سينما الإخوان!... لا تتعجب من هذا المصطلح الذي قد يمكن اعتباره من نتائج ثورة 25 يناير. فالاعتراف بعد الثورة بجماعة «الإخوان المسلمين» وتكوينها حزب «الحرية والعدالة» يكمن في خلفية ظهور هذا المصطلح الجديد «سينما الإخوان» وهذا يذكر الكثير بمصطلحات تعني أن السينما الموصوفة هنا تخاطب فئة محددة. لأنها تطرح فكراً محدداً لفئة بعينها ولا تستطيع جذب كل الفئات حتى لو حاولت ذلك. الغريب هنا هو أن صناع السينما الإخوانية يعتقدون أن إنتاجاتهم ستخاطب شتى الفئات على رغم أنهم سيقدمون أعمالاً من اتجاه واحد في المجتمع من دون طرح الاتجاهات الأخرى ومن البديهيّ أن أي مجتمع يتوزع على اتجاهات عدة فكيف يتصورون إمكانية جذب الجميع، وهم يعبرون عن فكر ورأي واحد؟ وكيف سيستمر هذا النوع وينجح كما يأملون، في الوقت الذي يحقق فيلم «شارع الهرم» أعلى الإيرادات؟ إن سينما الإخوان في مصر ستكون أشبه بالسينما الرسمية الإيرانية فهل لمصر هوليوود الشرق أن تقدم هذا النوع الذي يطرح القضايا المحجبة الإبداع والفكر والتطوير؟ على هذا السؤال يجيب منسق الإنتاج والمسوؤل عن صناعة السينما في جماعة «الإخوان المسلمين» محسن راضي: «إن هدف سينما الإخوان تقديم القيم النبيلة، والترفيه البعيد من الانحلال؛ في رأينا أن سينما العهد السابق فاشلة. أما نحن فسنأتي بفكر جديد ومختلف بعيد من التشبه بالسينما الإيرانية، كما أن نتاج أعمالنا لن يتقيد بنوعية الأفلام بل بالمضمون. وأول إنتاج سيكون لفيلمين هما «حسن البنا» و«ثورة 25 يناير». وهناك عدد من الأفلام الاجتماعية والسياسية والتاريخية ضمن خطة الإنتاج شرطها الأول الابتعاد عن أيّ ابتذال وإسفاف. وأوكد أننا كلجنة فنية ننفصل عن الإخوان مادياً وفكرياً... ونعتمد على بعض شركات الإنتاج». أما مسؤول اللجنة الفنية في «الجماعة» الشاعر والكاتب سيد درويش، فيكمل حديث راضي، مؤكداً انفصالهم المادي عن الجماعة، وأن إنتاج فيلم «حسن البنا» سيكون لشركة المها الكويتية. ويؤكد درويش أن سينما الإخوان ستكون مكملة للسينما الأخرى. أما عن نوعية الفن الذي سيُقَدَّم، فيقول: «الفن الذي سيقدِّمه الإخوان هو الفن المنضبط بمعايير وقيم المجتمع المصري». الانحراف بالإشارة وعن كيفية تقديم مشاهد قد تحتاج إلى التعبير عن النموذج المنحرف في الأعمال التي سيقدمها الإخوان، قال: «المشاهد التي تمثل الانحرافات المجتمعية سيعبر عنها بالإيحاء والإشارة إليها من دون تجسيدها، بخاصة المرأة المنحرفة، وسنترك للسينمات الأخرى هذه المشاهد المبتذلة؛ لأن أفلامنا مرجعيتها الفتوى الإسلامية». وكان لا بد من سؤال مبدعين وصناع السينما المصرية عن هذه الظاهرة، وهكذا يقول الكاتب تامر حبيب: «إن ما يتحدث عنه الإخوان يقف عادة ضد حرية التعبير الفني، وما يقدم في أعمالهم هو فكر موجه يخاطب فئه بعينها، وليس المجتمع بأكمله. فالإخوان يريدون فرض الكثير من القيود في الوقت الذي ينادي صناع السينما بإلغاء الرقابة». وأعرب الكاتب وحيد حامد عن عدم قلقه من سينما الإخوان قائلاً إنها لن تؤثر في المجتمع المصري؛ لأن المصريين يتذوقون الفن وينبذون التعصب الفكري والديني، والفن لا يمكن أن يقدم بمعايير دينية وأخلاقية. والحكم سيكون شباك تذاكر السينما أي الحكم للجمهور. ويتفق المخرج خالد يوسف مع حامد ضمنياً، حيث قال: «سينما الإخوان لن تضر ولن تنفع، ولكن هي ظاهرة طبيعية ناتجة من الأحداث السابقة. ومن حق كل فرد التعبير عن رأيه واتجاهه، ولكن استمرارية سينما الإخوان ستتوقف على الإبداع؛ فإذا لم يوجد إبداع لن يكون هناك استمرار بخاصة إذا لم تتطور أدواتهم وأفكارهم». ويجد المنتج محمد العدل أن «جماعة الإخوان تريد أن تكون دولة داخل دولة لها سياستها وفريقها الرياضي وفنها... لكن أهم عوامل نجاح السينما هو محاكاة الواقع فكيف يحصلون على النجاح وهم سيقدمون فناً من دون المرأة التي هي نصف المجتمع، أم إنهم سيكتفون بتمثيل المرأة المحجبة فقط؟! وكأن غير المحجبات لسن من المجتمع المصري. وأعتقد أن سينما الإخوان غير مكتملة العناصر... أي هي سينما ناقصة سينما».