في ظل الهجمة التي يشنها رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون على السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، نقلت مصادر عن مسؤولين في مكتبه ان ادارة الرئيس جورج بوش تنوي خلال يومين إعلان عرفات "عديم الأهمية" في مسيرة التفاوض. وفيما أجمعت رموز بارزة في الحكومة والكنيست الإسرائيليين على تأكيد اقتراب موعد طي مرحلة السلطة الفلسطينية والتفاوض مع عرفات، حرك "حزب الله" جبهة مزارع شبعا فردت الدولة العبرية بقصف صاروخي متهمة سورية وإيران باعطاء الضوء الأخضر للحزب، ومهددة بأنها "لن تسكت". وتفيد معلومات في واشنطن ان الادارة الاميركية ما زالت تتخبط في عدد من الأفكار في ما يتعلق بملف السلام قد يتمخض عنها قرار غير معلن بتعليق الاتصالات مع السلطة الفلسطينيةوعرفات. ونقلت اسرائيل تصعيدها ضد الفلسطينيين و"حزب الله" إلى الأممالمتحدة مطالبة في رسائل الى الأمين العام ب"تفكيك" البنية التحتية للحزب، و"الضغط إلى اقصى الحدود وفي شكل حازم" على السلطة الفلسطينية. واتهمت "حزب الله" بأنه "يتخذ من جنوبلبنان قاعدة ويحتفظ بخلايا وشبكة للدعم المالي بفضل وجوده في عدد من القارات ويحظى بمساعدة عدد من الحكومات المعروفة بمساندتها للإرهاب، خصوصاً إيران وسورية". راجع ص3 و4 ونقلت صحيفة "معاريف" أمس عن مصادر سياسية في واشنطن ان الادارة الاميركية "فقدت ثقتها بعرفات وهي قريبة جداً من الاعلان عن ذلك رسمياً". ونسبت إلى مصدر ديبلوماسي قوله: "يتضح من الرسائل التي تصل الينا انهم يئسوا من عرفات كلياً". وكتب حيمي شيلف ان "الجو هو عشية حرب وثمة من يدعي ان الأمر وقع. رئيس الحكومة شارون ورئيس هيئة اركان الجيش شاؤول موفاز قررا عملياً ان زمن ياسر عرفات انتهى وآن الأوان لإعادة ترتيب الأمور من الاساس، بما في ذلك اعادة احتلال المناطق" الفلسطينية. وفي الاطار ذاته، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاعية في البرلمان الاسرائيلي ديفيد ماغن امس ان اسرائيل "تأمل بأن تتسلم قيادة فلسطينية جديدة زمام الأمور ونتمكن من اجراء حوار". وحذر وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز امس في كلمة له امام المجلس الاوروبي في ستراسبورغ من انه "اذا لم يضع عرفات حداً للإرهاب، فإن الارهاب سيضع حدا له هو". واعتبر الوزير الاسرائيلي داني نافيه ان ليس أمام الدولة العبرية "من خيار سوى وضع حد لنظام الرئيس عرفات، فهو ليس شريكاً في السلام ولا يمكن التوصل معه الى أي شيء". ولا يصب أي من الافكار المطروحة أمام المسؤولين الاميركيين في مصلحة الرئيس الفلسطيني، إذ يتمحور بعضها حول عدم الانخراط في الأزمة، وأخرى حول استمرار الجهود الحالية مع قناعة بأن ذلك لن يؤدي الى نتيجة. وهناك شبه اجماع لدى الادارات المختلفة على عدم صدقية عرفات، وبرز تيار قوي داخل الإدارة يطالب بوقف الاتصال معه. ويدافع المؤيدون لعدم الانخراط في قضية الشرق الأوسط عن وجهة نظرهم بأن على الولاياتالمتحدة أن لا تكون شاهداً عليها، وبأن الواقع الحالي ليس سليماً ولا فائدة من المحافظة عليه و"ما في الغيب" قد يكون افضل. أما التيار الآخر الأكثر منطقية، ولكن غير المتسم بالزخم والحماسة، فيدعو الى تزويد عرفات لائحة اميركية من المطالب التي عليه تطبيقها لإستئناف الحوار مع واشنطن. ويحذر اتباع هذا التيار من ان تعليق الاتصالات معه سيؤدي إلى كارثة في المنطقة قد تنعكس سلباً على المصالح الاميركية. ونشطت الاتصالات مع عدد من العواصم العربية وأهمها تلك التي تجري مع القاهرة. وحصلت اتصالات على اعلى المستويات بين واشنطنوالقاهرة وتم تبادل رسائل بين الرئيسين المصري حسني مبارك والاميركي جورج بوش في هذا الشأن. وسيكون هذا الاسبوع حاسماً بالنسبة الى اتخاذ قرارات ستطبع المواقف الاميركية في المرحلة المقبلة. ويتوقع مع عودة الكونغرس الى العمل ان يزداد الضغط على الادارة لاتخاذ مواقف متشددة من السلطة الفلسطينية واضافة عدد من الفصائل التي لها ارتباط مع عرفات إلى لائحة الارهاب. وفي باريس، حيث رتب رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان لقاء بين رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء ورئيس الكنيست الاسرائيلية ابراهام بورغ من اقطاب حزب العمل أعلن قريع أن "المس بالرئيس عرفات هو مسّ بكل فلسطيني وبجوهر السلام وطبيعته. فالرئيس عرفات هو رئيس الشعب الفلسطيني ورمز النضال الفلسطيني واستقلاله... هذا ما بلغناه الى جميع أصدقائنا هنا". ودعا فرنسا والاتحاد الاوروبي الى التحرك لوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، فيما أعلن بورغ انه سيلبي دعوة لإلقاء كلمة في المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله. وقال في مقابلة مع اذاعة الجيش الاسرائيلي إن شارون "تبنى سياسة اليمين المتطرف الساعي الى تدمير السلطة وإعادة احتلال الضفة الغربية والعودة الى حلم أرض اسرائيل الكاملة". وزاد: "انها سياسة أشد خطراً من الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 لأن العودة الى سياسة أرض اسرائيل الكاملة تعني العودة الى ايديولوجية سرطانية". واكدت مفوض فلسطين في فرنسا ليلى شهيد لوكالة "فرانس برس" ان بيريز التقى قريع مساء امس في باريس. ميدانياً، أعلنت "كتائب شهداء الأقصى"، الجناح العسكري لحركة "فتح" امس أنها انتهت من الانتقام لأحد قادتها رائد الكرمي الذي قتلته القوات الاسرائيلية قبل أيام. وأكدت في بيان أصدرته أمس أنها "تجدد التزامها" قرار عرفات وقف النار "شرط ان توقف اسرائيل فوراً سياسة الاغتيالات وترفع الحصار عن عرفات والشعب الفلسطيني".