الفرصة مواتية للرئيس الإيراني كي يحني الظهر، إلا أن مراقبين يتوقعون أن يكون الموقف السعودي أكثر تشدداً وبرودا. الرياض – يشارك الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في القمة الإسلامية الطارئة التي تعقد بالسعودية وسط توقعات بأن تذيب هذه الزيارة الجليد المتراكم بين القوتين الأبرز بالمنطقة. وقال محمد رضا فرقاني، المدير العام للشؤون الدولية بمكتب رئيس الجمهورية إن نجاد تلقى دعوة من العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز للمشاركة في القمة المقرر عقدها يومي 14 و15 أغسطس/آب. ويقول مراقبون إن زيارة نجاد إلى السعودية ستكون العنوان الأبرز للقمة التي ستكتفي بتدارس الأوضاع في سوريا وبورما إضافة إلى مواضيع روتينية. ويذهب بعض المراقبين إلى القول إن نجاد سيذهب إلى الرياض ليواصل خيار التشدد ويطلق تصريحاته النارية باتجاه قوى إقليمية ودولية بينها السعودية. لكن متابعين للعلاقات الإيرانية الخليجية لا يستبعدون أن يحاول نجاد التهدئة في القمة ويسعى لامتصاص غضب دول إسلامية محورية (السعودية، تركيا، مصر) من التحركات الإيرانية في الخليج ودور طهران في دعم النظام السوري. ويشدد المتابعون على أن من مصلحة طهران على الأقل تحييد مواقف بعض الدول الإسلامية في صراعها مع واشنطن حول الملف النووي وخاصة حول وجودها القوي في العراق ولبنان، بالإضافة إلى محاولة تجنب العقوبات المفروضة غربيا على الاقتصاد الإيراني. وفيما تبدو الفرصة مواتية لنجاد، خلال لقائه المرتقب بالعاهل السعودي على هامش القمة، كي يحني الظهر قليلا ويجنح إلى التهدئة، إلا أن مراقبين يتوقعون أن يكون الموقف السعودي أكثر تشددا وبرودا. وهناك ملفات كثيرة تنحو الرياض فيها باللائمة على طهران، وأولها التحركات الاحتجاجية للشيعة شرق البلاد مسنودين بالتحريض السياسي والإعلامي القادم من إيران. ودأبت السلطات السعودية على اتهام دوائر أجنبية "في إشارة إلى إيران" بالوقوف وراء التحركات التي يقوم بها شيعة المملكة. ويقول مراقبون إن إيران تسعى لدفع الشيعة السعوديين إلى الانتفاض كردة فعل على الدور السعودي الساعي إلى محاصرة طهران وضرب مصالحها في المنطقة؛ بدءا بمساندة المعارضة السورية على الإطاحة بحليف استراتيجي، مرورا بتقوية خصوم حزب الله في الساحة اللبنانية وتغذية الحملات الهادفة إلى نزع سلاحه، وصولا إلى الانخراط في الحصار الغربي على خلفية قضية السلاح النووي. ويشهد التنافس بين القوتين الإقليميتين أوجه في الأشهر الأخيرة، وفي الوقت الذي ساندت فيه طهران الاحتجاجات بالبحرين وهللت لانتصار "ثورة" على خطى الثورة الإيرانية، بادرت السعودية إلى الدخول في الملف البحريني عسكريا وسياسيا وماليا لتثبيت الأسرة الحاكمة وكسر شوكة المحتجين. وفي سوريا، تحاول إيران بكل جهدها أن تمنع سقوط نظام الأسد، ومن ثمة سقوط ذراعها القوية في لبنان حزب الله الذي مثل ورقة تفاوض قوية بالنسبة إليها مع الدول الكبرى. لكن تقارير إعلامية تقول إن السعودية ومعها قطر وتركيا نزلت بثقلها إلى جانب المعارضة السورية وصارت تزودها بالسلاح فضلا عن الدعم الدبلوماسي والإعلامي يجعلها "بديلا مقبولا" لدى القوى الإقليمية والدولية. ويقول المراقبون إن السعودية تحاول أن تقطع الطريق على أي تأثير إيراني محتمل في المنطقة، وهي من تتحمس الآن إلى تحريك "الوحدة الخليجية" للوقوف بوجه إيران التي تهدد المنطقة بتحريك شيعة السعودية والبحرين واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث والتلويح بإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط. وينتظر أن تكون القمة الخليجية المقرر عقدها بالرياض في ايلول (سبتمبر) فرصة مواتية للسعودية للتحشيد ضد الدور الإيراني. وفي اليمن، تسعى الرياض، التي ستستضيف مؤتمرا للمانحين في ايلول (سبتمبر) القادم لدعم اقتصاده، إلى تقوية الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي ليتصدى للحوثيين ويمنع إيران من ساحة خصبة للتحرك. وفي سياق متصل، نجحت السعودية في وأد تقارب كان سيتم بين طهران والرئيس الإخواني الجديد لمصر، وقد استقبلت محمد مرسي في أول زيارة له إلى الخارج في مهمته الجديد، وصرح إثرها أن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة إليه. ويخلص مراقبون إلى القول إن نجاد سيكون "نجما إعلاميا" في قمة الرياض، لكن دون أن يمنعه ذلك من التعرض للنقد حول السياسات الإيرانية في المنطقة.