أوضح مثقفون أن تنوع البرامج الثقافية والشخصيات المشاركة في دورة المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) هذا العام يؤكد تمتع المملكة بشفافية الرأي، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن استضافة أسماء مميزة على مستوى العالم يضفي على المهرجان الوطني تنوعا في الأطروحات. ورأوا أن البرنامج الثقافي للمهرجان هذا العام يتمتع بالجرأة والطرح القوي والشمول، ويضم المجالات السياسية، الاقتصادية، والثقافية، لافتين إلى أن تنوع التوجهات الفكرية للشخصيات المشاركة يسهم في إكساب المهرجان جماهيريته الواسعة.. «عكاظ» ناقشتهم حول أبعاد وانعكاسات انفتاح البرنامج الثقافي للجنادرية على كل التوجهات الفكرية في تفاصيل الاستطلاع التالي: في البدء، أشار المشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الدكتور سعيد المالكي إلى أن الجنادرية تتمتع في الفترة الحالية بالصبغة العالمية، كما يعرض لأبنائنا تراث الأجداد العريق، لافتا إلى أن جهود الحرس الوطني واضحة في إنجاح البرنامج. وقال: «تميز الجنادرية نابع من استيعاب الأسماء المختلفة والرؤى المتنوعة على منبر واحد، وهذا يشكل عامل جذب للمهتمين بالتراث والثقافة والفنون». وأضاف: «هذا التنوع يشير إلى شفافية الرأي، كما أن استضافة أسماء مميزة على مستوى العالم سيضفي على المهرجان التنوع في الأطروحات». وأفاد بأن برنامج مهرجان الجنادرية يتسم بالثراء والقوة في عدد من المجالات، خصوصا وأنه يمزج بين الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي. وذكر أن من يلاحظ مهرجان الجنادرية السنوي يرى حجم الجهود الجبارة التي يتحملها القائمون على تنظيم البرنامج؛ بهدف إبراز أصالة التراث وثقافة المجتمع السعودي وطابعه المميز من خلال ما يقدمه المهرجان من نشاطات فريدة ومتنوعة، مضيفا أن المهرجان يقدم رسالة مهمة في عدد من القضايا المتنوعة والشخصيات المشاركة في المهرجان تثري الفكر العربي والعالمي على السواء، ما يسهم في إكساب المهرجان جماهيرية واسعة، وأبان أن المهرجان يتمتع بإقبال كافة أطياف المجتمع، ما يعزز من جماهيرته. تنوع التوجهات من جهته، بين أستاذ العلاقات العامة والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور عبدالله بانخر أن الجنادرية شهد هذا العام تنوعا فريدا في الشكل والمضمون، مؤكدا أن اختيار شخصية هذا العام الدكتورة ثريا عبيد يعتبر انتصارا جديدا للمرأة السعودية على كل المستويات. وأشار بانخر إلى أن التنوع في اختيار الشخصيات من مختلف الدول والتخصصات صبغ هذا العرس الثقافي بالشمولية والإلمام، وأن اختيار جمهورية الصين الشعبية ضيف شرف للمهرجان في دورته الحالية يحسب من نجاحات الجنادرية للعام الحالي، كما أن الاختيار الموفق للقضايا ومناقشة المواضيع المطروحة ومناقشتها بشفافية أثري فعاليات المهرجان. ومن جانبه، رأى الباحث والأكاديمي الدكتور مرزوق بن تنباك أن الجنادرية في كل عام تضيف شيئا جديدا على كافة برامجها، مشيرا إلى أن فعاليات هذا العام تميزت بالتنوع، خصوصا أنها استضافت مشاركين من الخارج لهم باع طويل في تخصصاتهم، قائلا: «الجنادرية توفقت كثيرا في اختياراتها». استحضار التجارب من ناحيته، أبان الكاتب والإعلامي حسين شبكشي أن فعاليات الجنادرية تضم جوانب إيجابية تدل على حجم تبادل الأفكار واستحضار التجارب والانتقال من تجربة لأخرى، والاستماع إلى الأفكار المحلية والإقليمية والدولية والاستفادة منها، ودعا إلى تحويل هذه التجارب إلى توصيات يتم طرحها كورقة عمل في ذات المهرجان. في سياق متصل، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور وحيد حمزة هاشم: «إن هذا الحراك شيء طبيعي، فالمملكة تمثل مركز ثقل لكل المنطقة، سواء من الناحية الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية». وأضاف: «الوطن السعودي محور لكل العالم الإسلامي ومركز ثقل للعالم العربي وأهم منطقة اقتصاد في كل المنطقة، ولا بد أن ينعكس ذلك على الجنادرية أو أي حدث إقليمي أو دولي يقام بالمملكة، وهنا نستحضر المكاسب التي تتمثل في تبادل الآراء والأفكار ودعوة قادة الفكر بالمنطقة وكذلك على المستوى الدولي، فهذا بحد ذاته استفادة لنطلع على ما لديهم، وهم كذلك يطلعون على ما لدينا، والجنادرية يظهر للعالم مكانتنا لديهم، وهذه فائدة كبرى»، وأعرب هاشم عن أمنيته في استمرار فعاليات الجنادرية وعدم الاقتصار على حدث واحد خلال العام، وطالب باستثمار الاتصالات القائمة والبناء عليها في إقامة ندوات مستمرة. وأكد أستاذ العلوم السياسة أن لهذا النوع من الفعاليات تأثيرا كبيرا وواسع النطاق على العالم والرأي العالمي في سبيل دعم قضايانا العادلة، لافتا إلى أن المملكة منطقة جذب، وهناك دول تسعى لإقامة مثل هذه المؤتمرات، لكنها لا تمثل جذبا لضيوفها. وقال: «المملكة منطقة جذب لها مزايا متعددة، سواء بالنسبة للدول الإسلامية أو فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي فضلا عن أن الأفراد يتطلعون إلى معرفتها عن قرب وتثير اهتمامهم البالغ، وهذا يجب استثماره خلال العام كله». كسر الخطوط من جانبها، رأت أستاذة تاريخ المرأة بجامعة الملك سعود الدكتورة هتون الفاسي أن فعاليات المهرجان تعد مؤشرا إيجابيا، وتمثل محاولة لكسر بعض الخطوط التي يعتقد أنها حمراء على الدوام، ومحاولة للتعاطي مع الواقع على اعتبار أنه لا حدود تفصلنا عن معرفة الحقيقة، سواء في ظل وجود الإعلام الإلكتروني أو الفضائيات المتعدد. وقالت: «الجنادرية يحاول مواكبة هذه الأجواء، وتلك محاولة ذكية منه لتحريك الساكن في الجو الثقافي والتفاعل مع الوضع القائم فعلا»، واقترحت أن يكون المهرجان قائما كنشاط ثقافي عبر مؤسسة وطنية تقوم بكل النشاطات المتعلقة بالعمل الثقافي والتراثي، وتكون المؤسسة ذات شخصية اعتبارية. من ناحيته، رأى الكاتب الدكتور توفيق السيف أن العالم العربي تغير بعمق خلال السنتين الماضيتين على المستوى العام وعلى مستوى كل دولة ومجتمع، مشيرا إلى أننا نحتاج إلى مفاهيم جديدة لمعالجة وقراءة وتوصيف الوضع القائم اليوم. وأضاف أن البرنامج الثقافي لمهرجان الجنادرية ينبغي أن يقدم رؤية جديدة ومعالجات للقضايا الجديدة أيضا، معربا عن أمنيته ألا يعيد المهرجان إنتاج الأفكار القديمة، وخصوصا أن الأسماء كبيرة والعناوين كبيرة. وأوضح الدكتور سعيد أبو عالي أن عناوين المحاضرات والندوات المعتمدة في البرنامج الثقافي لمهرجان الجنادرية عناوين جاذبة وتخاطب حاجتنا إلى التفكير فيما يتعلق بهويتنا القومية ومستقبل مشروع النهضة الوطنية في بلادنا. وقال: «أرجو أن يكون هذا البرنامج الثقافي والفكري فيما احتواه خطوة لنا على طريق النهضة والتنوير». من جهته، رأى الأديب أحمد يحيى البهكلي أن كل موضوع من موضوعات البرنامج الثقافي يصلح لأن يكون محورا لمؤتمر كامل، حيث تتسم الموضوعات بالأهمية محليا وعربيا وعالميا. وأضاف أن موضوع اللغة العربية وتحديات الهوية موضوع ملح، ويجب أن يناقشه المختصون والمفكرون وأساتذة الجامعات وأعضاء المجامع اللغوية لإيجاد الحلول لكثير من المشكلات اللغوية القاصرة في ظل مزاحمة اللغات الأجنبية والعاميات المنتشرة في أنحاء العالم العربي. وقال الكاتب والإعلامي حماد السالمي: «بدون شك البرنامج الثقافي للجنادرية يتضمن عناوين جديدة وعميقة، ويبدو أنها مدروسة بعناية، وتنطلق ببرنامج مهرجان الجنادرية إلى آفاق أوسع عربيا وإسلاميا ودوليا، وهذا ما يطمح إليه المثقف السعودي»، موضحا أن وجود أسماء كبيرة في الجنادرية يضفي على المهرجان قيمة كبيرة.