أفاد المصرف المركزي المغربي بأن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وتباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية، قلصت إيرادات الخزينة المغربية، وأثرت سلباً في حساب ميزان التجارة الخارجية الذي ارتفع عجزه الى نحو 100 بليون درهم (نحو 12 بليون دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يُهدد توازن الحسابات الكلية للاقتصاد المحلي الذي ُيعاني نقصاً في العملات الصعبة للعام الثاني على التوالي. وأوضح «المركزي» في تقريره الشهري ان الاحتياط النقدي من القطع الأجنبي لم يعد يُغطي سوى أربعة أشهر ونصف شهر من واردات السلع والخدمات بسبب تراجعه بنسبة 18 في المئة، كما أن مجموع الصادرات لا يغطي سوى 47 في المئة من قيمة الواردات التي ارتفعت الى 190 بليون درهم، مدفوعة بارتفاع أسعار الطاقة التي قدرت ب43 بليون درهم بزيادة 18 في المئة، وتنامي أسعار المواد الغذائية التي بلغت 19 بليون درهم (بليوني دولار) في الأشهر الخمسة الأولى من السنة، متضررة من انخفاض الإنتاج المحلي من القمح الى 5 ملايين طن أي نصف الاستهلاك المحلي. وصدرت الرباط بنحو 91 بليون درهم من السلع أهمها الفوسفات، وحصلت على إيرادات قدرت ب25 بليون درهم من السياحة، و27 بليوناً من تحويلات المغتربين، ونحو 14 بليوناً من الاستثمارات الخارجية. ولم تنمُ تلك الموارد سوى بنسب ضعيفة لا تكفي لتغطية النفقات الخارجية، وإعادة تكوين الاحتياط النقدي الذي يتهاوى تحت تأثير ارتفاع كلفة الواردات وتحرير التجارة الخارجية. واعتبر المصرف أن الأوضاع الدولية غير مساعدة، تزيدها ضبابية الأفاق غير الواضحة، بخاصة في دول الاتحاد الأوروبي التي تراجع نمو اقتصادها الى ما دون الصفر واثر في حركة الصادرات وفي أوضاع آلاف المهاجرين الذين فقدوا وظائفهم وعادوا الى البلد بخاصة من اسبانيا وايطاليا. ونتيجة ذلك ارتفع عجز الموازنة الى 21 بليون درهم تحت تأثير زيادة نفقات صندوق المقاصة لدعم الأسعار الأساسية، وزاد اعتماد المصارف التجارية على قروض المصرف المركزي التي ارتفعت الى 60 بليون درهم، وسط مخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة، بسبب اعتماد الخزينة على الاذونات السيادية لتغطية العجز المالي الذي يفوق سبعة بلايين دولار (65 بليون درهم). وبدأت الحكومة في الإعداد لمشروع موازنة عام 2013 التي ستعرضها على البرلمان في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وهي توُصف في الأوساط المطلعة ب «الموازنة التقشفية» في سعي الى تقليص العجز المالي الى 5 في المئة من الناتج الإجمالي من أصل أكثر من 6 في المئة.