غلب على التغيير الوزاري الجديد دخول وجوه شابة جديدة لمجلس الوزراء لمواصلة سعي الدولة الحثيث نحو الإصلاح والتطوير، كل الأماني الطيبة بالتوفيق والسداد للسادة الوزراء والمسؤولين الجدد، ونقول لهم مجددا ما قلناه لأسلافهم: هذه فرصة عظيمة توهب لكم لتقديم ما لديكم لتحقيق أماني القيادة في التقدم والازدهار وخدمة الشعب بكل تفانٍ وإخلاص، وأن أمامكم مئة يوم ثم يبدأ الإعلام بمحاسبتكم وتفقد أعمالكم. كل التحايا والتقدير أيضا لمن أخذ فرصته من المسؤولين السابقين ثم غادر منصبه وقد بذل جهده وطاقته وأدى واجبه في خدمة وطنه ولا عزاء للمقصرين. أكثر ما لفتني في التشكيل الجديد طابعه الإداري الهادف لتفعيل الأداء الحكومي بتجديد حركته البيروقراطية وروتينه العتيق، تحديدا إلغاء بعض اللجان الكبيرة والعليا ذات الشنة والرنة، والتي لم نر لها نتاجا ملموسا طوال سنين، بل بعضها لم نكد نسمع به، إما لقلة اطلاعنا كمواطنين وإما لعدم نشاطهم كمسؤولين. عشرة مجالس أو أكثر تم إلغاؤها دفعة واحدة، وأنشئ مجلسان يكاد عملهما يشمل عمل الملغاة جميعا، مجلس للشؤون السياسية والأمنية، وآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، هذه المحاور الأربعة تشكل عماد عمل واهتمام الدولة الآن، وهي توجه لها كافة طاقتها البشرية والمادية لتحقيق المرجو من عشرات السنين. ولعل خطط التنمية توكل لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وأحد أعضائه وزير التخطيط، وهو ما طالبت به منذ زمن، لأن وزارة واحدة لا تكفي لإحداث التنمية والتخطيط لها في آن. أمر آخر لفت نظري ويعضد اعتقادي بالتوجه الإداري الجديد، تنظيم اللجنة العامة لمجلس الوزراء وتطوير إجراءات سير العمل فيها، ذلك أن مؤسسة ضخمة بحجم مجلس الوزراء بحاجة لتحديث بيروقراطيتها هي الأخرى، لذا صدر التوجيه الكريم بارتباط الأمانة العامة للمجلس باللجنة العامة مباشرة، وأن تكون هيئة الخبراء أحد أجهزة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهذا يقضي على التضارب والتداخل الحاصل بين الأمانة العامة للمجلس ولجنته العامة ويحل لغز تبعية هيئة الخبراء. كنت أتمنى، والإنسان بطبعه طماع، أن يطال التغيير تركيبة مجلس الشورى وتطوير آليته، ليس شرطا فرض الانتخاب الآن، لكن مزيدا من الصلاحيات قد يؤازر ما اتخذ من خطوات تطويرية ويضمن لها الانسيابية والتنسيق اللازمين، بالخصوص فيما يتعلق باقتراح الأنظمة الجديدة ومدى إلزاميتها، ليس شرطا مناقشة الميزانية قبل اعتمادها، يكفي الآن مناقشة واضعيها ومنفذيها لرؤية كيف تلتقي النهايات ببداياتها.