عين الرئيس الفرنسي جاك شيراك وزير الداخلية السابق دومينيك دوفيلبان رئيساً لحكومته الجديدة، لمواجهة الأزمة التي انفجرت بعد رفض الفرنسيين، عبر الاستفتاء، للدستور الأوروبي. وشهد أمس مقر رئاسة الحكومة احتفال التسليم والتسلم بين رئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران ودوفيلبان، الذي أشاد بالاصلاح الذي أجراه سلفه وباخلاصه النموذجي في خدمة فرنسا ومواطنيها. وأعاد رافاران من جهته التذكير بأنه يعبتر دوفيلبان"خلفه المفضل"، مشيراً الى ان في وسع شيراك الاعتماد على وفائه، وفي وسع الفرنسيين الاعتماد على روح المسؤولية التي يمتلكها. وبعد تردد استمر ثلاثة أيام في شأن اسم خليفة رافاران الذي بقي على علاقة جيدة وتفاهم مع الرئيس، كانت الخيارات تقضي بتعيين رئيس حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"الحاكم نيكولا ساركوزي، أو تعيين دوفيلبان"الابن الروحي"لشيراك والمقرب منه أو وزيرة الدفاع ميشال اليو ماري. ومن المتوقع تعيين ساركوزي نائباً لرئيس الحكومة وزير دولة ووزيراً للداخلية، مع احتفاظه برئاسة الحزب الحاكم، بناء على دعوات من نواب ومسؤولين فيه. علماً أن شيراك كان فرض على ساركوزي ترك الحكومة التي كان يشغل فيها حقيبة المال عندما تولى رئاسة الحزب. وطالبت شريحة كبرى في اليمين بتعيين ساركوزي في رئاسة الحكومة لاجراء تغيير ليبرالي عميق، لكن شيراك اختار دوفيلبان، لكي يعمل مع فريق متجانس لمواجهة المرحلة المقبلة. ودوفيلبان معروف جداً في الأوساط العربية كونه عمل وزيراً للخارجية وعارض في خطاب له أمام الأممالمتحدة الحرب على العراق، وهو على غرار شيراك يهتم بقضايا العالم العربي. وتوقعت أوساط مقربة من شيراك أن يتم الإبقاء على وزير الخارجية الحالي ميشال بارنييه، فيما تردد ان اليو ماري قد تتسلم الخارجية، إلا انها كثيراً ما رددت في السابق انها تحب عملها في الدفاع، والرئيس يرى انها وزيرة دفاع ناجحة. ومن المقرر أن يكون شيراك تحدث الى الفرنسيين مساء أمس في مداخلة تلفزيونية، محدداً ما يريده من الحكومة الجديدة وما ينبغي ان تكون عليه أولوياتها. ومن المرجح أن يعلن دوفيلبان في الأيام القليلة المقبلة تشكيل حكومته. ووصف المسؤولون في المعارضة اليسارية تعيين دوفيلبان بأنه استفزاز، فقال النائب الاشتراكي ارنو مونتبورغ ان الفرنسيين طالبوا عبر الاستفتاء على الدستور بأن يصغي المسؤولون اليهم"لكن رد الرئيس جاء بتعيين شخص لم يقابل ناخباً في حياته"، في إشارة الى أن دوفيلبان لم يتولى أي منصب عبر الانتخاب. وصرحت الأمينة العامة للحزب الشيوعي ماري جورج بوفيه ان تعيين دوفيلبان رئيساً للحكومة وبمعاونة ساركوزي يشكل استفزازاً للسيادة الشعبية، ودعت الى حل البرلمان الفرنسي. أما حزب أنصار البيئة"الخضر"فرأى في بيان له ان شيراك"يشتم"الفرنسيين بتعيينه دوفيلبان رئيساً لحكومة"ستواصل على الأرجح اعتماد السياسة نفسها"المؤدية الى إلغاء المكاسب الاجتماعية.