إنه عهدٌ جديد؛ ذلك الذي دشنه الملك سلمان بن عبدالعزيز بحزمة القرارات التاريخية التي صدرت أمس الأول. عهدٌ جديد في التطوير والإصلاح واستكمال مسيرة التنمية. عهدٌ يُدرك بدقة وعمق ما هو المطلوب من الدولة السعودية إزاء أبنائها، وإزاء مُحيطها الإقليمي والدولي. وفي حجم تلك القرارات؛ يظهر الخطاب السعودي الجديد. خطاب يختزل الرغبة الحقيقة والجادة في تطوير البلاد ومواجهة التحديات والمتغيرات التي تواجهها دول العالم قاطبة. خطاب أعاد به الملك سلمان صياغة الرؤية الخلاّقة لرسم ملامح مستقبل الوطن الكبير. خطاب وحّد الجهود، وقلّص قنوات البيروقراطية، وركّز أدوات العمل لتمارس مسؤولياتها التنموية والخدمية عبر مؤسسات أساسية. عهدٌ جديدٌ لم يُطلقه الملك سلمان مكتفياً بإرادته الفردية، بل أضاف إليها فهمه الواقعي لإرادة الشعب السعودي، وتطلعاته. ومن واقع هذه الرؤية المنطقية القائمة على استقراء المستقبل؛ وضع الجميع قبل أيام قليلة أمام الصورة الكاملة، في أول حديث له. ونبّه إلى موقع المملكة في منطقة تشهد عديداً من الأزماتِ، وما أَفْرزَته هذه الأزمات من تحدياتٍ كبيرة. ونوه بنجاح المملكة في تماسكها، وهو ما جعلَها واحةَ أمانٍ في محيط مضطرب. لم يكن الملك المسؤول يهمسُ، بل صرّح وتحدّث بصراحة وصدق، وطمأن أبناءه إلى إدراك القيادة لهذهِ التحدياتِ وتداعيَاتِها. وأمس الأول؛ انتقل الخطاب السعودي الجديد إلى عمل تجسد في 34 أمراً ملكياً، تضمنت اختيار 13 وزيراً جديداً ليمارسوا مسؤولياتهم في إطار «حكومة كفاءات»، ووضع مقاييس أداء تمكن القيادة من تحقيق أهدافها. كما تضمنت الأوامر تركيز عمل المؤسسات الأساسية، وإلغاء المجالس القديمة، ليحل مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية محل المجالس الملغاة, ليدلّ ذلك على الإصلاح والتطوير الإداري وتقوية أجهزة الدولة وإلغاء البيروقراطية وتمكين مجلس الوزراء من ممارسة كافة صلاحياته في السلطة التنفيذية وبناء استراتيجيات فعالة. وما يجمع كلّ هذا الحجم من القرارات هو المحتوى النوعيّ الذي يركز على أنَّ التطوّرَ الحقيقي هوَ الذي يتمّ وِفْقَ خطى موزونةٍ, ويصبّ في صَميم مصلحةِ الوطن والمواطن. وهي مصلحة تحتضن متطلَّبات رفاهيَةِ المواطن، والتنميةِ المستدامةِ، ومصالح أجيال الحاضر والمستقبل. الأوامر الملكية أتبعها الملك برسالة لشعبه قال فيها «إنكم تستحقون أكثر». وهذه الرسالة تبين أنها الخطوة الأولى, ضمن خطوات من الدعم والإصلاح والتطوير. يؤكد ذلك عملياً الحزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي أمر بها بحجم 110 مليارات ريال.. هذا الرقم الكبير مؤشر واضح إلى ذلك.. عطاء لم ينسَ أحداً، ودعم لن يتخطى مواطناً.. ووراء كلّ ذلك العطاء ملك واحد.. سلمان بن عبدالعزيز.