عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً أمس بناء على طلب السودان للبحث في تقديم الدعم العربي للخرطوم في سعيها لاحتواء أزمة دارفور سلمياً وإبعاد شبح التدخل الاجنبي في الازمة. فيما نفى المتمردون ان يكونوا تبلغوا اعلان "الاتحاد الافريقي" الاسبوع الأخير من الشهر الجاري موعداً لاستئناف المفاوضات في ابوجا، وطرحوا شروطاً جديدة قبل التفاوض ابرزها، اعتراف الدولة المضيفة بأن "ما يحصل في دارفور هو عملية تطهير عرقي". قال وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل ان حكومة بلاده تتوقع من اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي بدأ أمس في القاهرة، معالجة الوضع في اقليم دارفور من خلال ثلاثة ملفات. الأول انساني ويتضمن تقديم مساعدات الى المتأثرين بالحرب. والثاني امني، يشمل دعم الدول العربية قدرات الحكومة السودانية كي تتمكن من إرسال قوات شرطة وجيش الى دارفور لضمان أمن الطرق ومخيمات اللاجئين، واعتقال "المنفلتين الموجودين في أنحاء دارفور" لاستكمال خطة حماية المدنيين. والملف الثالث سياسي، تأمل الخرطوم من خلاله في ان يتخذ وزراء الخارجية موقفاً قوياً لإبعاد شبح التدخل الأجنبي عن السودان ورفض اي محاولات لفرض عقوبات عليه، والتعاون مع الاتحاد الافريقي. وحدد اسماعيل موقف حكومة بلاده من حل أزمة دارفور، وقال انه يستند الى اربعة مبادئ. أولها: وحدة السودان، والثاني الفيديرالية، وثالثاً التوزيع العادل للثروة والسلطة. ورابعاً: حقوق الانسان بالمواصفات الدولية". ورحب الوزير اسماعيل بموعد 23 آب أغسطس الجاري لاستئناف المفاوضات بين الحكومة السودانية وبين المتمردين في ابوجا، مشيراً إلى ان الحكومة ستشارك في الاجتماع من دون شروط مسبقة. وأكد الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عقب اجتماع عقده مع الوزير اسماعيل، وجود توافق عربي في وجهات النظر إزاء الافكار والمشاريع المطروحة لمعالجة ازمة دارفور. وعن ارسال قوات عربية إلى الاقليم، قال موسى "ان هناك مراقبين أفارقة وقوة الحماية الافريقية التي أيدها مجلس الأمن... ان الدول العربية الراغبة في ارسال قوات ستنضم الى جهود الاتحاد الافريقي". وشدد على ضرورة استئناف المفاوضات من دون شروط. معتبراً ان هناك من يريد اعاقة الحل حتى يمكن توريط الحكومة السودانية أو إبقاء الامر في عناوين الصحف وهي محاولات سلبية. من جهة اخرى، اتهم الناطق باسم "جيش تحرير السودان" محمد حامد ميليشيات الجنجاويد بشن غارات على ثلاث مناطق غرب مدينة مليط وجبل مون وشرق نيالا. في غضون ذلك، نفى رئيس "حركة العدل والمساواة" الدكتور خليل ابراهيم علم حركته بالموعد والمكان الجديدين لاستئناف المفاوضات مع الحكومة. وقال: "رغم ان نيجيريا هي خيارنا الثاني لكن الموعد لا يناسبنا... وكنا اتفقنا مع الاتحاد الافريقي على أن يتشاور معنا في ترتيبات الجولة المقبلة وهو ما لم يفعله". وفي السياق ذاته، أكد الامين العام ل"حركة تحرير السودان" مني آركو مناوي انه لم يتبلغ من الاتحاد الافريقي اي شيء عن الترتيبات الجديدة للمفاوضات. وسجل في تصريح الى "الحياة" شروط جديدة للمفاوضات، اهمها "اعتراف اي طرف يتولى الوساطة بأن ما يجري في دارفور هو تطهير عرقي وان تعترف اية دولة تريد استضافة المفاوضات بالمأساة الانسانية" في الاقليم. واضاف: "من حقنا الانسحاب من المفاوضات متى ما شعرنا بأي نوع من الضغط يمارس علينا أمنياً او سياسياً او مالياً". وطالب ب"ضمانات خطية من الدولة التي تستضيف المفاوضات توضح رأيها في الشروط الجديدة تفادياً للوقوع في اخطاء الجولات الماضية". وعلى صعيد الوضع الانساني، غادر الرياض أمس وفد اغاثة سعودي برئاسة رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي الدكتور عبدالرحمن السويلم إلى اقليم دارفور لتقصي ما تحتاجه المنطقة تمهيداً لتقديم مساعدات عاجلة الى المتضررين فيها. كما بدأ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، زيارة إلى الخرطوم على رأس وفد إسلامي قبل التوجه الى دارفور، في اطار "اهتمام" الرابطة "بشؤون الشعوب الإسلامية وأوضاع المسلمين والسعي إلى حل مشاكلهم وفق الرؤى الإسلامية الصحيحة". من جهة اخرى، أقر مجلس الوزراء السوداني أمس "خريطة الطريق" التي توصلت اليها وزارة الخارجية مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى السودان يان برونك لمعالجة الأوضاع الأمنية والانسانية، وستسري عقب التوقيع عليها اليوم. واعتمد مجلس الوزراء "خريطة الطريق" التي تنص على اقامة مناطق آمنة في دارفور بما فيها مخيمات النازحين وتعهد الحكومة بوقف العمليات العسكرية الهجومية والعمليات ضد المتمردين مع إلزام قوات "متمردي دارفور" وضع حد لنشاطها في المناطق الآمنة وتسليم أسلحتها، كما تعهدت الخرطوم نزع أسلحة الميليشيات التي لها تأثير عليها وتشمل الجنجاويد، وبدء مفاوضات لإقرار السلام في الاقليم في أسرع وقت ممكن يحدده الاتحاد الافريقي. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية التجاني فضيل للصحافيين عقب اجتماع مجلس الوزراء ان بعض الوزراء استفسروا عن بعض بنود الاتفاق مع الأممالمتحدة، لكن المجلس اعتمده ودعا المجتمع الدولي الى الوفاء بالتزاماته تجاه الاتفاق، خصوصاً ما يتعلق بتجميع قوات المتمردين في مواقع محددة موضحاً ان الاتفاق تحدث عن ميليشيات ولم يذكر "الجنجاويد" بالاسم. وذكر ان الحكومة لم تتلق إخطاراً بعد من الاتحاد الافريقي في شأن اجراء مفاوضات مع متمردي دارفور، مؤكداً استعداد حكومته للمشاركة في المحادثات في أي دولة يحددها الاتحاد بصفته راعياً لها. الى ذلك أكد السفير الفرنسي في الخرطوم دومنيك رينيه في مؤتمر صحافي عقد في مقر السفارة أمس ان نشر قوات من بلاده على الحدود التشادية جاء بطلب من الأممالمتحدة لحماية اللاجئين السودانيين، ونفى وجود أي اتجاه الى تدخل عسكري في دارفور موضحاً ان قرار مجلس الأمن الأخير في شأن دارفور سد كل المنافذ أمام أي تدخل عسكري في الاقليم، ورأى ان الخرطوم تعاونت مع المجتمع الدولي لحل أزمة دارفور.