توسعت المشاورات المحلية والخارجية حول الأزمة السياسية التي يمر بها لبنان بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته السبت الماضي، وسط تصاعد التأزم الإقليمي واتهام المملكة العربية السعودية إيران و «حزب الله» بشن الحرب عليها واعتبارها الحكومة اللبنانية شريكة فيها. (للمزيد). والتقى الرئيس الحريري أمس في أبو ظبي ولي عهدها نائب قائد القوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وعاد إلى الرياض، بينما التقى الرئيس اللبناني ميشال عون رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة السابقين، ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية. واحتضنت دار الفتوى لقاءات سياسية، فزارها رؤساء أحزاب مسيحية وقيادات إسلامية، تأكيداً لوحدة الموقف. ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن الشيخ محمد بن زايد تأكيده «وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب لبنان في وجه التحديات والتدخلات الإقليمية التي تواجهه وتعيق طريق البناء والتنمية فيه وتهدد سلامة شعبه الشقيق وأمنه». كما نقلت عن الحريري «شكره لقيادة الإمارات حرصها الدائم على دعم لبنان في مختلف الظروف». وفي بيروت، أفاد المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري بأن الرئيس عون تلقى اتصالاً من الرئيس الإيراني حسن روحاني وعرضا التطورات الراهنة، فيما اجتمع رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل بعد الظهر مع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله. مشاورات عون، التي تستمر اليوم، ينتظر أن تشمل بعثات ديبلوماسية عربية وأجنبية، فقد أبلغ خلالها القيادات التي التقاها أنه يتصرف على أن استقالة الحريري غير موجودة في انتظار أن يعود إلى بيروت ويقدمها إليه مباشرة، للتباحث معه في المرحلة التالية، وفق ما قال أكثر من سياسي التقاه أمس ل «الحياة». وذكرت مصادر القيادات التي اجتمعت مع الرئيس اللبناني أنه يركز على ما سبق أن أعلنه «بوجوب اعتماد الهدوء في مقاربة الأزمة وفق اتفاقه مع رئيس البرلمان نبيه بري على تأخير البت باستقالة الحريري وكسب الوقت مع أقصى درجات التهيب للأزمة، ريثما تتضح ظروف الاستقالة، مع الحرص على عدم الإدلاء بمواقف تستفز القيادات السنية في هذه الظروف». ولفت قول الرئيس السابق أمين الجميل: «ربما اعتبر بعضهم أن أجل التسوية الحالية حان، لذلك قدّم الرئيس الحريري استقالته». وأضاف: «إذا كان هناك من انتصارات تحققت لفريق معيّن على صعيد المنطقة، فهذا لا يعني أن على لبنان أن يدفع الفاتورة». ودعا الرئيس ميشال سليمان إلى تشكيل حكومة حيادية لإجراء الانتخابات النيابية، وإلى تأكيد إعلان بعبدا ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية. وقال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة بعد لقائه عون، إن «عودة الرئيس الحريري هي الأولوية على أي أمر آخر، وهو ما كرره بيان للكتلة لاحقاً. وأضاف السنيورة: «يجب التنبّه إلى الأخطار التي علينا معالجتها»، مشيراً إلى «انحياز لبنان في سياسته الخارجية إلى المحور الذي يخالف مصالحه، وعلينا تصويب البوصلة». وكرر ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة. وتحدث تيمور وليد جنبلاط الذي التقى عون، بالنيابة عن والده، عن «التوصل إلى تسوية تحت سقف المؤسسات الدستورية». وكان لافتاً تقاطر الوفود إلى دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وأبرزهم الرئيس الجميل والوزير باسيل، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع. ودعا الجميل إلى التعاطي بتروٍ، ورأى أن الرئيس الحريري «اضطر إلى أخذ هذا الموقف لأنه طفح الكيل»، داعياً إلى معالجة الأزمة من جذورها ومن مسبباتها الوطنية». وتحدث عن «خلاف سياسي حول الخيارات التي اتخذها حزب الله، وهذا موضوع يجب أن يستمر الحوار الدائم حوله وأن يتبع لبنان سياسة النأي بالنفس أو الحياد». وامتدح باسيل مواقف المفتي، مؤكداً أن «هناك إيجابية واضحة ظهرت، هي أن اللبنانيين اتحدوا جميعاً في شكل عفوي... واللبنانيون يريدون للحال التي كنا نعيشها في المرحلة الأخيرة أن تستمر، وما وقع من أخطاء يجب أن يصحح بالتفاهم». وفي واشنطن قالت مصادر أميركية ل»الحياة»، أن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان سيزور العاصمة الأميركية هذا الأسبوع وسيستعرض خلالها التطورات الاقليمية خصوصا الأزمة الحكومية في لبنان وملفات أخرى. وأكدت المصادر أن من المتوقع أن يصل السبهان واشنطن اليوم وستكون له لقاءات مع مسؤولين رفيعي المستوى.