تصاعد الجدل امس بشأن الوضعين الانساني والقانوني لمقاتلي "القاعدة" و"طالبان"، الاسرى لدى الولاياتالمتحدة، خصوصاً بعد اعلان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان هؤلاء لا يعتبرون "أسرى حرب"، وانما "معتقلون" و"محاربون خارجون عن القانون". وكانت دفعة اولى من الاسرى نقلت بطائرة أميركية خاصة الى قاعدة غوانتانامو البحرية عسكرية على الاراضي الكوبية. وأمضى الاسرى الرحلة مقيدين وقد خدر بعض منهم لضمان السيطرة عليهم. في هذا السياق، شدد رئيس اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب السير جيريمي غرينستاك على ضرورة "ألا يُعطى ذلك النوع من الإرهاب الذي تمثله شبكة القاعدة، دفعاً أو حماية، من خلال ما تفعله سورية أو لبنان أو حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي أو غيرهم". وقال في حديث إلى "الحياة" راجع ص6 إن سورية "لم تصبح بعد جزءاً من الاجماع في مجلس الأمن" الذي "لا يقبل بأن يعطى صك أبيض للذين يعارضون قوة محتلة، ليقتلوا بعشوائية من يريدون". وأعرب عن اعتقاده بأن "حزب الله منظمة تضم أعضاء يرتكبون أعمالاً إرهابية بين الحين والآخر". وذكر غرينستاك أنه بحث خلال زيارته دمشق في الملف العراقي، معرباً عن ثقته بأن "سورية تريد أن ترى تنفيذاً لقرارات المجلس، ولكن بطريقة تعيد العراق إلى الامتثال بها إذا أمكن". وتحدث عن "مقدار كبير من الضغط العربي" بهدف ابلاغه ان هناك "رغبة في عودته إلى الحظيرة". لكن غرينستاك، وهو سفير بريطانيا لدى الأممالمتحدة، أكد أن واشنطن تدرس بجدية خيار توجيه ضربة عسكرية إلى العراق، ورأى أن مثل هذا القرار لن يتخذ قريباً، مشيراً إلى أن "مرحلة ما بعد أفغانستان ستكون في اتجاهات مختلفة غير العراق، من أجل ملاحقة القاعدة وطالبان، في باكستان والصومال والسودان وغيرها من المواقع". في غضون ذلك، طلبت الإدارة الانتقالية في كابول من الولاياتالمتحدة أن تحمي القوات الدولية أفغانستان من جيرانها، والأفغان من بعضهم بعضاً. ودعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جوزف بيدن مساندته "نشر قوات قادرة على تأمين مدينة كابول وكذلك المدن الكبرى الأخرى". قضية الاسرى ومن شأن التصنيف الاميركي ل "المعتقلين" من "القاعدة" و"طالبان" ان يؤدي الى حرمان هؤلاء من حقوق اسرى الحرب التي تنص عليها المواثيق الدولية، واهمها تبادل الاسرى بعد انتهاء الصراع.لكن مصادر البنتاغون ذكرت ان المعتقلين سيعاملون "وفقاً لمعاهدة جنيف" التي تحكم معاملة الاسرى على رغم ان التصنيف القانوني لهم، كما اعلنه رامسفيلد، لا يخضع لهذه المعاهدة. ووصفت معاملة المعتقلين بأنها "حازمة ومنصفة". وتأمل منظمة الصليب الاحمر الدولي بأن تسمح لها الولاياتالمتحدة بزيارة المعتقل لاجراء مقابلات مع المعتقلين. ولا يزال مجهولاً العدد الحقيقي للمعتقلين لكن قيل انهم 445 حتى الآن وأنهم سينقلون الى الى معتقل "اكس - راي" في كوبا. واعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس ان بريطانياً يوجد بين الاسرى العشرين الذين نقلوا من افغانستان الى قاعدة غوانتانامو. ووزع الاسرى على خلايا صغيرة مسيجة، ووضع "الخطيرين جداً" منهم في زنزانات تبلغ مساحتها 3،4 امتار مربعة جدارنها من القضبان الحديدية وارضها من الاسمنت وسقفها من الخشب ويحيط بها سياجان تعلوهما اسلاك شائكة قاطعة. وزوّد الاسرى لوازم النظافة والصلاة. ورفض البنتاغون السماح بالتقاط صور للمعتقلين اثناء صعودهم الى الطائرة التي اقلتهم او حتى وصولهم الى معسكر "اكس راي". وحتى الآن لم تحدد الولاياتالمتحدة موعد البدء بمحاكمة هؤلاء الاسرى وما اذا كانت المحاكمة عسكرية ام مدنية. ويعكف القانونيون الاميركيون في مختلف الادارات، تحديداً في البنتاغون، على درس القوانين والاعراف الدولية، إلا ان مصادر اميركية ذكرت ان التعاطي مع المعتقلين في افغانستان سيشكل سوابق لم يختبرها العالم من قبل بسبب طبيعة التهم الموجهة الى المعتقلين. وفد اميركي في كابول وأجرى وفد اميركي برئاسة السيناتور جوزف بيدن مشاورات موسعة أجراها مع كبار المسؤولين في كابول. واعلن بيدن في مؤتمر صحافي عقده في السفارة الأميركية انه وجد "اجماعاً على دور القوات الدولية في تأمين كابول وتعزيز حظوظ التوصل إلى حكومة منتخبة بعد عامين". وأكد ان ممثلي الفصائل الأفغانية ابدوا استعداداً "لتقديم تنازلات والتوصل إلى حلول وسط نحو النظام السياسي في البلاد"، وقال إن المسؤولين يتمنون "أن تحمي القوات الدولية أفغانستان من جيرانها، وان تحمي الأفغان من الفصائل الأفغانية". ونسبت تقارير إلى مسؤولين إيرانيين "عقدهم اجتماعات في مدينة هيرات"، فيما ذهبت مصادر أفغانية إلى الحديث عن "ارتفاع التوتر بين مختلف الفصائل الأفغانية في المحافظات المجاورة لإيران". ونقل بيدن عن رئيس الحكومة الانتقالية حامد كارزاي أنه أبلغ إيران "حاجة أفغانستان إلى عدم تدخل جيرانها في شؤونها الداخلية"، ونسب إلى مسؤولين افغان أن وزارة الخارجية الإيرانية تتعاون مع الإدارة الانتقالية في أفغانستان وتقدم مساعدات إنسانية، لكنه اعتبر أن وزارة الخارجية "لا تملك السلطة في إيران". وتطرق بيدن الى اقدام حاكم قندهار على اطلاق ستة من مسؤولي "طالبان"، منهم وزير العدل نورالدين ترابي، منتصف الأسبوع الماضي من دون التشاور مع كارزاي "لأسباب انعدام خطوط الهاتف"، ليستنتج ان المسؤولين كافة في كابول يعتقدون "بأن الحرب لم تنته بعد". وبدا تعقيبه هذا بمثابة رد على انتقادات يوجهها مسؤولون أفغان لاستمرار القصف الأميركي وإصابة الكثير من الضحايا المدنيين.