأخيراً فالهدف مما لقن لهذه الأكاديمية ليس ما ذهبت إليه، بل إن المغزى ألا تسير المرأة أصلاً في الشارع، فكيف للجوهرة أن تترك علبة «المخمل» لتقول على الملأ إن ابنها «شين»؟ ويبقى أن الطريف في الأمر أن بعض النساء سينتقين من أبناء العائلة الأجمل لتسير معه لأهداف تسويقية. [email protected] @mohamdalyami