باتت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 6 أيار (مايو) المقبل غير محسومة لمصلحة المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند، بعدما تقدم بفارق نصف نقطة فقط على الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي في الجولة الأولى التي أُجريت أول من امس، وصعدت مارين لوبن زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة الى المركز الثالث بنسبة 17,9 في المئة من الأصوات. ويتوقع ان تشتد المنافسة في الجولة الثانية وتركز على ميزان القوى بين اليسار واليمين، فيما ترجح استطلاعات الرأي الصادرة غداة الجولة الأولى تجيير جزء من أصوات اليسار لمصلحة هولاند، ما يمنحه 53 في المئة من الأصوات في مقابل 47 في المئة لساركوزي. وسيجير مجموع أصوات اليسار البالغ 43.76 في المئة، والتي نالها المرشحون هولاند وجان لوك ميلانشون من اليسار المتطرف وايفا جولي للخضر وفيليب بوتو وناتالي ارتو، كله ومن دون صعوبات أو شروط لمصلحة هولاند، أي اكثر مما حصلت عليه المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال في الجولة الأولى من معركتها الرئاسية مع ساركوزي عام 2007. أما مجموع أصوات اليمين في الجولة الأولى، والتي حصدها كل من ساركوزي والنائب اليميني نيكولا دوبون انيان ولوبن فتناهز 47 في المئة، ولكن لا يمكن ضمان تجييرها كلها لمصلحة ساركوزي. وبالنسبة الى أصوات مرشح الوسط فرانسوا بايرو والتي تجاوزت بقليل 9 في المئة يصعب تصنيفها بين اليمين واليسار، إذ ان عدداً من ناخبي بايرو صوّتوا له بسبب رفضهم ساركوزي ونهجه. وعلى رغم رفض لوبن إصدار توجيهات لتصويت ناخبيها لأي من هولاند او ساركوزي، فإنن انقسامهم واضح بين المرشحين في ظل ضم «الجبهة الوطنية» عمالاً يساريين مستائين من ساركوزي. لذا يبقى الانتخاب غير محسوم ولو أن حظوظ هولاند بالفوز اكبر. وأمس، هبطت أسواق المال قليلاً في فرنسا، وهو ما يتوقع أن يستمر حتى 6 أيار، وسط تخوف لدى أوساط المال من تولي هولاند الرئاسة . ويعتبر خبراء أن نيل اليمين المتطرف بقيادة لوبن نسبة أصوات اكبر مما نال والدها جان ماري العام 2002 نتج من انجذاب الناخبين لرفضها أوروبا واليورو، في ظل المعاناة من الأزمة الاقتصادية والبطالة التي بلغت 10 في المئة، وعدم الاطمئنان الى اليد العاملة المستوردة، من العرب والمسلمين، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بتأثير ارتفاع اليورو والمنافسة الأوروبية. وعلى الرئيس الفائز في الجولة المقبلة، سواء هولاند أو ساركوزي، أن يتعامل مع آراء هذا التيار، خصوصاً أن لوبن تتطلع الى حصول على عدد كبير من المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل. وتقول مصادر مقربة من لوبن إنها مصممة على الحاق هزيمة بساركوزي كي ينفجر حزب اليمين الحاكم الديغولي، تمهيداً لإعادة تركيب يمين جديد. من هنا يواجه ساركوزي مهمة معقدة في الأسبوعين المقبلين لإقناع عدد اكبر من ناخبي لوبن بتجيير أصواتهم له، وكذلك إقناع ناخبي بايرو بالتصويت له، وهو أمر صعب لأن وسطيي بايرو لا يمكن أن يتناغموا مع ناخبي لوبن كما لا تجذبهم وعود ساركوزي، لذا يبدو فوز هولاند أسهل على رغم تقدمه البسيط في الجولة الأولى.