من المرجح ان يجري الرئيس الفرنسي جاك شيراك تغييراً حكومياً خلال اليومين المقبلين، ليعيّن رئيس حكومة جديداً يحل محل الرئيس الحالي جان بيار رافاران. ومن ابرز المرشحين لرئاسة الحكومة وزير الداخلية دومينيك دوفيلبان، الذي استقبله شيراك يوم الجمعة الماضي وسط اهتمام اعلامي ملحوظ. وكان شيراك لمح الى هذا الاحتمال عندما توجه الى الفرنسيين مساء الخميس الماضي، داعياً اياهم الى التصويت ب"نعم"على المعاهدة الدستورية الأوروبية، ومتعهداً باعطاء السياسة الداخلية دفعة جديدة. ومساء أمس كانت التوقعات متأرجحة بالنسبة الى الموافقين والرافضين للدستور الاوروبي، خصوصاً بعدما تبين اقبالاً كبيراً بلغ 73 في المئة مما عكس تعبئة أقوى من تلك التي حصلت قبيل الاستفتاء على معاهدة ماستريخت في العام 1992 لإقرار التداول باليورو. وأبرزت الحملة من أجل الاستفتاء التي شهدتها فرنسا ضعف شعبية رافاران التي انخفضت الى نسبة قياسية مقارنة مع سواه من رؤساء حكومة فرنسيين كانت شعبيتهم منخفضة. ومن أجل تجسيد الدفعة التي أشار اليها شيراك للسياسة الفرنسية بات من الضروري القيام بتغيير حكومي، وذلك على رغم تكراره على مدى الحملة بأن الاستفتاء على الدستور الأوروبي غير مرتبط بالسياسة الداخلية التي تعتمدها الحكومة. وأياً تكن نتيجة الاستفتاء, لمصلحة ال"نعم"أو ال"لا"فإن شيراك سيغير رئيس حكومته الذي نقلت عنه الصحف الفرنسية قوله انه بدأ يفكر بالمستقبل ويأمل بأن يعمل سفيراً لفرنسا في الصين. أما بورصة الترشيحات لخلافة رافاران فتتضمن اسماء عدة في طليعتها اسم دوفيلبان الذي يعد من المقربين جداً من الرئيس الفرنسي، وكان أول من بادر الى المطالبة بدفعة سياسية جديدة، ما أثار استياءً عبّر عنه رافاران علناً. وهناك ايضاً بين المرشحين لتولي رئاسة الحكومة وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال اليوماري التي اعتبر أداءها ناجحاً على مستوى وزارتها، اضافة الى وزير الصحة فيليب دوست بلازي. أما اذا أراد شيراك تغيير الصورة فعندها قد يلجأ الى تعيين وزير المال اندريه بروتون أو وزير الشؤون الاجتماعية جان لوي بورولو. ويتساءل بعض الأوساط عن امكان قيام شيراك بمفاجأة الجميع وتعيين خصمه رئيس"الحزب من أجل الحركة الشعبية"اليمين الحاكم نيكولا ساركوزي، رئيساً للحكومة بدافع حرقه وتقويض طموحاته الرئاسية. لكن الأوساط التي تعرف الرئيس الفرنسي تستبعد ذلك لأنه ليس بإمكانه العمل مع رئيس حكومة لا يحظى بثقته. على صعيد آخر، يبدو تأثير الاستفتاء قوياً، لدى الحزب الاشتراكي الفرنسي، إذ أن الأمين العام للحزب فرانسوا هولاند خاض الحملة مؤيداً للدستور الأوروبي وواجهه رئيس الوزراء السابق لوران فابيوس الذي عارض الدستور. فإذا فازت ال"لا"ستكون المواجهة مؤكدة داخل الحزب الاشتراكي وقد تتسبب بانشقاق في صفوفه. كذلك ينذر التشتت الذي طرأ على قواعد الحزب بهزّة داخله حتى لو فازت ال"نعم". وأبدت الأوساط الديبلوماسية العربية قلقاً من احتمال فوز ال"لا"معتبرة انه سيضعف دور المحرك الذي تلعبه فرنسا اوروبياً بالنسبة للشؤون العربية وقد يعطله ويتسبب ببعض الشماتة من جانب الاميركيين والاسرائيليين.