بعد تخفيض وتحديد المهور، لازال دخول الشباب للقفص الذهبي تعترضه العقبات، في ظل وجود ظاهرة المغالاة في هدايا المجوهرات الثمينة التي يطلق عليها (الخطبة) وهدايا الذهب التي تعرف ب (الزهبة) والكوشة وصالة الأفراح، والتي وصلت تكاليفها في بعض الأحيان إلى مئات الآلاف من الريالات. وفيما أوضح بعض الشباب أن هذه الظاهرة ترهقهم ماديا وتدخلهم في دوامة من الديون والقروض، أيدتها بعض الفتيات، وأكد الشيخ محمد الهذلي إمام وخطيب مسجد العاكور في تربة، أن مظاهر الوجاهة الاجتماعية الكاذبة قبل الزواج، وما تكلفه من مصاريف باهظة، تثقل كاهل الزوج، وتهدد استقرار الأسرة وتماسكها، وقد تكون عاملا رئيسا في تفككها، ووقوع الطلاق نتيجة كره الزوج لسلوك زوجته المظهري الاستهلاكي المادي. وقال محمد فهد السالمي «لم تكتمل فرحة الشباب بتحديد المهور في الكثير من مناطق المملكة، في ظل وجود فخ ظاهرة حفلات الخطوبة والهدايا التي تقدم للفتاة قبل الزواج، ما يدل على أن العادات الاستهلاكية المظهرية لازالت متعمقة وراسخة لدى الكثير من الأسر التي تترك لفتياتها تحدد هدايا خطبتها وصالة الأفراح التي تصل بعض تكاليفها إلى مائة ألف ريال، إضافة إلى التكاليف الباهظة التي ترافق الإعداد للخطوبة قبل الزواج، حيث تصل في كثير من الحالات إلى حد الإسراف والتبذير غير المبرر». ويرى محمد عويش عيد، أن هناك آثارا سلبية مدمرة ستلحق بالفتاة السعودية إن لم تتخل عن هذه العادات، وقال «إن تمسك الفتاة بعادة فرض جلب هدايا ثمينة لها ممن يرغب في الاقتران بها، يساهم إلى حد كبير في عزوف الشاب عن الزواج، على الأقل لكيلا يتورط في قروض بنكية كبيرة خصوصا لذوي الدخل المحدود». من جانبه أوضح محمد معيوف البعيجان من جدة، أن ظاهرة المغالاة في الهدايا أثناء الخطبة والشبكة تتفاوت من منطقة إلى أخرى، ففي بعض المحافظات تصل تكاليف الخطبة من الهدايا والوليمة إلى خمسين ألف ريال وذلك بسبب الفتيات اللواتي ساعدن على ترسيخ هذه الظاهرة الخاطئة في المجتمع. أما الفتاة ( ص . م . ا ) فقد كان لها رأي آخر أيدت فيه هذه الظاهرة، مضيفة «أعتقد أن المظاهر الاجتماعية مطلوبة، ولا تستطيع الفتاة مهما كانت ثقافتها، أن تتجاهلها خصوصا إذا تلقت أخواتها أو قريباتها أو صديقاتها هدايا عند الخطبة تبلغ آلاف الريالات على هيئة مجوهرات أو هدايا قيمة، حتى يبرهن العريس مقدار ما يكنه من تقدير لعروسه لتتفاخر أمام أهلها وصديقاتها بما جلبه لها عريسها من مجوهرات الخطبة والأحجار الكريمة». وفي المقابل رفضت الفتاة ( ف . س . م ) المغالاة في هذه الظاهرة المكلفة، وقالت «إن الفتاة المتدينة العاقلة يجب ألا تلتفت لثمن وقيمة هدية الخطبة، خصوصا أن ثقافة الفتاة السعودية تجعلها تهتم في المقام الأول بشخصية من يريد الارتباط بها، بأسلوب حياته وما يعتنقه من مبادئ وقيم نبيلة». وتضيف: يجب على الفتاة ألا ترهق من يتقدم إليها إذا كان يرغب في الارتباط بها لدينها وخلقها، بالمطالب المادية الباهظة التي تنفره منها وتجلب عليه مشكلات كثيرة كالاستدانة والاقتراض للوفاء بإلتزامات مظهرية لا تجدي نفعا في تكوين أسرة متماسكة.. من جانبه حدد الشيخ محمد الهذلي إمام وخطيب مسجد العاكور في تربة، رأي الشرع في هذه الظاهرة، فقال «إن ديننا الحنيف يوجه بضرورة تخفيف تكاليف الزواج، فما بالك بتكاليف هذه الظاهرة البذخية، ويبين ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيسرهن مؤنة أكثرهن بركة) والمؤنة تشمل كل شيء بهذا الخصوص، ومن إرشادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه للرعية (لا تغالوا في صداق النساء فإنها تكون عداوة)، وهذا توجيه مهم لأن المتأمل في أبعاد المغالاة في حفل الخطوبة يدرك مدى العداوة التي سيحملها الزوج لزوجته التي أرهقته بمصاريف الزواج، حيث يضطر للاستدانة ويلجأ للقروض وفوائدها المثقلة لكاهله، ولأن الزوج يرجع أسباب ضغوطه المادية لزوجته، يسيء معاملتها باعتبارها السبب في الضائقة المادية التي يعاني منها».