اتهم عالم دين سعودي إيران بأنها هي التي تقوم بدعم تنظيم القاعدة للقيام بأعمال تخريبية في المملكة، وهي تصريحات تعيد العلاقات السعودية الإيرانية إلى نقطة الصفر بعد "انفراجية" قمة المؤتمر الإسلامي بمكة المكرمة. واتهم الداعية الشيخ عبدالعزيز الفوزان إيران بالضلوع "بمساعدة ودعم الفئة الضالة "في إشارة إلى تنظيم القاعدة" للقيام بأعمال تخريبية واستهدافية بالمملكة، مستغلة في ذلك جهل بعض شباب المملكة وحماستهم الدينية". يشار إلى أن اتهامات الفوزان لإيران بدعم القاعدة، خصمها العقائدي، لم تكن الأولى بالسعودية. فقد كشف القائد الميداني لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب محمد العوفي في اعترافات بثتها وسائل الإعلام عن وجود مخططات ومؤامرات أعدتها استخبارات دول أجنبية لضرب مصالح نفطية في السعودية. ووفقا لاعترافاته، كشف العوفي عن علاقة الاستخبارات الإيرانية والمتمردين الحوثيين بتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" واستعدادهم لمدِّهم بالمال والأسلحة اللازمة لتنفيذ العمليات الإرهابية. إلى ذلك، سبق أن ذكرت تقارير استخبارية غربية عن فرار قيادات من القاعدة إلى إيران بعد الهجوم الأمريكي على أفغانستان والإطاحة بحكم طالبان، وأن سعد بن لادن، ابن زعيم القاعدة، واحد من هؤلاء، وقد عمل كوسيط بين القاعدة وإيران. وتميط التقارير اللثام عن أن إيران دخلت في صفقة سرية مع القاعدة تسمح لها بتحويل الأموال والمقاتلين عبر أراضيها إلى أفغانسان والعراق واليمن، على أن تكون "القاعدة" ورقة بيد إيران في صراعها مع الأمريكيين. ويشير مراقبون إلى أن إيران وظفت ورقة القاعدة في العراق من خلال تأجيج الصراع الطائفي بين مجموعات القاعدة "السنية" ومليشيات بدر "الشيعية" بغاية منع حل سياسي بالعراق لا يراعي مصالحها الاستراتيجية ومصالح حلفائها من الأحزاب الدينية الشيعية. ويفسر المراقبون الموقف الإيراني المتناقض بدعم القاعدة ذات الخلفية المذهبية المناقضة لها، بالعمل على خدمة مصالحها الاستراتيجية، بقطع النظر عن الصراعات التاريخية والمعارك الكلامية التي تملأ الفضائيات الدينية. وكانت العلاقات السعودية الإيرانية قد شهدت خلال قمة المؤتمر الإسلامي بمكة "14 أغسطس الحالي" ما يشبه الانفراجة بعد الاستقبال الحار الذي لقيه الرئيس الإيراني أحمد نجاد من العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، ما حدا بمحللين ومتابعين إلى توقع انتعاشة العلاقات الثنائية وانعكاسها الإيجابي على الملفات الإقليمية خاصة الملفين السوري واللبناني. لكن "الانفراجة" لم تدم طويلا، إذ سيغيب العاهل السعودي عن فعاليات قمة عدم الانحياز المقررة الخميس والجمعة بطهران، وسيمثله في القمة نجله الأمير عبد العزيز. وبدأ العاهل السعودي، أمس، جولة الى الأردن والمغرب ومصر، تختتم بزيارة إلى الولاياتالمتحدة قالت أوساط سعودية إن الغرض منها إجراء بعض الفحوص الطبية، بينما اعتبرها محللون رسالة واضحة إلى إيران. وقال المحللون إن الرسالة تقول لطهران إن الحفاوة التي لقيها نجاد بمكة المكرمة ناجمة عن رغبة قوية من الرياض بأن تحصل تهدئة بين الجانبين تنعكس إيجابيا على الوضع في سوريا، لكن تواصل الدعم الإيراني للأسد ورفضها رحيله دفع القيادة السعودية إلى الغياب عن قمة عدم الانحياز. وتشهد العلاقات الإيرانية السعودية "والخليجية عموما" توترا مستمرا بسبب مواقف طهران من ملفات تخص المنطقة، فهي تدعم الاحتجاجات بالبحرين والقطيف "شرق السعودية"، وهو ما تعتبره الرياض تدخلا في الشأن الداخلي لدول الجوار. وترفض طهران الاعتراف باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى" وتعارض دعوة أبو ظبي إلى الحوار أو الالتجاء إلى التحكيم الدولي لحل الخلاف. كما تعارض دول الخليج النزوع المحموم لإيران نحو التسلح، وخاصة امتلاك السلاح النووي، لما لها من تأثير على استقرار المنطقة، فضلا عن محاولات طهران ابتزاز الجيران عبر التلويح بإغلاق مضيق هرمز وتهديد حركة الملاحة وعملية تصدير النفط.