اعتبر صندوق النقد الدولي في تقرير ان الاقتصاد المغربي سيواجه في الأجل القريب والمتوسط أخطاراً خارجية مرتبطة بأجواء عدم اليقين المحيطة بمنطقة اليورو، الشريك التجاري المهم للبلاد. وأشار إلى ضرورة إنجاز استثمارات ضخمة في مصادر الطاقة المتجددة، واعتماد سياسة تحوّط لتجنب تقلبات الأسعار العالمية التي عمّقت عجز الميزان التجاري والاحتياط النقدي من العملات الأجنبية للبلاد. وتوقع صندوق النقد ان يحقق الاقتصاد المغربي نمواً بنحو 3.7 في المئة نهاية العام، وان يزيد النمو على أربعة في المئة عام 2013. ولفت الصندوق إلى ان الاقتصاد المغربي تمكن على رغم التأثيرات الخارجية السلبية، من تحقيق أفضل معدل نمو العام الماضي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغ خمسة في المئة. وأضاف ان ارتفاع الأسعار العالمية لموارد الطاقة أدى إلى اتساع عجز ميزان المدفوعات للبلاد. وساهم برنامج دعم الأسعار في تعميق عجز الموازنة العامة للبلاد إلى أكثر من ستة في المئة من الناتج المحلي، كما تأثر المغرب بسنة زراعية جافّة وتوترات محلية وإقليمية زادت في تعميق جراح الاقتصاد الذي أنهكته ظروف دولية غير مساعدة، تسببت في تراجع الإيرادات الخارجية من السياحة والتحويلات والتدفقات الاستثمارية. ووضع صندوق النقد خط ائتمان للوقاية والسيولة تحت تصرف حكومة الرباط بقيمة 4.17 بليون وحدة حقوق السحب، ما يوازي 6.21 بليون دولار، على مدى سنتين، للحفاظ على مستوى مريح من التمويلات الخارجية ولمواجهة أي طارئ في الأزمة الأوروبية، أو احتمال ارتفاع أسعار الطاقة العالمية في شكل كبير. ونصح الصندوق الحكومة المغربية بتقليص مخصصات الدعم الحكومي تدريجياً، التي بلغت ستة بلايين دولار العام الماضي، وان توجه الدعم إلى الفئات الفقيرة، في إطار برنامج الدعم الاجتماعي، واتخاذ إجراءات تصحيح لزيادة كفاءة المالية العامة للدولة وتحصيل الضرائب وترشيد الإنفاق وتوسيع الحوكمة والمحاسبة، وتحسين مناخ الأعمال أمام القطاع الخاص، لجلب مزيد من التدفقات الاستثمارية وتنمية العمل الخاص وتقليص بطالة الشباب. وكان وفد من صندوق النقد زار المغرب في تموز (يوليو) الماضي والتقى مسؤولين حكوميين ومن القطاع الخاص لتقويم الضرر الذي ألحقته الأزمة الأوروبية وسعر النفط العالمي بالاقتصاد المحلي. صواعتبر محللون محليون ان تقرير صندوق النقد حول المغرب يساعد في تسهيل عودة الرباط إلى الاقتراض من السوق المالية الدولية بأسعار فائدة تفضيلية عن مثيلتها من الدول في منطقة اليورو، لكن جهات معارضة للحكومة نبهت من أخطار الانزلاق إلى مزيد من التبعية للمؤسسات المالية الدولية، محذّرة من تكرار تجربة «برنامج التقويم الهيكلي» مع صندوق النقد في الأعوام 1983 - 1993 الذي كلّف المجتمع المغربي صعوبات اجتماعية ما زالت أثارها ظاهرة. وتنتظر الحكومة المغربية الفرص السانحة لإصدار قروض سيادية تتراوح بين بليون وبليوني دولار في السوق الدولية، لزيادة الاحتياط النقدي لدى المصرف المركزي الذي تراجع إلى 140 بليون درهم، أو تلافياً لاقتراح خفض سعر الدرهم المغربي، إذ أشار صندوق النقد إلى ان ارتباط الدرهم المغربي باليورو عوضاً من الدولار كان سبباً غير مباشر في ارتفاع كلفة الواردات في البلاد وعدم نمو الصادرات.