قبل 11 سنة عندما انضمّ الاعلامي بسّام برّاك الى شاشة "ال بي سي" لم يخطر له يوماً انّه قد يغادرها الا للعمل في محطة في الخارج أو لتكريس وقته للتعليم والكتابة، بما أنّه أستاذ في اللغة العربية وآدابها. ومع ذلك ها هو ينتقل الى"أخبار المستقبل"بعدما أغرته فكرة تقديم برنامج ثقافي طالما راودته وطالب بها"ال بي سي"من دون جدوى، الى جانب تقديم نشرات الأخبار.يقول برّاك:"بعدما تلقيت عرض"أخبار المستقبل"بدأت التفكير ملياً، وبدأت علامات الاستفهام تجول في خاطري. كيف لي أن أترك المحطة التي نشأت فيها؟ لكن تقديم برنامج ثقافي الى جانب الأخبار أغراني الى حدّ بعيد، وهو كان دوماً ما أطمح اليه، وقد طالبت"ال بي سي"به في كلّ اجتماع اداري، وقبل أشهر قدّمت أفكاراً لبرامج من هذا النوع، فكان الجواب عدم توافر مساحة لمثل هذه البرامج قبل انشاء محطّة متخصّصة، علماً أنني كنت أرى أنّه من الضروري أن تبثّ"ال بي سي"برامج ثقافية واجتماعية الى جانب السياسة والترفيه. وهي برامج كانت موجودة سابقاً على هذه الشاشة، منها برنامج"حوار العمر"الذي كانت تقدّمه الاعلامية جيزيل خوري". غياب الثقافة ويأسف برّاك لغياب البرامج الثقافية نظراً لأنّها لا تسوّق اعلامياً. ويلفت الى أنّه قبل اتخاذه قراره النهائي بالانتقال الى"أخبار المستقبل"راجع"ال بي سي"في أفكار البرامج التي كان اقترحها لمعرفة ما اذا كان تنفيذها ممكناً، فجاء الرد:"في الوقت الحاضر لا يمكننا الاجابة"، وعندها، يقول:"بدأت التفكير جدياً في الانتقال". ويوضح أنّه لو كان عرض"أخبار المستقبل"تقديم نشرات الاخبار فحسب لكان رفضه، بما أنّه يشعر بالارتياح الكبير في"ال بي سي"، وبات جمهور العالم العربي الذي يشاهد الفضائية اللبنانية يعرفه. وحول ما الذي يضمن استمرارية البرنامج وهل يتوقّع نجاحه، يقول برّاك:"لا شيء يضمن بقائي في هذه القناة او بقاء الجميع. جلّ ما يهمّني هو الاطلالة الجديدة من خلال برنامج خاص، يعبّر خير تعبير عن الجانب الثقافي الذي أختزنه. ولا أنكر انني كنت مكبوتاً في"ال بي سي"على هذا الصعيد". ويضيف:"سواء نجح البرنامج أو لا، ما يهمني هو أن اقدّمه بالرصانة والاستقامة والالتزام الذي يعرفه فيّ المشاهدون". ويعتبر أنّ الخلفية الفكرية التي يمتلكها ستمكّنه من محاورة شخصيات لبنانية وعربية على درجة عالية من الثقافة، علماً أنّ برنامجه الجديد"خبرة عمر"يتطلّب متابعة دقيقة ودؤوبة لحقب وأحداث مختلفة لمحاورة ضيوفه المنتمين الى قطاعات مختلفة، من رجال فكر وثقافة وسياسيين وناشطين سابقين أو حاليين. ويشير الى أنّ الهدف من البرنامج الذي سيبدأ عرضه بداية العام 2008 بعد انتهاء عقده مع"ال بي سي"آخر السنة، هو توجيه رسالة من خلال خبرة ضيوفه لإيصالها الى الشأن العام الذي تأثّر بهم وتناول قضيتهم في فترة من الفترات، وإلقاء الضوء على التغيرات التي حصلت في حياتهم سواء كانت ايجابية أو سلبية. مثلاً، كيف أنّ أخصام الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم أو العكس. وسيتضمّن البرنامج الذي سيكون مسجّلاً فقرات مختلفة ومتنوّعة يعمل على اعدادها. بين الأخبار وتقديم البرامج ويتمنى براك أن تطغى صورة البرنامج اكثر من صورته، علماً أنّه كان يفضّل ان يظهر بانطلاقته الجديدة بحلّة لم يعتد المشاهدون عليها، أي في البرنامج فقط من دون ظهوره في الاخبار،"لكن الاسباب الادارية والتقنية حالت دون ذلك، بما أنّ ادارة"أخبار المستقبل"تفضل أن تجمع الوجوه التي ستطلّ من خلالها بين البرامج وتقديم الاخبار"، مشيراً الى أنّ لا شيء تفرضه المحطة على الاعلامي. لكنّ الامر الجديد في تقديم الاخبار سيكون من خلال اطلالته في نشرات أرضية وليس فقط فضائية كالتي كان يقدمّها في"ال بي سي". برّاك يشعر بالأسف لاستخفاف بعض الاعلاميين باللغة العربية، ويفخر أنّه اكتسبها واستطاع التواصل من خلالها مع الجمهور. وما يفرحه هو أنّ المشاهدين انتبهوا الى تمكنّه من اللغة التي تعكس ثقة كبيرة للمتلقّي. وعلى رغم شهرته التلفزيونية على مدى سنين، تبقى الكتابة ملاذه الأوّل والأخير، إذ منها انطلق واليها يعود،"لأن القلم أهمّ ولا تنتهي الدنيا عند حدود التلفزيون"كما يقول. من هنا يتحيّن الفرصة لاصدار ثلاثة كتب لا تزال مشروعاً بالنسبة اليه، الاوّل يتضمن مجموعة مقالاته المنشورة والثاني يجمع الكفن والموت والثالث يحدث فيه ابنه غدي.