نحو 20 لقاءً خلال أقل من 72 ساعة، حصيلةٌ دبلوماسيةٌ لوزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية، ثامر السبهان، خلال زيارته الحالية إلى بيروت، مع توقعاتٍ بحضوره جلسة انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية اللبنانية غداً. السبهان التقى، قُبيلَ الجلسة النيابية الحاسمة، مختلف ألوان الطيف السياسي، مؤكداً مراتٍ عدّة دعم المملكة ما يتوافق عليه اللبنانيون في شأن انتخابات الرئاسة وغيرها من القضايا. واهتمت الصحف في بيروت بالزيارة التي بدأت الخميس، وأفردت مساحاتٍ لتغطيتها، واعتبرتها صحيفة «النهار» الحدث الأبرز الذي واكب الأيام الانتقالية الأخيرة قبل استحقاق الإثنين. ويتزامن ذلك مع نشاط سياسي لافت لكافة الكتل النيابية اللبنانية تمهيداً للموعد النيابي المرتقب، الذي يُتوقَّع أن يفضي إلى انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، رئيساً. وأيّاً كان الفائز؛ يتطلع كثيرون إلى انتهاء الشغور الرئاسي الذي بدأ قبل أكثر من سنتين وعطَّل العمل الحكومي. وإلى جانب عون؛ هناك مرشحان آخران حظوظهما بحسب المراقبين أقل، وهما النائب سليمان فرنجية، والنائب هنري حلو الذي تضاءلت أسهمه كثيراً بعد إعلان «اللقاء الديمقراطي» دعم رئيس «التغيير والإصلاح». ويُنتخَب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفَى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي، وتدوم الولاية الرئاسية 6 سنوات ولا يجوز للفائز إعادة الانتخاب إلا بعد 6 سنوات على انتهاء ولايته. اللقاءات الثنائية لوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي شمِلَت عون، وفي الوقت نفسه أصحابَ رؤى مغايرة، كرئيس مجلس النواب، نبيه بري، المؤيد لفرنجية، وفرنجية نفسه، ورئيس الوزراء الأسبق، نجيب ميقاتي. السبهان التقى أيضاً رئيس الوزراء الأسبق وزعيم تيار «المستقبل»، سعد الحريري، الذي أعلن دعم رئيس «التغيير والإصلاح»، وكذلك رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النائب وليد جنبلاط، الذي عبَّر مؤخراً عن الموقف نفسه. وشملت اللقاءات رئيس الوزراء الحالي، تمام سلام، والرئيس السابق، ميشال سليمان، ورئيس الوزراء الأسبق، فؤاد السنيورة، ورئيس حزب القوات، سمير جعجع، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، النائب طلال أرسلان، والنائب ميشال المر، ووزير الاتصالات، بطرس حرب، ووزير الداخلية، نهاد المشنوق، وقائد الجيش، العماد جان قهوجي، وكذلك الرئيس الأسبق، أمين الجميل، أحد رموز حزب «الكتائب». وأعلن «الكتائب» مؤخراً، على لسان رئيسه النائب سامي الجميل، رفض انتخاب عون. وعلى مستوى الطوائف الدينية؛ كان للسبهان 4 لقاءاتٍ مع المفتي، عبداللطيف دريان، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، عبدالأمير قبلان، والبطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، وشيخ عقل طائفة الدروز، الشيخ نعيم حسن. نجيب ميقاتي نقل عن السبهان، بعد لقائهما، ذات المعاني التي أكدها الوزير في أكثر من تصريح. ميقاتي صرَّح «المملكة لا تتدخل في هذا الموضوع (انتخاب الرئيس) بل تتحدث عن الوضع بشكل عام» و»سيانٌ لديها من سيكون رئيساً للجمهورية، يهمها المحافظة على وحدة اللبنانيين وأن يعود السلام والهدوء والاستقرار إلى بلادنا في المرحلة المقبلة». رئيس الوزراء الأسبق أفاد بأنه لمس خلال اللقاء حرصاً لدى المملكة، ملكاً وقيادة، على الاستمرار في رعاية لبنان كما كانت دائماً ومواكَبة التطورات الحاصلة، مشدداً «المملكة لم تكن بعيدة يوماً عن لبنان واللبنانيين، ففي أشد الظروف التي مر بها لبنان وأصعبها، كانت المملكة خير أخ كبير». ميشال المر، الذي شغل سابقاً منصب نائب رئيس الوزراء، أبدى ارتياحه لزيارة موفد المملكة، ونوَّه بالمواقف السعودية الداعمة لبلاده على الدوام، معتبراً أنها لم تقصِّر يوماً في تقديم العون والمساعدة للبنانيين على الخروج مما يمرون به من أزمات. وتطلع المر إلى مزيدٍ من الزيارات والتواصل بين البلدين، مشدداً على اهتمام بلاده بهذه العلاقات الأخوية التاريخية. السبهان، بدوره، أبلغ المر بأن المملكة حريصة دوماً على لبنان واستقراره وما يشكله من نموذج عيش مشترك وتنوع «فهو بوابة العرب على الغرب». وعلى مدى ساعة؛ امتد لقاء وزير الدولة لشؤون الخليج العربي بسمير جعجع. وشكل الملف الرئاسي، بحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس حزب القوات، المحور الأساسي للحديث بين الجانبين. مفتي لبنان عدَّ، بعد زيارة السبهان دار الفتوى، العلاقات بين البلدين تاريخية وممتازة. ووصف الشيخ عبداللطيف دريان لقاءات الموفد السعودي بأنها «دليل محبة ودعم لشعب لبنان الذي يكنّ لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين وولي ولي عهده والحكومة السعودية وشعبها الطيب كل احترام وتقدير لدعمها ومساعدتها لبنان وكافة الدول العربية». وذكر المفتي أن «الشعب اللبناني سيقى وفيّاً لمملكة الخير على وقفاتها إلى جانبه والحفاظ على أمن بلاده واستقرارها السياسي». وفي المقر البطريركي في بكركي؛ تركَّز لقاء موفد المملكة والبطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على عمق الروابط والصداقة بين البلدين وتميز علاقاتهما المشتركة. «كما كان توافقٌ على رفض كل أشكال التطرف والعنف والإرهاب الذي يهدد المنطقة بأسرها، الذي تنبذه كل الأديان»، بحسب بيانٍ صدر عن المقر البطريركي. وعلاوةً على المستجدات اللبنانية؛ كانت الأوضاع على الساحة الإقليمية حاضرةً في أحاديث موفد المملكة مع الساسة ورجال الدين اللبنانيين والعماد جان قهوجي، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية «واس» والوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في بيروت. وذكرت «الوطنية» أن اللقاء مع الوزير المشنوق استمر ساعة كاملة، حيث عرض الجانبان مجريات الملف الرئاسي في لبنان و»أجريا جولة أفق واسعة حول مستجدات الوضع في لبنان والعالم العربي». وحضر القائم بالأعمال بالنيابة في سفارة المملكة، المستشار وليد بخاري، اللقاءات.