يُجمع المحللون على أن الاقتصاد المغربي سيتأثر تدريجاً بالانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، وتداعيات الربيع العربي والأزمات المالية السيادية والاقتصادية في منطقة اليورو، ما سينعكس على معدلات النمو التي ستتراجع الى أربعة في المئة هذه السنة، في مقابل 4.8 في المئة العام الماضي، نتيجة تدهور متزايد للقدرات التمويلية للاقتصاد المحلي، حيث سيرتفع عجز حساب الادخار من 4.3 في المئة عام 2010 الى 7 في المئة خلال العام الحالي. وجاء في دراسة استشرافية لآفاق الاقتصاد المغربي حتى عام 2015 التي عرضتها أمس المندوبية السامية للتخطيط أمام الخبراء، ان الاقتصاد المغربي يحتاج الى تمويلات إضافية لا تقل عن 300 بليون درهم مغربي (36 بليون دولار) لتمويل برامج قطاعات إستراتيجية اجتماعية وتنموية، والإبقاء على الحد المطلوب في الاستثمارات العامة وتحسين الأجور ومعالجة مشاكل البطالة والفقر. وتقدر حاجات التمويل الإضافية بنحو 70 بليون درهم سنوياً. وتابعت الدراسة إن معدل الادخار الوطني لن يتجاوز 30 في المئة من الناتج الإجمالي للعام الحالي، في حين يحتاج الاقتصاد الى معدل استثمار في حدود 37 في المئة. ويتسبب عجز التجارة الخارجية البالغ 7 في المئة من الناتج في امتصاص الموارد المالية المغربية التي تغطي الواردات، بما فيها عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين والاستثمارات الخارجية. وكانت تغطية الاستثمار بواسطة الادخار تناهز 109 في المئة عام 2006، قبل أن تتراجع الى 80 في المئة هذه السنة، وهي مرشّحة للتراجع بسبب انخفاض الاحتياط النقدي الذي يغطي اقل من 6 أشهر من الواردات، في حين كان يغطي سنة كاملة من الواردات سابقاً. وتشكل قيمة الاستثمارات الأجنبية الكبيرة وأسعار النفط والطاقة في السوق الدولية مؤشرات حاسمة في تحديد حجم النمو المرتقب في المغرب. وأوضحت الدراسة إن سعراً عالمياً للنفط يبلغ 100 دولار واستثمارات خارجية تشكل نسبة 3 في المئة من الناتج، ستمكن الرباط من النمو 5.5 في المئة على مدى السنوات الأربع المقبلة، ما يرفع استهلاك الاسر 5.2 في المئة، والاستثمارات العامة الى 36 في المئة من الناتج الاجمالي. وإذا زادت الاستثمارات الخارجية الى 5 في المئة، فان الصادرات سترتفع 6.7 في المئة وسيصل النمو الى 5.8 في المئة في السنوات المقبلة، ويتراجع عجز ميزان المدفوعات الى 3.7 في المئة من أصل 6 في المئة حالياً. تأثير أسعار النفط أما إذا ارتفع سعر النفط فوق 150 دولاراً بسبب الأزمة بين إيران والغرب، فان الاقتصاد المغربي سيتضرر كثيراً وقد يصل عجز الموازنة الى 8.9 في المئة وعجز الحساب الجاري الى 10 في المئة، ما قد يدفع الرباط الى الاستدانة من السوق الدولية، في وقت ارتفعت معدلات الفائدة الى 6 في المئة بسبب حاجات التمويل التي تتطلبها الاقتصادات الأوروبية المتدهورة، مثل اليونان والبرتغال واسبانيا وايطاليا. وكانت اسعار الطاقة والمواد الغذائية سبباً في تفاقم عجز الموازنة العامة، التي موّلت فارق الاسعار بنحو 47 بليون درهم العام الماضي، ما يوازي 6 في المئة من الناتج الاجمالي. وترفض الحكومة المغربية فكرة خفض قيمة الدرهم لزيادة الصادرات، أو اعتماد السوق المالية الدولية لاقتراض مبالغ جديدة يحتاجها النظام المالي والمصرفي المحلي، وتعتبرها صيغاًً غير ناجعة في ظل ارتفاع معدل الفائدة من جهة (5.37 في المئة)، واحتمال خفض الائتمان السيادي للبلاد من مؤسسات التصنيف الدولية. وتراهن الحكومة على تحسين مداخيلها عبر آليات الضرائب والرسوم وخفض النفقات لتقليص عجز الموازنة التي لم تعرض بعد على مجلس النواب. وتقدر الديون ب50 في المئة من الناتج الإجمالي، وقد ترتفع الى 60 في المئة بحلول عام 2015 لتبلغ 656 بليون درهم (81 بليون دولار)، وهو سيناريو غير مرغوب فيه، ويعيد الى الأذهان سنوات برنامج التقويم الهيكلي بإيعاز من صندوق النقد الدولي.