كنت وما زلت على يقين بأن إيران تُذكّي العاطفة الدينية والمذهبية، وتستغل أموالها لشراء ولاء حركات وأحزاب عربية، لخدمة أجندتها وشعاراتها، و «تسمن» طابوراً خامساً ينافح عن ممارساتها وسياساتها التخريبية ضد دول المنطقة، وكتبت عن ذلك سابقاً وسأكتب لاحقاً ولاحقاً. إيران تزرع في المنطقة شوكاً لا ورداً، ولا تألو جهداً في التدخل بشؤون دول الجوار، وتدعم جماعات متمردة خارجة عن إرادة الدول، وتهدّد بحرب جديدة «لا تبقي ولا تذر»، لجعل منطقة الخليج تحت رحمة برنامجها النووي المؤثر على عواصم البلدان الخليجية أكثر من تأثيره في عاصمتها (طهران). الخميس الماضي، تمخض الجمل فولد فأراً، وهذا ليس مستغرباً على سياسات إيران، إذ قالت إن الجزر الثلاث المتنازع عليها مع دولة الإمارات «ستبقى إيرانية إلى الأبد»، حسبما نسبت وكالة الأنباء الإيرانية (مهر) «شبه الرسمية» إلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي. ويتساءل قشقاوي معرباً عن أسفه كيف تطرح قضية الجزر في بيان الاجتماع المشترك ال19 بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، كون الأمر من وجهة نظره متعلقاً بوحدة الأراضي الإيرانية. لا أعلم هل يريد قشقاوي إفهام الخليجيين ما يجب عليهم مناقشته خارجياً وما لا يجب عليهم، وأن يحدد لهم ماهية القضايا التي يحق لهم مناقشتها مع الدول الأخرى؟ وكأن دول الخليج تحت الوصاية الإيرانية أو حزب في عهدتها، تعود مرجعيته إليها كما هي حال «حزب الله» اللبناني. يعلم هذا المسؤول الإيراني مدى غطرسة بلاده بشأن ملف الجزر، ورفضها الدائم لكل المحاولات الخليجية للتفاوض، أو الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية لفض النزاع، وكلها باءت بالفشل، بسبب التعنت والرفض الإيرانيين، ومصادرتها لمحاولات دول مجلس التعاون لحل هذه القضية سلمياً، بل يعتبر قشقاوي ان طرح قضية الجزر في محافل دولية، وتدخل أطراف ثالثة لن يساعدا في حلها. وفي هذا التصريح يبدو انه يتذاكى أو (...)، لكونه يعرف ان بلاده تحتل تلك الجزر منذ أربعين عاماً، وترفض منذ ذلك الحين كل المحاولات الديبلوماسية من دول الخليج وغيرها. يعتبر النظام الإيراني اليوم متورطاً وداعماً لمنظمات تخريبية، والشواهد أصبحت تساق في اعترافات خلايا اعتقل بعض عناصرها في العراق واليمن والسعودية ولبنان وغيرها، فمثلاً خلال اعترافات القائد الميداني في «تنظيم القاعدة» في الجزيرة العربية محمد العوفي، اشار إلى أن إيران تموّل مخططات «القاعدة» في الجزيرة العربية، كما أن السلطات الأمنية العراقية أعلنت قبل أسبوع عن اعتقال خلية تابعة ل «القاعدة» تتكون من ستة أشخاص من محافظتي الديوانية والأنبار، والتلميحات تشير إلى تورط إيران. لم تعد العلاقة بين «القاعدة» والاستخبارات الإيرانية، خفية أو مستترة، وسبق ان نشرت صحيفة «ذي ديلي تلغراف» البريطانية، تقريراً يؤكد وجود صلات بين «الحرس الثوري» الإيراني و «القاعدة»، عندما كشفت عن فحوى رسالة بعث بها أيمن الظواهري إلى «الحرس الثوري»، يشيد فيها بدعم طهران خلال هجوم «القاعدة» على السفارة الأميركية في اليمن، وهو ما يتطابق مع ما ورد في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الأخير، الذي أبقى إيران في مقدم الدول الراعية للإرهاب. لا شك ان الخطر الإيراني واضح لكل مراقب لا ينساق وراء طموحاتها وسياساتها «غير المقبولة» في المنطقة، إلا أنه على رغم ذلك، لا تزال هناك جهات «مستفيدة»، تنافح عن «عبثية» إيران، وترقص لشعارات رئيسها أحمدي نجاد عندما يهاجم إسرائيل، متجاهلة ما يحدثه من خراب داخل البيت العربي، وهو جزء من اللعب على الحبال لمصالح شخصية وإقليمية. [email protected]